خاطرة في التعامل مع ولي الأمر


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. 

وبعد: فمن تأمل وصايا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الحاكم يجدها بارزة في أربعة أمور:

  • الأمر بالسمع والطاعة.

  • وأداء الواجب على الرعية. 

  • والصبر على الأثرة.

  • والنصيحة السرية.

ففي حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- جمع بين الأمرين.

قال عبادة -رضي الله عنه-: «دعانا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبايعناه فقال فيما أخذ علينا: "أن بايعنا والطاعة في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله؛ إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان".».

وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها»، قالوا: «يا رسول الله! فما تأمرنا؟». قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم». (متفق عليه).

وفي حديث أسيد بن حضير -رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار قال: «يا رسول الله! ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟». فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض». (متفق عليه).

وفي حديث عياض بن غنم: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه».

وغيرها من الأحاديث يصب في هذا المصب: فإما لزوم السمع والطاعة، أو الأمر بالصبر.
وعلى هذا كانت طريقة السلف وعلى رأسهم الصحابة -رضي الله عنهم-.

ومن تمام وصيته -صلى الله عليه وسلم- في مسألة السمع والطاعة أن قيدها بما كان معروفًا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الطاعة بالمعروف».

فحين التأمل لهذه الوصايا نجد أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- لم يرشد الأمة إلى الوسائل المعاصرة للتغيير: كالمظاهرات، والانقلابات، والمسيرات المطالبة بتنحي الحاكم، والتي تدعو إليها بعض الجماعات الضالة كالإخوان.
ولا إلى الوسائل المنحرفة الأخرى: كالقتل، والاغتيال، والتدمير، والتفجير، والتي تتمثل في أعمال تنظيم القاعدة أو الدواعش، ونحوها من الجماعات المتولدة من سابقتها.
وهذه الوسائل لم تجر على الأمة سوى سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وتدمير الدول، وتهجير الناس من بيوتهم، بل وترك الدين!! وغيرها من المفاسد الكبيرة.

فتبين إذن أن هذه الوسائل وسائل محدثة تعارض دلالات النصوص الشرعية.

وخير الهدي هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها.

 

كتبه: محمد بن غالب العمري 
20 محرم 1437
2 نوفمبر 2015.