أصول مهمة لأهل الإسلام عند تعايشهم مع غير أهل الإسلام


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله الذي شرع الدين القويم, وجعله الصراط المستقيم, والصلاة والسلام على النبي الأمين, الذي نصح وبلغ البلاغ المبين, حتى صار ليله كنهاره للناس أجمعين, وارض اللهم عن صحابته أجمعين ومن اقتفى أثرهم وسار نهجهم  إلى يوم الدين.

أما بعد…

فهذه قواعد مختصرة يحتاجها المسلمون عند تعايشهم مع غير المسلمين من يهود أو نصارى أو غيرهم, يتميز بها لهم دين الإسلام من دين أهل الأوثان والصلبان؛ إذ قد ابتلي كثير من المسلمين بالتعايش مع أهل الديانات المختلفة المخالفة للإسلام([1]), مما أدي إلى تأثر بعض المسلمين بشبههم لضعفهم وقلة علمهم بأحكام الإسلام, فأردت توضيح بعض الأصول التي لا غنى للمسلمين عنها ليميزوا أنفسهم بتحقيق دينهم والتمسك بشريعتهم التي بها النجاة والسعادة والرقي والرفعة, وبالبعد والإعراض عما سواه من الأديان التي هي سبب للخسارة والشقاوة والانحطاط الخلقي والهبوط السلوكي .

 وأسال الله بمنه وكرمه أن ينشر دينه ويعلى كلمته وينصر أهل الإسلام.

الأصل الأول: أنَّ اللهَ -تبارك وتعالى- جعلَ دينَه الإسلامَ الذي هو الاستسلامُ لله بالتوحيدِ والانقيادِ له بالطاعةِ ونبذِ الشركِ وأهلِه, وبهذا اتفقت دعوة جميع الرسل.([2])

والدليل قوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ} آل عمران: ١٩

 قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} النساء: ١٢٥

 

الأصل الثاني: أنَّ دينَنا الإسلامِي أُسّسَ على, إحسانِ العبادةِ لله وذلك بتحقيق الإخلاصِ في الدينِ ومتابعة رسول رب العالمين, وإحسانِ المعاملة مع عباد الله أجمعين.

فدليل إحسان العبادة لله قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}الذاريات: ٥٦

وقوله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }الكهف: ١١٠

وقوله:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}الملك: ٢

وقوله:{وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُواْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيّمَةِ}البينة: ٥

ودليل إحسان المعاملة مع عباد الله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم  :”ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق“([3]), وقول صلى الله عليه وسلم :”وخالق الناسبخلق حسن“.([4])

 

الأصل الثالث:أن ديننا الإسلامي هو الدين الكامل في عقائده وعباداته وأخلاقه ومعاملاته فهو الذي رضيه الله وختم به الأديان ونسخها به, فلا أحسن منه ديناً ولا أصدق منه تشريعاً.

والدليل قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً}المائدة: ٣

وقوله:{وَتَمّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاّ مُبَدّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ}الأنعام: ١١٥

وقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} الأحزاب: ٤٠

وقوله:{وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ }المائدة: ٤٨

وقوله:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} المائدة: ٥٠

 الأصل الرابع: أن ديننا الإسلامي هو الدين الظاهر المنصور من الله, المحفوظ من التحريف والتغير والتبديل, وما سواه من الأديان فقد حرف وبدل وغيّر.

والدليل على ظهور الدين قوله تعالى:{هُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} التوبة: ٣٣

ودليل حفظ الدين قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر: ٩

ودليل تحريف دين أهل الكتاب قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ}النساء: ٤٦

وقوله: {أَفَتَطْمَعُونَ أن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمّ يُحَرّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} البقرة:75

الأصل الخامس: أن الله لا يقبل من الأديان ديناً سوى دين الإسلام لا يقبل اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسة ولا غيرها.

والدليل قوله:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} آل عمران: ١٩

وقوله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}آل عمران: ٨٥

 الأصل السادس: أن ديننا الإسلامي لا يقبل أن يشاركه أو يقارب به أو يوحد به دين سواه فلا تقارب بين الأديان ولا حرية للأديان, فلا دين إلا دين الإسلام.

والدليل قوله تعالى:{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ أن صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوّلُ الْمُسْلِمِينَ} الأنعام:161-163

وقوله تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}آل عمران: ٦٧

مع قوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}النحل: ١٢٣

 الأصل السابع: أن ديننا الإسلامي حكم على جميع الأديان بأنها باطلة لا يجوز اعتقادها, ولا اعتقاد إسلام من اعتقدها, فلا يجوز اعتقاد صحتها ولا الشك في ذلك بل ولا التوقف.

والدليل قوله تعالى:{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة: ٣٠ – ٣١

وقوله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنّ كَثِيراً مّنْهُم مّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ}المائدة:64

وقوله:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} المائدة: ٧٢-74

وقوله{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الفاتحة: ٦ – ٧ فالمغضوب عليهم اليهود والضالون النصارى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”والذي نفسي محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار“([5]).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله“.([6])

 الأصل الثامن:أن غير أهل الإسلام من اليهود والنصارى, يعلمون أن الدين الإسلامي هو الدين الحق لكن رفضوه كفراً وحسداً.

والدليل قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} البقرة: ١٠٩

وقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}البقرة:146

وقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } الأنعام: ٢٠

 الأصل التاسع:أن غير أهل الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم, لا يزالون بأهل الإسلام كيداً ومكراً حتى يردوهم عن دينهم, نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم.

والدليل قوله تعالى:{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} البقرة: ١٢٠

وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ* وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} آل عمران: ١٠٠ – ١٠١

وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} آل عمران: ١٤٩ – ١٥٠

 الأصل العاشر:أن ديننا الإسلامي هو أعلى الأديان وأرفعها وأعزها فلم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً لا في سلطان ولا رياسة ولا غيرها.

والدليل قوله تعالى: { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا } النساء: ١٤١

 

الأصل الحادي عشر: أن ديننا الإسلامي حرّم اتخاذ الكفار أولياء, وحرم محبتهم ومودتهم من دون المؤمنين, مع كونه أجاز معاملتهم على حسب ما يوجبه دين الإسلام.

والدليل قوله تعالى: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة: ٢٢

وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} المائدة: ٥١-52

وقوله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}آل عمران:28

الأصل الثاني عشر: أن ديننا الإسلامي حرّم التشبه بغير أهل الإسلام فيما يختصون به من أعيادهم وملابسهم وشعائرهم, وقطع الطمع على المسلمين في النظر فيما عندهم من زهرة الحياة الدنيا, وتقلبهم في البلاد.

والدليل قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} طه: ١٣١

وقوله : { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ } آل عمران: ١٩٦ – ١٩8

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من تشبه بقوم فهو منهم“([7]).

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :”لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم” قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال:” فمن“.([8])

الأصل الثالث عشر: أن الله تعالى هو الذي سمى أهل الإسلام بالمسلمين, وجعل الله الرسول شاهداً على أهل الإسلام, وجعل أهل الإسلام شهداء على الناس.

والدليل قوله تعال: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } الحج: ٧٨

الأصل الرابع عشر: أن الإسلام حث وأوجب دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام- لا قبول دعوتهم لأهل الإسلام- وبين طريقة دعوتهم وذلك بمجادلة أهل العلم لهم بالتي هي أحسن, مع البداءة بالتوحيد ونبذ الشرك

والدليل قوله تعالى: { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت: ٤٦

وقوله: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } آل عمران: ٦٤

عن ابن عباس أن معاذاً قال بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:”إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمنهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمنهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب“.([9])

الأصل الخامس عشر: أن العصمة لأهل الإسلام بتعلم الدين الإسلامي جملة وتفصيلاً, وذلك بالتمسك والعمل بالكتاب والسنة والرجوع إليهما, وفهمهما على فهم خير القرون, وأخذهما من أهل العلم الناصحين الربانيين.

والدليل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} البقرة: ٢٠٨

قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} آل عمران: ١٠٣

وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } النساء: ٥٩

وقوله: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا } النساء: ٨٣

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله, وسنة نبيه“.([10])

والحمد لله الذي منّ علينا بالإسلام, وعصمنا بالقرآن , وأرسل إلينا محمد خير الأنام. فاللهم صلّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين

 


([1])  إما تعايشاً ومخالطة بالأجساد أو تعايشاً قلبياً بالأفكار والأرواح من خلال شاشات التلفاز والانترنت.

([2])  الإسلام له معنيان الأول: المعنى العام وهو الاستسلام لله بالتوحيد ونبذ الشرك وهو دين جمع الرسل.

الثاني: المعنى الخاص الذي يزيد على الأول بالتعبد بشريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

يراجع مختصر الإيمان ابن تيمية (195).

([3])  رواه أبو داود (4801)

([4])  رواه الترمذي (1987)

([5])رواه مسلم(153)

([6])  رواه مسلم(23).

([7]) رواه أبو داود(4033)

([8]) رواه البخاري (7319), ومسلم (2669).

([9]) رواه البخاري(1458), مسلم (19)

([10]) رواه البيهقي في السنن (20917),والدارقطني (4606),والحاكم في المستدرك(1/93). وصححه الألباني في الصحيحة(1761).