مهمات ونصائح في الحج


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد

جاء في الأثر: " افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ"، ومن مواسم الخير العظيمة موسم الحج،  الذي تضاعف فيه الأجور، وتترفع فيها الدرجات، وتكفر فيها الخطايا والسيئات، وتتنوع فيه العبادات والطاعات. فهنيئا لمن أجاب داعي الله، وحج بيته، وطاف وسعى ورمى ونحر وحلق، وبر في حجه، فعسى أن يكون ممن رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

في هذا العرض اليسير سأتكلم عن بعض الأحكام والوصايا التي يحتاجها المسلم عموما ومريد الحج خصوصا ، فأقول مستعينا بالله طالباً منه التوفيق.

المسألة الأولى : وجوب الحج ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، والصحيح من أقوال أهل العلم: أن من توفرت فيه الشروط، وانتفت عنه الموانع، وجب الحج عليه على الفور، ولا يجوز له أن يؤخره  بلا عذر، والدليل على ذلك :

أ – قوله تعالى : " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " وقوله تعالى : " فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "

وجه الدلالة: أن الله عز وجل حثَّ عباده المؤمنين على المسارعة والمسابقة في فعل الطاعات وخصوصا الفرائض التي يحب الله من العبد أداءها قبل النوافل، وذلك استعداداً للقاء الله تعالى يوم تعرض الأعمال عليه في يوم القيامة، والقول بالتراخي يتنافى مع هذه الدلالة .

ب – ما رواه الإمام أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي: الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ " والحديث حسنه الألباني -رحمه الله- في الإرواء 4/168 .

ووجه الدلالة ظاهر من الحديث، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – يأمر بالتعجل في أداء فريضة الحج، لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له من أحوال قد تعوقه عن أداء هذه الفريضة.

ج – عن عمر بن الخطاب قال : " لِيَمُتْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، وَجَدَ لِذَلِكَ سَعَةً وَخُلِّيَتْ سَبِيلُهُ .." قال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة 10/166 : وهذا إسناده حسن.  وهذا الأثر فيه الترهيب الشديد لمن قدر على أداء فريضة الحج ثم تكاسل عنها.

المسألة الثانية : وجوب الإخلاص في الحج:  وتحقيق الإخلاص في الحج من أعظم مقاصده وحكمه، ومن تأمل أذكار الحج والآيات القرآنية التي ذكر الله فيها الحج وأحكامه يرى ذلك ظاهراً جلياً.

فتأملوا رحمكم الله قوله تعالى : "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : " يستدل بها على أمور وذكر منها : وفيه الأمر بإخلاصهما لله تعالى "

وقال تعالى : " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " فبدأ بذكر اسمه جلّ وعلا للدلالة على أن هذه العبادة – وغيرها- إنما تكون لله تعالى.

ولما أهلَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالحج قال : « اللَّهُمَّ حِجَّةٌ لاَ رِيَاءَ فِيهَا وَلاَ سُمْعَةَ ».

وخطورة عدم الإخلاص تكمن في وقوع العبد الشرك ، ومن ثم يرد عمله، قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِى فَأَنَا مِنْهُ بَرِىءٌ وَهُوَ لِلَّذِى أَشْرَكَ ».

المسألة الثالثة : ليكن شعارك في حجك : أحج كما حج النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو ركن المتابعة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في العبادة.

وقد حثهم صلى الله عليه وسلم على أخذ المناسك عنه مباشرة فقال : "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"

ولقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على تحقيق الاتباع في حجهم، ففي حديث جابر رضي الله عنه وهو يصف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : فقدم المدينة بشر كثير (وفي رواية: فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكباً أو راجلاً إلا قدم، فتدارك الناس  ليخرجوا معه كلهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعمل مثل عمله )

وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جاء إلى الحَجَرِ فقبَّله، فقال:" إني أعلم أنك حَجَرٌ لا تنفع ولا تضرٌ، ولولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبِّلك؛ ما قبَلتك "

وروى البخاري عَنْ سَالِمٍ قَالَ: " كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لاَ يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِى الْحَجِّ ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ . قَالَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَأَنْظِرْنِى حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِى ثُمَّ أَخْرُجَ . فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى ، فَقُلْتُ –أي سالم- إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ . فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَدَقَ "

فتأمل

وروى مسلم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» ، قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «يُفِيضُ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ بِمِنًى» ، وَيَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ "

وفي ذلك دلالة على تأسي المسلم بالنبي - صلى الله عليه وسلم- في أفعاله في العبادة.

 المسألة الرابعة : هذه المتابعة للسنة في الحج تحتاج إلى العلم الشرعي، وطلب علم المناسك لمريد الحج فرض عين قال صلى الله عليه وسلم: " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيْضَة عَلَى كُلِّ مسلِم "

 المسألة الخامسة : مما يعين على حسن المتابعة اختيار حملة الحج المناسبة التي لا يهدف صاحبها إلى تحقيق الربح المادي فحسب ولو على حساب حج الناس، بل يسعى بالإضافة إلى التجارة إلى معاونة الناس على إتمام حجه.

ولا بد من أن تسأل عن واعظ الحملة وهل هو من المعروفين بالعلم واتباع السنة أم لا؟؟

وقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على تأمير العالم على أمور الحج ومسائله، فهذا عبد الملك بن مروان يأمر الحجاج أن يتبع الصحابي الجليل ابن عمر –رضي الله عنهما- ولا يخالفه في الحج.

وفي زمن الفقيه عطاء بن أبي رباح – رحمه الله- كان ينادى في الحج: ولا يفتى الناس في الحج إلا عطاء.

المسألة السادسة : فقه التيسير في الحج .

هذه العبارة حق، ولكن البعض استعملها ليحقق الباطل من ورائها .

ووتأصيل هذه المسألة في نقاط فأقول :

أولا : من صفات شريعتنا الغراء أنها شريعة اليسر والسهولة والتخفيف ورفع الحرج، فلا يوجد فيها تكليف بما لا يطاق ، قال تعالى : "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"

وقال صلى الله عليه وسلم : (إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ) قال ابن الأثير: " أرادَ أنَّه سَهْلٌ سَمْحٌ قَلِيلُ التَّشْدِيد "

ومن القواعد الفقهية الكبرى في ديننا الحنيف قاعدة : المشقة تجلب التيسير .

ثانيا : التيسير في الحج مبني على الرخص الشرعية وليس على الأهواء ،  فالعبادات توقيفية تؤدى كما أمر بها الله ورسوله، فلا يزاد ولا ينقص ولا يبدل إلا بدليل شرعي .

كما أن الرخصة والتيسير في العبادات على خلاف الأصل الذي فرضت عليه العبادة وما كان على خلاف الأصل احتاج إلى دليل.

ثالثا : التيسير والرخص في العبادات مبنية على حصول العذر أو المشقة  الخارجة عن المعتاد في أداء العبادة، وإلا فإن العبادة قد تصاحبها مشقة لا تنفك عنها، وهذه لا أثر لها في التخفيف، كمشقة الصوم في اليوم الحار الطويل، أو الخوف من الهلاك في الجهاد، أو مشقة السفر للحج وطلب العلم.

والمشقة الخارجة عن العبادة يشترط لها أن تكون حقيقية غير متوهمة .

رابعا : الحج فيه من التيسير الشيء الكثير مما دل عليه الدليل ومن ذلك :

أ – التيسير في فرضيته، فهو فرض على المستطيع ويسقط عن العاجز.

 

فروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ "

ج - التيسير في الاشتراط عند الإحرام .

فمن خشي من عائق يعوق إتمام نسكه من مرض ونحوه جاز له أن يشترط، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ « حُجِّى وَاشْتَرِطِى أَنَّ مَحِلِّى حَيْثُ حَبَسْتَنِى ».

د -  من التيسير ما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ « مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ ».

هـ - من التيسير في الحج الجمع بين الصلاتين في عرفة ليتفرغ الناس للدعاء، وفي مزدلفة ليستعد الناس لأعمال اليوم العاشر.

و جواز التقديم والتأخير في أعمال اليوم العاشر  " فَمَا سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ "

ز – سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء .

 

المسألة السابعة : الأصل أن المرأة والرجل في أعمال الحج سواء، إلا ما خصه الدليل لأحدهما.

ومما خصت به المرأة :

أ – اشتراط المحرم لوجوب الحج عليها . وهذا الشرط خاص بالمرأة التي تحتاج إلى سفر لأداء المناسك.

وأما الدليل عليه :

1 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ مَعَ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ زَوْجِهَا أَوْ ذِى مَحْرَمٍ »

« لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ » . فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِى جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِى تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ « اخْرُجْ مَعَهَا » وفي رواية : " ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ "

وفي رواية للدارقطني : " ولا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم " وصححها أبو عوانة كما نقله ابن حجر والألباني في السلسلة الصحيحة ح 3065

مسألة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المحرم شرط لوجوب الحج وإذا حجت المرأة بدون محرم صح حجها  ولكنها تأثم لأن المحرمية لا تحتص بالحج.

والمحرم هو زوجها  أو من يحرم عليها على التأبيد بنسب وقرابة كأخ وخال وعم وابن الأخ وابن الأخت والأب، أو بسبب مباح كالرضاع كأبيها من الرضاع وأخيها من الرضاع وابنها من الرضاع ،  أو المصاهرة مثل أبو زوج المرأة وابن زوج المرأة وزوج أم المرأة التي دخل بأمها.

ويشترط في المحرم البلوغ والعقل لأن المقصود منه حماية المرأة وصيانتها .

بب -  يسن للمرأة الاغتسال ولو كانت حائضا أو نفساء لقوله صلى عليه وسلم لأسماء بنت عميس لما نفست : " اغْتَسِلِى وَاسْتَثْفِرِى بِثَوْبٍ ثُمَّ أَهِلِّى "

فأمرها  صلى الله عليه وسلم  أن تغتسل مع أنها نفساء ، فدل على أنه من سنن الإحرام.

فرع: لا يجوز لها أن تأخر الإحرام إلى بعد طهارتها من الحيض أو النفاس بل تحرم من ميقاتها

المسألة الثانية: ماذا ترتدي المحرمة من اللباس عند الإحرام .

للمرأة أن تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بالزينة، ولا تلبس القفازين ولا تنتقب ولا تغطي وجهها إلا أن يمر الرجال قريباً منها فتغطي وجهها حينئذ.

ج - تمنع الحائض والنفساء من الطواف بالبيت لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت :" فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ ".

د - لا يسن للمرأة الرمل حول الكعبة ولا السعي الشديد بين الميلين .

قال ابن المنذر: " أجمع أهل العلم، على أنه لا رمل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع. وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد، ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للتكشف"

هـ - المرأة لا تحلق رأسها وإنما تقصر من كل قرن أنملة .

أو تجمعه ثم تقص منه قدر مفصل الإصبع . وذلك لحاجة المرأة للتزين والتجمل بشعرها .

و - يرخص للحائض والنفساء في ترك طواف الوداع . فروى البخاري عن ابن عباس قال : رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت .

 

المسألة الثامنة: للحج أركان لا بد من فعلها ، ولكن ما حكم من ترك ركنا من أركان الحج.

 ومن ترك ركناً لم يتم نسكه إلا به وتفصيل ذلك :

أ - من ترك الإحرام لم ينعقد نسكه.

ب -  إن كان الركن يفوت فإنه في هذه الحال يفوته الحج كالوقوف بعرفة، فمن فاته الوقوف بعرفة بأن خرج فجر يوم العاشر ولم يقف فقد فاته الحج، لأن الوقوف بعرفة ركن، وينتهي بفجر يوم العاشر، فلا يمكن الإتيان به.

ج – إن كان الركن لا يفوت ويمكن قضاؤه فلا يصح الحج إلا بأن يأتي به كطواف الإفاضة

 

المسألة التاسعة : ترك الواجب .

له أحوال  :

أ – أن يترك الواجب بدون عذر فهذا يأثم وعليه دم يذبح ويوزع على فقراء مكة

ب – أن يترك الواجب لعذر فلا إثم عليه وعليه دم يذبح ويوزع على فقراء مكة

لقول ابن عباس رضي الله عنه قال :" من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليرق دما "

المسألة العاشرة : ارتكاب الحاج لمحظور من محظورات الإحرام.

إذا فعل المُحرم شيئاً من المحظورات فله ثلاث حالاتٍ:

الأولى: أن يكون ناسياً أو جاهلاً أو مُكرَهاً أو نائماً، فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك، لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة: 286) ، وقوله: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (الأحزاب: 5)، وقال الله تعالى في خُصوص المحظورات في الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ً) (المائدة: 95) ، فقيَّد وجوب الجزاء بكون القاتل متعمداً، فإن استمر عليه مع زوال العذر كان آثماً، وعليه ما يترتب على فعله من الفدية وغيرها.

الثانية: أن يفعل المحظور عمداً لكن لِعُذرٍ يبيحُه، فعليه ما يترتب على فعل المحظور ولا إثم عليه لقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (البقرة: 196)

الثالثة: أن يفعل المحظور عَمداً بلا عُذرٍ يبيحه، فعليه ما يترتب على فعله مع الإثم.

(مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة. الشيخ محمد بن صالح العثيمين . ص 56 باختصار)

المسألة الحادية عشرة: تحقيق تقوى الله في الحج وعدم ارتكاب الذنوب والمعاصي مع التوبة الصادقة

فإن الحج من أسباب مغفرة الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" رواه مسلم ، وهذا الجزاء العظيم إنما يتحقق لمن التزم التقوى في حجه، بأن أدى المأمورات، وترك المنهيات، فإن فعل ذلك فليبشر بهذا الجزاء العظيم، وهو مغفرة ذنوبه، وستر عيوبه، والفوز بالجنة، قال صلى الله عليه وسلم : " وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ " متفق عليه.

 

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .