قلنا لكم شيوخنا غير


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

 

إذا كان لكلِّ شعبٍ أن يفخر بحكَّامه الساعين في مرضاة الله الساهرين على مصالح عباده، فإننا في دولة الإمارات نفخر ونعتزَّ ونشيد بشيوخنا وحكَّامنا، ونحمد الله تعالى على أن وهبنا قيادةً حكيمةً رشيدةً أثبتت بفعالها ومواقفها أنها أهلٌ لكلِّ فخرٍ واعتزاز، فثمارُهم شاهدةٌ بذلك، حتى أصبح لسان حال ومقال أهل هذا البلد ناطقةً بأن «شيوخنا غير»، وهي مقولةٌ لم تأت عابرةً أو من فراغ، بل حقيقةٌ مستندةٌ إلى واقعٍ ملموسٍ مشهودٍ ينطق بما بذله حكَّامنا من جهودٍ متميزةٍ من أجل الارتقاء بالوطن والمواطن، وتوفير الخدمات المتنوعة وتسهيلها لكلِّ من يعيش على تراب هذا الوطن الغالي، وما هذه القفزات التي ارتقت بها دولة الإمارات في شتى المجالات وتفوَّقت فيها على وجهٍ قلَّ له نظيرٌ وفي زمنٍ غير مسبوقٍ، إلا دليل من الأدلة الشاهدة على صدق تلك المقولة.

 

ولم يقف تميُّز حكَّامنا عند هذا الحدِّ فقط، بل تعدَّاه إلى العطاء الإنساني الزاخر الذي أصبح مضرباً للمثل في العصر الحديث، ابتداءً من مؤسِّسي هذه الدولة وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهم الله جميعاً، الذين أرسوا دعائم هذه المبادئ السامية قولاً وعملاً على المستوى الداخلي والخارجي، نسأل الله أن يجعل لهم بها عظيم الأجر والمثوبة، ومروراً بحكامنا وعلى رأسهم رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الذي كان لشعبه نِعمَ الأب الرحيم وطالت أياديه البيضاء كثيراً من بقاع العالم، والذي استمر رعاه الله مع إخوانه الحكام وأولياء عهودهم في سقي شجرة العطاء الإنساني لتمتد فروعها وأغصانها وظلالها في مختلف أصقاع الأرض، للمحتاجين والمساكين والضعفاء والمنكوبين من الصغار والكبار والرجال والنساء، حتى أصبحت شجرةً باسقةً عميقة الجذور وارفة الظلال دانية الثمار تنطق بفم الحقيقة بأن «شيوخنا غير».

 

والآن ونحن على عتبات شهر رمضان الفضيل، نجد أنَّ بصمات شيوخنا متميزة في مبادراتهم الإنسانية، اقتداءً بنبي الأمة، صلى الله عليه وسلم، الذي كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، مبادرةً رمضانيَّةً بعنوان «سقيا الإمارات»، تهدف إلى توفير مياه الشرب النظيفة لخمسة ملايين إنسان حول العالم.

 

وهذا ليس بغريب على سموه، فقد أطلق حفظه الله، في رمضان الفائت حملةً لكسوة مليون طفل حول العالم، كما أنشأ قبل سنوات «دبي العطاء» لتعليم مليون طفل، إلى غير ذلك من المبادرات والحملات الإنسانية العديدة التي يطلقها حكَّامنا بين الفينة والأخرى في مختلف المجالات، من علاج وتعليم وغذاء وسقيا وكساء وبنى تحتية وغير ذلك. وهكذا هم قادتنا، محبُّون للخير، حريصون على توفير الخدمات الإنسانية داخل الوطن وخارجه، نسأل الله أن يبارك فيهم وأن يجزيهم خير الجزاء.

 

إنَّ هذه المبادرات الإنسانية تنطلق من أصول تضرب جذورها بعمق في هذه الأرض وفي وجدان أهلها، فهي تنطلق من مبادئ وقيم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يأمر ببذل المعروف ومساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف ابتغاء وجه الله تعالى، يقول الله سبحانه: {ويطعمون الطعام على حبِّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلُّ معروفٍ صدقة»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أغيثوا الملهوف».

 

ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «في كلِّ كَبِدٍ رطبَةٍ أجر»، والنصوص القرآنية والنبوية متضافرةٌ في تقرير هذا المعنى العظيم، كما أنَّ هذه المبادرات تنطلق من عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة، من الكرم والسخاء والجود واصطناع المعروف، وتنبع من المعدن الطيب الذي يتميَّز به قادتنا ومجتمعنا من بذل الخير ومساندة المحتاجين.

 

إنَّ هذه المبادرات الإنسانية تحمل لنا في طيَّاتها دروساً وعبراً جمَّة، منها: استحضار ما نحن فيه من نعمٍ وخيراتٍ، فنحمد الله تعالى الذي أغنانا من فضله العميم، يقول تعالى: {لئن شَكرتم لأزيدنّكم}، ويقول سبحانه: {وسنَجزي الشاكرين}، ومنها: أن نحمد الله تعالى على أن جعلنا اليد المنفقة الساعية في حوائج عباده.

 

وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم أهل هذه الخصلة بنيل محبة الله تعالى، فقال عليه الصلاة والسلام: «أحبُّ النَّاسِ إلى الله أنفعُهم للنَّاس»، ومنها: أن نحمد الله سبحانه على أنْ هيَّأ لنا حكَّاماً رحماء يذكِّروننا بأبواب الخير والمعروف فنقتدي بهم ونؤازرهم ونحمد صنيعهم، ومنها: التفكُّر في أحوال الفقراء والمساكين وذوي الفاقة والمنكوبين، لنستحضر نعم الله علينا ونزداد رحمةً بعباده وتصميماً على المضيِّ في بذل صنائع المعروف وإغاثة الملهوف.

 

ومن ذلك أيضاً: ما تعكسه هذه المبادرات الإنسانية من بيان عظمة هذا الدين الحنيف، وإظهار صورته الناصعة المشرقة ومبادئه السامية، فكم دخل أقوامٌ في دين الله أفواجاً بسبب المعاملة الطيبة والخلق الجميل، فعلموا أنَّ هذا الدين هو النور المبين الذي أنزله الله تعالى لسعادة البشر ورفع معاناتهم الروحية والمادية بما اشتمل عليه من تعاليم سامية، وأنَّ أهله هم أهل المعروف والإحسان والأخلاق الكريمة.