نصائح وتوجيهات للآباء والأمهات في تربية البنين والبنات


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 
القسم: 

الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله فهذه سلسلة تحمل نصائح وتوجيهات للآباء والأمّهات ضمّنتها بعض الأحاديث والآثار مع الميل إلى الاختصار أرجو أن تكون خالصة لوجه الله الكريم نافعة لجميع المسلمين.

1-  اعلم أن الحمل ثقيل فاستعن بالله على تربية أولادك فهو خير معين، فعن نمير الأشعري قال كانوا يقولون:"الأدب من الآباء والصَّلاح من اللَّه عز وجل". [كتاب العيال لابن أبي الدنيا(329)].

2-  دعاء الوالدين مستجاب فعليك بالدعاء لأولادك بالخير والصَّلاح، وإيَّاك والدُّعاء عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقون من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب». [رواه مسلم(3009)].

3-  احرص على اختيار أحسن الأسماء لأولادك، فكم للاسم من أثر على البنت والابن. قال ابن عباس رضي الله عنه:"من رزقه الله ولداً فليحسن اسمه وتأديبه فإذا بلغ فليزوِّجه" [كتاب العيال لابن أبي الدنيا (283) ].

4-  بادر بتكنية أولادك بالكنى الطَّيبة قبل أن تلحقهم الألقاب السَّيئة، واحذر أن تكون أنت من يلقِّبه بتلك الألقاب.قال الشّاعر:

    أُكنِّيه حين أناديه لأُكرمه     ***     ولا أُلقِّبه والسَّوأة اللَّقب

5-  احرص على غرس الإيمان والتَّوحيد في قلوب أولادك فهي الكلمة الطَّيبة والشَّجرة الثَّابتة المثمرة، قال جندب البجلّي رضي الله عنه: "كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فتيانٌ حزاورة-الصَّبي يقارب البلوغ-، فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن، ثمَّ تعلَّمنا القرآن، فازددنا به إيمانًا" [رواه ابن ماجة(61)].

6-  لقِّن أولادك كلمة التوحيد وعرِّفهم معناها؛ فإنَّها الأساس الذي يقوم عليه البنيان.

7-  اشعر ولدك مراقبة الله وعلِّمه أسماء الله وصفاته؛ لأنَّ لها في القلب واللِّسان والجوارح أثرٌ عظيم في صلاح الأولاد.

قال ابن القيم رحمه الله:« فإذا كان وقت نطقهم فليلقَّنوا لا إله إلا الله محمَّدٌ رسولُ الله وليكن أوَّل ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنَّه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا».[تحفة المودود (389)].

8-  احرص على غرس الإيمان بالرسل في قلب أولادك، وعلِّمهم سيرهم وما كانوا عليه من خير وصلاح ودعوة وإصلاح.

9-  ازرع في قلب أولادك حبَّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وعلِّمهم سيرته وأمُرهم باتِّباعه فإنَّ في متابعة سنَّته كلّ الخير وبتركها كلّ الشر.

10- اغرس في قلب أولادك محبَّة الصَّحابة وعلِّمهم أنَّهم أفضل الأمَّة بعد الأنبياء وأوقفهم على سيرهم وما قاموا به من نصرة الدِّين وما كانوا عليه من عظيم العلم والعمل والأخلاق.

11-لا تنس أن تغرس في قلب أولادك السَّمع والطَّاعة لولاة أمر المسلمين بالمعروف مع حفظ مكانتهم ومعرفة قدرهم.

12- ولا تنس أن تحذِّر أولادك من الطَّعن في ولاة الأمر وعلماء المسلمين حتى لا يخسروا الدِّين والدُّنيا.

13- حثَّ أولادك على لزوم الجماعة تحت ظلِّ ولاة أمرهم وقل لهم في الاجتماع الرحمة وفي الفرقة العذاب .

 كلّ هذه طريقها العلم فاحرص على تعليمهم وحثَّهم على التعلُّم قال الثوري رحمه الله: "ينبغي للرَّجل أن يُكره ولده على العلم فإنَّه مسؤول عنه". [سيرأعلام النبلاء للذهبي(7/273)]

14- جنِّب أولادك مجالس أهل الأهواء والبدع ولا تمكِّنهم من السَّماع منهم وعلِّمهم أنَّ هذا العلم دين فلينظروا عمَّن يأخذون دينهم. قال الإمام مالك رحمه الله:" لا تمكِّن زائغ القلب من أذنك فإنَّك لا تدري ما يعلقك من ذلك ". [الكتاب الجامع لابن أبي زيد(152)].

15- الصَّلاة الصَّلاة آمراً لهم في السَّبع وضارباً لهم على العَشر وإلاُّ كنت تتحمَّل تهاونهم وتضييعهم لها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصَّلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين». [رواه أبوداود(495)].

16- حذِّر أولادك من الجدال والخصومات؛ لأنَّها تفتح عليهم باب الشَّر والضِّيق والتَّفرق.

17- اغرس في قلب أولادك شكر النِّعمة، والنَّظر إلى من هو دونهم حتَّى لا يحتقروا نعمة اللَّه عليهم.

18-اعتنِ بتحفيظ أولادك القرآن وفهِّمهم معانيه وأمُرهم بالعمل بما فيه، وقل لهم: هذا كلام الله منه إليك فلا تخالف أمره فتهلك. فعن عبدالله بن عيسى رحمه الله قال :"لا تزال هذه الأمَّة بخير ما تعلَّم ولدانها القرآن". [كتاب العيال لابن أبي الدنيا (309)].

19- ربِّ أولادك على سلامة القلب وانشراح الصَّدر فلا حسد ولا سوء ظن ولا حقد ولا بغضاء.

20- علِّم أولادك مكارم الأخلاق وحُسن الجوار والابتسامة في وجه الفقراء والمساكين، وحذِّرهم من العبوس والتكبر. قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أدِّب ابنك فإنَّك مسؤول عن ولدك ماذا أدَّبته وماذا علَّمته وأنَّه مسؤول عن برك وطواعيته لك".[سنن البيهقي(4877)].

قال ابن القيم رحمه الله:"وممَّا يحتاج إليه الطِّفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه فإنَّه ينشأ على ما عوَّده المربي في صغره من حَرْد وغضب ولجاج وعجلة وخفة مع هواه وطيش وحدَّة وجشع فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرَّز منها غاية التحرُّز فضحته ولا بدَّ يوما ما، ولهذا تجد أكثر النَّاس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التَّربية التي نشأ عليها".[تحفة المودود(400)].

21- قل لولدك لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلاَّ بالتَّقوى فلا تحتقر من هو أضعف منك مكانة وأقلّ منك مالاً.

22- جنِّب أولادك مجالس اللَّغو والغناء واللَّغط، فكم لها من آثارٍ وخيمة وأمراضٍ على القلب لا تحمد عقباه.

يقول ابن القيم رحمه الله:"كذلك يجب أن يتجنَّب الصَّبي إذا عقل مجالس اللَّهو والباطل والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السُّوء فإنَّه إذا علق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر وعزَّ على وليّه استنقاذه منه فتغيير العوائد من أصعب الأمور يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية والخروج عن حكم الطَّبيعة عسر جدا". [تحفة المودود(400)].

23- إيَّاك وترك أولادك أمام التلفاز، فكم جمع من الفتن والشُّرور لا سيما فيما يسمَّى بالرُّسوم المتحركة.

24- علِّم أبناءك الرُّجولة وجنِّبهم مخالطة الإناث حتى لا ينشؤوا على الميوعة والأنوثة.

25- علِّمي بناتك الأنوثة والأمومة وجنبيهنَّ مخالطة الذّكور حتى لا تخرج لك مسترجلة.

26- جنِّب أولادك مشابهة الكفَّار في ملبسهم وأعيادهم وأخلاقهم فالنَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فمن تشبَّه بقوم فهو منهم »[رواه أبوداود(4033)].

 واحذر... فالمحاكاة الظاهرة تورث المحبة الباطنة والنَّبي صلى الله عليه وسلم يقول:«المرء مع من أحبّ».[رواه البخاري (6168)ومسلم(2640)].

27-كن لهم مراقباً ولا تترك الحبل على الغارب فإنَّ الطفل إذا شعر بالثقة العمياء قادته الأهواء واستغبى العقلاء.

28-لا تغلِّب سوء الظن فتتَّهمهُم بما لم يفعلوا وتحاسبهم بما لم يقترفوا.

29- لا تختر لهم الصَّديق! ولكن علِّمهم كيف يختارون الصَّديق من خلال دينه وعقله ووفائه.

قال إبراهيم الحربي رحمه الله: "جنِّبوا أولادكم قرناء السّوء قبل أن تصبغوهم في البلاء كما يصبغ الثوب" [ذم الهوى لابن الجوزي (266)].

30- جالس بهم الرِّجال والأدباء والعقلاء والعلماء وأهلهم للجلوس في مجالسهم فإن العقول تتلاقح

ولمَّا دفع عبد الملك ولده إلى الشَّعبي يؤدِّبهم قال رحمه الله:"علِّمهم الشِّعر يمجدوا وينجدوا وحسِّن شعورهم تشتدَّ رقابهم وجالس بهم علية الرِّجال يناقضونهم الكلام" [العيال لابن أبي الدنيا(323)].

31- كن لهم قُدوة ولا تسوغ لهم الهفوة بوقوعك في الزَّلة، فإنَّ العيون إليك ناظرة والأفعال عليك معقودة.

32- رتِّب لهم وقتهم ونظِّم لهم يومهم ولا تجعل أمرهم فرطاً فينشؤوا على هذا فيعتادوا على الإهمال والضياع إذا كبروا.

33- كن لهم صديقاً عندما يحتاجون للصَّداقة، وكن لهم أباً عندما يحتاجون للأُبوة، وكن له كالطَّبيب لا يعجل بالدَّواء حتى يعلم موضع الدَّاء.

34- اختلِ بهم ساعة ليخرِجوا ما في صدورهم من همومٍ وضيق ٍحتى لا تخرج عند من لا يحسن التَّوجيه.

35- خذهم في نزهة أسبوعية تتألَّفهم وتتقرَّب إليهم وتعلِّمهم فيها العوائد الطَّيبة والآداب الشرعية.

36-علَّمهم ما يحتاجون من سنن وأذكار يومية حتى يكونوا بربِّهم مرتبطين وبسنة نبِيِّهم متمسِّكين.

37-علِّمهم قبول النَّصيحة والتَّراجع عن الخطأ فكم في قبول النَّصيحة من الخير وكم في التراجع من فضيلة.

38- امسح على رأس طفلك وقبِّله وضمَّه إلى صدرك وحصِّنه بالأذكار الشرعية،  فكم لذلك من أثرٍ عليه وحفظ له، وقد جاء الحسين رضي الله عنه إلى النِّبي صلى الله عليه وسلم فقبَّله وقال له :« اللَّهمَّ إنِّي أحبُّه فأحبَّه وأحبَّ من أحبَّه».[ رواه البخاري(2122)].

39- كن رفيقًا معهم رحيمًا بهم، فالرِّفق ما دخل في شيء إلا زانه، قال أنس رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". [ رواه مسلم (2361)]، وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم :« ليس منَّا من لم يرحم صغيرنا».[رواه  البخاري في الأدب المفرد(356)]

40-لا دلال ولا غلظة وإنَّما كن معهم بين الحبِّ والهيبة، ولا يمنعك حبّه من إيصال الخير له وتأديبه، وكن كما كان شريح مع ابنه. فلقد كان لشريح القاضي رحمه الله ابن يدع الكتّاب ويذهب يلعب مع الصبيان والكلاب يهارش بها فدعا شريح بدواة ــ أي محبرة ــ  وصحيفة فكتب إلى مؤدبه:

ترك الصَّلاة لأكلُب يسعى لها

***  طلب الهراش مع الغـــواة الرجـــــــــــس 
فإذا أتـــــــــاك فعـــــــــظنَّه بمـــــــــــــــــــــــــــلامة ***    وعظْه موعظة الأديب الأكـيس
وإذا  هممــــــــــت  بضـــــــربه  فبدرة ***  وإذا ضــــــربت بها ثـــــــــلاثاً فاحبــــــــــــس 
واعلم بأنَّك ما أتـيـت فنفــســــــــه ***  مـــــع ما يجــــــــــرعني أعــــــــــــزّ الأنفـــــــــــــــس

[العيال لابن أبي الدنيا(279)].

41-إذا ضربت فاضرب لسبب ضربًا يناسب السَّبب وقتًا ومكانًا،  وإيَّاك وضرب الوجه أو ضرب الانتقام أو الضرب المؤذي واضرب ضرب مؤدِّبٍ محبٍّ مشفق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا تقل: قبَّح اللَّه وجهك» [رواه أحمد في المسند(9602)].

42- تابع أبناءك في المدارس والدراسة من حيث المستوى التَّعليمي والأخلاقي؛ فإن المقصِّر يزداد بالمتابعة  والمحسن يثبت على إحسانه إذا رأى من يتابعه، ولا تتشاغل عنه فإنّه من أهمِّ الواجبات عليك.

43- حثّ أبناءك على الجدِّ والنّشاط وجنِّبهم الكسل والبطالة فما أبعد الخير على أهل الكسل .

44- وقت الفراغ يضيِّع الشَّباب فلا تجعل وقته فارغاً بل املأ وقته فيما فيه خير لدينه ودنياه حتى لا ينشغل فيما لا يفيد في دنياه وأخراه.

45- جنِّب أولادك بذاءة اللِّسان وعوِّدهم على أحسن الألفاظ وجميل العبارات.

46- صاحب أولادك وانزل إلى مستواهم لترفعهم إلى مستويات العقلاء.

47-لا تمنع الطِّفل من اللَّعب المباح فإنَّها غريزة فيه، ولا تهمل التَّوجيه بحجة أنَّه طفل لعوب لا يعقل التَّوجيه.

عن الحسن أنَّه دخل منزله وصبيانٌ يلعبون فوق البيت فنهاهم رجل معه، فقال الحسن رحمه الله:" دعهم فإنَّ اللَّعب ربيعهم".[العيال لابن أبي الدنيا(590)].

48- تعاون أنت وزوجك على تربيتهم فوحدا طريق التَّربية ووضِّحا الهدف وتشاورا في اتخاذ القرار.

49- إيَّاك أن تختلف أنت وزوجك أمام الأولاد فتقلَّ الهيبة ويضعف التَّوجيه  فيضيع الأولاد بينكما فتسقطا من أعينهم.

هذا وأسأل اللَّه تعالى أن يوفِّق أطفال المسلمين للسَّير على طريقة خير المرسلين وأن يسلك بهم طريقة المتَّقين ويجنِّبهم طريقة الهالكين، وأسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل مباركًا خالصًا لوجه اللَّه تعالى نافعاً لعموم أطفال المسلمين.