خاطرة عن فقه الفتن


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد : فقد جاء في الحديث عن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى عَلَيْه وَسَلَّم أنه قال: "إِن السَّعِيْد لَمَن جُنِّب الْفِتَن، إِن السَّعِيْد لَمَن جُنِّب الْفِتَن، إِن السَّعِيْد لَمَن جُنِّب الْفِتَن -يُرَدِّدُهَا ثَلاث مَرَّات- وَلِمَن ابْتَلَى فَصَبْر فَوَاهاً".

وفي الحديث فوائد؛ منها:

أولاً: وجوب اجتناب الفتن؛ ويؤكد هذا المعنى ما جاء في غير هذا الحديث:"تعوذوا بالله من الفتن".

ثانياً: أن هذا من سعادة المرء.

ثالثاً: أن هذا يتعلق بعموم الفتن التي لا يتبين فيها الحق من الباطل.

رابعاً: عدم السعي في الفتن طلبا لأجر الابتلاء. يوضح هذا سبب رواية الحديث، حيث قال جُبَيْر بْن نُفَيْر : جَاءَنَا الْمِقْدَاد بْن الأَسْوَد لِحَاجَة لَه، فَقُلْنَا لَه: اجْلِس عَافَاك الْلَّه حَتَّى نَطْلُب لَك حَاجَتَك، قَال: فَجَلَس، فَقَال: لَعَجَب مِن قَوْم مَرَرْت بِهِم إِنَّمَا يَتَمَنَّوْن الْفِتْنَة، يَزْعُمُوْن لِيَبْتَلِيَهُم الْلَّه فِيْهَا، مَا أَبْلا رَسُوُلِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَصْحَابِه.. ثم ذكر الحديث.

خامساً: جواز تكرار الجملة للتأكيد.

سادساً: فضيلة الصبر وأن عاقبته حسنة.

سابعاً: اللجوء إلى الله لا سيما أزمنة الفتن؛ لأن الله هو من يجنب العبد الفتن.

ثامناً: التعجب لمن ينجو من الفتن؛ وذلك لكثرة الهالكين وقلة الناجين، وهذا التعجب دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث "فواهاً".

فائدة: ليس كل فتنة تجتنب وإنما الفتن التي لا يعرف فيها الحق من الباطل؛ أما الفتن الواضحة البينة التي يعرف فيها الحق من الباطل فيجب فيها نصرة الحق ورد الباطل.

 قـــال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: " الأحاديث المتعلقة بالفتن والتحذير منها محمولة عند أهل العلم على الفتن التي لا يعرف فيها المحق من المبطل, فهذه الفتن المشروع للمؤمن الحذر منها, وهي التي قصدها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " القاعد فيها خير من القائم , والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي " الحديث. أما الفتن التي يعرف فيها المحق من المبطل والظالم من المظلوم فليست داخلة في الأحاديث المذكورة ، بل قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب نصرة المحق والمظلوم على الباغي والظالم" [ مجموع الفتاوى والمقالات ( 7 / 363 ) ].

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

 

 

وكتبه: محمد بن غالب العمري
صباح يوم الثلاثاء
28 محرم 1437.
10 نوفمبر 2015.