مسألة: حكم ستر الكفين و القدمين للمرأة في الصلاة


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 

بسم الله الرحمن الرحيم

      اختلف العلماء في حكم ستر الكفين و القدمين في الصلاة للمرأة على ثلاثة أقوال هي :

القول الأول: لا يجب ستر الكفين و القدمين في الصلاة .

وهو قول الثوري و المزني و أبي حنيفة واختاره ابن تيمية :واستدلوا بأن النساء على عهد رسول الله إنما كان لهن قُمص , فتبدي المرأة يديها إذا عجنت و طحنت و خبزت وكذلك قدميها , ولو كان ستر اليدين و القدمين في الصلاة واجباً لبيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمرهن بذلك كما أمرهن بالخُمر مع القُمص أثناء الصلاة .

      وكذلك قالوا أن ستر الوجه و اليدين في الصلاة لا يجب باتفاق المسلمين , وكذلك القدمان يجوز إبداؤهما ولا يجب سترهما قياساً على الوجه و اليدين , وقالوا أيضاً أن المرأة نهيت عن إبداء وجهها و يديها و قدميها للأجانب ولم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم , فعلم أنه ليس من جنس عورة المرأة مع المرأة التي نهي عنها فيجوز إظهار ذلك في الصلاة لأنه ليس من العورة فيها .

     وقالوا أيضاً أن إيجاب تغطية المرأة كفيها و قدميها في الصلاة فيه حرج كبير وهذا مناف لما دلت عليه النصوص من رفع الحرج عن هذه الأمة .

القول الثاني: يجب ستر القدمين وأما الكفان فلا يجب سترهما في الصلاة .

وهو قول الأوزاعي وأبي ثور وهو مذهب المالكية و الشافعية وبعض الحنابلة: واستدلوا بحديث أم سلمة لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أتصلي المرأة في درع و خمار وليس عليها إزار ؟ فقال (إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها ). ([1])

      وقد أٌعترض على هذا الاستدلال بأن هذا الحديث ضعيف من جهة السند وقد ضعَّفه الدارقطني وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني و الألباني وغيرهم , وكذلك لم يصح موقوفاً على أم سلمة لجهالة أم محمد بن زيد , ولذلك هو ضعيف سنن أبي داود  . ([2])

    واستدلوا بحديث (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان )([3])

قالوا : و الحديث يقتضي بعمومه ستر جميع بدنها في الصلاة و خارجها واعترض على هذا الاستدلال بإجماع العلماء على عدم وجوب ستر الوجه في الصلاة , فدلَّ ذلك على عدم وجوب ستر الكفين و القدمين أيضاً للحاجة ولأنها تسجد مع المصلي مع الوجه في حديث العباس أن رسول الله قال (إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف : وجهه و كفاه و ركبتاه و قدماه ).([4])

القول الثالث :يجب ستر الكفين و القدمين في الصلاة.

وهو رواية عن الحنابلة واستدلوا بأدلة عامة خارجة عن موضع الخلاف .

الترجيح :

 

*(سُئل ابن تيمية عن المرأة إذا صلت وظاهر قدمها مكشوف , هل تصح صلاتها ؟ فأجاب : هذا فيه نزاع بين العلماء , ومذهب أبي حنيفة صلاتها جائزة , وهو أحد القولين ...)..([5])

*وقال أيضاً ([6])الوجه و اليدان و القدمان , ليس لها (أي المرأة) أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين , أما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين , بل يجوز لها إبداؤهما في الصلاة عند جمهور العلماء كأبي حنيفة و الشافعي و غيرهما , وهو إحدى الروايتين عند أحمد , فكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة وهو الأقوى , وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم وأم سلمة قالت (تصلى المرأة في ثوب سابغ , يغطي ظهر قدميها ) فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم ,وبالجملة قد ثبت بالنص و بالإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها وإن كانت في بيتها , وإنما ذلك إذا خرجت , وحينئذ فتصلي في بيتها وإن روي وجهها و يداها و قدماها ) ثم قال ([7])(فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طرداً ولا عكساً , أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة , وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب , لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم , فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل و المرأة مع المرأة التي نهي عنها ....) ثم قال ([8])( وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جداً , ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجباً لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم , وكذلك القدمان) ثم قال ([9])

والحمد لله رب العالمين

كتبه :إبراهيم بن عبد الله المزروعي

 

 


 

(([1])رواه أبو داود و البيهقي وهو في ضعيف سنن أبي داود (640)

([2])(639)

([3])رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع (6690)

([4])رواه مسلم (207)

([5])الفتاوى(22/123)

([6])ص(22/114)

([7])ص 117

([8])ص118

([9])ص119