وصية تلامس الواقع من أحد علماء القرن الرابع (وصايا وتوجيهات لأهل الإمارات)


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله يرتفع المؤمن في درجات الجنات، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للبريات وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنحن أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة –حفظها الله- نعيش في نعم عظيمة وآلاء جسيمة، أمن واستقرار ورغد من العيش نغبط عليه، ولا ينكر هذه النعم إلا حسود جحود لئيم، أو جاهل غرته شبه المفسدين، عجباً كيف لا تُدرك هذه النعم وهي كالشمس في رابعة النهار، ما هو إلا الهوى والأغراض الشخصية والمصالح الحزبية التي أعمت العيون عن رؤية نعمة الله، وحجبت القلوب عن هدى الله.

 ولما حدث ما حدث من قلة قليلة من أبناء الإمارات ممن أدار للنعمة ظهره، وأراد استبدال الأمن بالخوف، وتلقى أفكاره من أجندات خارجية مسمومة، أحببت أن أوصي نفسي وأخواني من أبناء دولتي بوصية جامعة نافعة -بإذن الله- وهي للعلامة منذر بن سعيد البلوطي(355هـ)، أوصى بها الرعية بحضور الخليفة عبدالرحمن الناصر لدين الله الأندلسي(350هـ) .

أرجو من القارئ أن يتدبرها ويأخذها بعين الاعتبار؛ إذ هي وصية تلامس واقعنا، بل وكأن البلوطي يخاطبنا. قد علقت عليها بتعليقات مختصرة أرجو بها نفعَ من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وتوجيهَ أبناء المجتمع الإماراتي لما فيه خير في حالهم وصالح لعاقبتهم بإذن الله العزيز الحميد.

  نص الوصية:

قال العلامة البلوطي -رحمه الله- في خطبة وصيته :” احمدوا الله، أيها الناس على آلائه، واسألوا المزيد من نعمائه، فقد أصبحتم بين خلافة أمير المؤمنين أيده الله بالعظمة والسداد، وألهمه محاضر التوفيق إلى سبيل الرشاد، أحسنَ الناس حالاً، وأنعمهم بالاً، وأعزهم قراراً، وأمنعهم داراً، وأكثفهم جمعاً، وأجلهم صنعاً، لا تهاجون ولا تواذون([1]), وأنتم بحمد الله على أعدائكم ظاهرون.

 فاستعينوا على صلاح أحوالكم، بالنصيحة لإمامكم، والتزام الطاعة لخليفتكم, فإن من نزع يداً من الطاعة، وسعى في فرقة الجماعة، ومرق من الدين {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} ([2]), وقد علمتم أن في التعلق بعصمتها، والتمسك بعروتها, حفظ الأموال وحقن الدماء، وصلاح الخاصة والدهماء([3]), وأن بقوام الطاعة تقام الحدود، وتوفى العهود، وبها وصلت الأرحام، وصحت الأحكام، وبها سدّ الله الخلل، وآمن السبل، ووطّأ الأكناف([4]), ورفع الاختلاف، وبها طاب لكم القرار، واطمأنت بكم الدار, فاعتصموا بما أمركم الله بالاعتصام به ؛ فإنه تبارك وتعالى يقول : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ([5]).

وقد علمتم معشر المسلمين ما أحاط بكم في جزيرتكم هذه من ضروب المشركين وصنوف الملحدين، الساعين في شق عصاكم، وتفريق مِلَّتكم، الآخذين في مُخاذلة دينكم، وهتك حريمكم، وتوهين دعوة نبيكم -صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين – أقول هذا ، وأختمه بالحمد لله رب العالمين وأستغفر الله الغفور الرحيم”.([6])

 يستفاد من هذه الخطبة النافعة والوصية الجامعة التوجيهات التالية:

  • التوجيه الأول: عند قوله رحمه الله:” احمدوا الله، أيها الناس على آلائه، واسألوا المزيد من نعمائه“.

فأعظم النعم التي نحمد الله عليها نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله وأتمّه{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}  [المائدة: ٣], وفي نعمة الإسلام أعظم نعمة, نعمة التمسك بسنة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد رحمه الله:”ما يُدرى أي النعمتين علي أعظم: أن هداني للإسلام, أو عافاني من هذه الأهواء”[سنن الدارمي (309)] , ثم من النعم نعمة الأمن والاستقرار في الأوطان التي هي موضوع هذه الوصية.

  • التوجيه الثاني: عند قوله رحمه الله: فقد أصبحتم بين خلافة أمير المؤمنين أيده اللهبالعظمة والسداد، وألهمه محاضر التوفيق إلى سبيل الرشاد

ونحن أهل الإمارات نقول: أيد الله ولي أمرنا الشيخ خليفة بن زايد, ونائبه وإخوانه وولي عهده لكل خير وسداد وتوفيق ورشاد.

وهذا الدعاء لحكامنا باعثه أمران:

الأول: أن من منهج أهل السنة والجماعة, الدعاء للحكام بما فيه صلاح العباد والبلاد.

قال الفضيل بن عياض رحمه الله:” لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام”. [حلية الأولياء(8/91)]

وقال الطرطوشي المالكي رحمه الله:”فحقيق على كلّ رعية أن ترغب إلى الله في إصلاح السلطان, وأن تبذل له نصحها, وتخصه بصالح دعائها, فإن في صلاحه صلاح العباد والبلاد وفي فساده فساد العباد والبلاد”. [سراج الملوك(151)].

الثاني: لأن هذا من رد الجميل عند العجز عن رد مثله. وتأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:من صنع إليكم معروفاً فكافئوه, فإن لم تجدوا ما تكافئونه, فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. [رواه أبوداود(1674)].

  • التوجيه الثالث: عند قوله رحمه الله: أحسنَ الناس حالاً ، وأنعمهم بالاً ، وأعزهم قراراً ، وأمنعم داراً ، وأكثفهم جمعاً ، وأجلهم صنعاً ، لا تهاجون ولا تواذون ، وأنتم بحمد الله على أعدائكم ظاهرون

  نعم والله نحن كذلك في دولتنا الحبيبة دولة الإمارات -حرسها الله- حالنا أحسن حال, وفي راحت بال, وحسن قرار, وأمن في الديار, ولله الحمد نغدوا ولا نخاف غدراً ولا لصاً, ونروح قريري الأعين, بل نبيت وبيوتنا مفتوحة آمنين على أنفسنا وأموالنا وأعراضنا وديننا, وهذه نعمة وأي نعمة . قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم آمنا في سربه, معافى في جسده, عنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا“.[رواه الترمذي (2346), وابن ماجه(4141).]

     فلله الحمد والمنّة, وجزى الله خيراً ولاة أمرنا على ما يقدمون من خدمة للعباد والبلاد.

  • التوجيه الرابع: عند قوله رحمه الله: فاستعينوا على صلاح أحوالكم ، بالنصيحة لإمامكم ، والتزام الطاعة لخليفتكم

بين -رحمه الله- أن بقاء هذه الحال وصلاحها بأمرين, هما لنا أهل الإمارات مهمان:

الأول: مناصحة ولاة الأمر.

الثاني: لزوم طاعتهم.

وكلاهما دلّ عليهما شرعنا الحنيف, بل قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينها في حديث واحد فقال صلى الله عليه وسلم:ثلاث لا يَغِلّ عليهنّ قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله, ومناصحة ولاة الأمر, ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. [رواه أحمد (16738), والترمذي (2658), وابن ماجه (230), والحاكم (1/87).وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين, وصححه الألباني في الصحيحة (403)].

لكن تنبه: ليس من النصيحة ما يفعله اليوم مبتغي الفضيحة, ممن يذيع أخطاء الحكام على المنابر, وينشرها في التويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي, هذه ليست نصيحة لأقلّ الناس شأناً فكيف بسلطان الله الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه:” من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله. [رواه الترمذي (2224) وقال: حديث غريب,وابن أبي عاصم في السنة(1052).وصححه الألباني في الصحيحة (2297)].

فإن أردت أخي الموفق المنهج النبوي القويم فإليك نصّه, وعليك اتباعه. قال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينصح لسلطان بأمر, فلا يُبْدِ له علانية, ولكن ليأخذ بيده فيخلو به, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدّى الذي عليه له. [رواه أحمد في المسند (15333). وصححه الألباني في ظلال الجنة رقم (1096)].

  • التوجيه الخامس: عند قوله رحمه الله: فإن من نزع يداً من الطاعة ، وسعى في فرقة الجماعة ، ومرق من الدين{فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}

  كيف لا يخسر من نزع الطاعة وفارق الجماعة الخسران المبين. وهو مخالف لسنة سيد المرسلين, ويسعي في إفساد, وتفريق كلمة المسلمين, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة شبراً فقد خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلام من عنقه [رواه أبو داود(4758) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(4758)].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج من الطّاعة وفارق الجماعة فمات, مات ميتة جاهلية [ رواه مسلم (1848)].

فهذه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين, فلا تتركها فتكن من الهالكين الزائغين, وتأمل هذه الآية فهي كافية لردع وزجر من خالف السنة النبوية قال الله تعالى{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]

  • التوجيه السادس: عند قوله رحمه الله:  وقد علمتم أن في التعلق بعصمتها ، والتمسك بعروتها, حفظ الأموال وحقن الدماء، وصلاح الخاصة والدهماء, وأن بقوام الطاعة تقام الحدود، وتوفى العهود ، وبها وصلت الأرحام، وصحت الأحكام، وبها سدّ الله الخلل، وآمن السبل، ووطّأ الأكناف, ورفع الاختلاف، وبها طاب لكم القرار، واطمأنت بكم الدار.

 هذا كله من ثمرات التمسك والاعتصام بهذه العقيدة المباركة, وهي السمع والطاعة لحكام المسلمين بالمعروف, وعدم الخروج عليهم وإن جاروا, فإنْ تمسكنا بهذه العقيدة حقيقة, كانت لنا هذه الثمرات نتيجة.

وقد قال الخليفة الراشد علي رضي الله عنه :”لا يُصلحُ الناسَ إلا أمير: برٌّ أو فاجرٌ قالوا : يا أمير المؤمنين هذا البر فكيف بالفاجر ؟ قال :إنَّ الفاجر يؤمِّن الله عزوجل به السبل, و يجاهد به العدو, و يجبى به الفيء, و تقام به الحدود, و يُحَجّ به البيت, ويعبدُ اللهَ فيه المسلمُ آمناً حتى يأتيه أجله”.

وقف وقفة عند هذا الأثر, وتأمل كيف تترتب على وجود الإمام وإن كان فاجراً  المصالح الكثيرة العظيمة, وأن بفقده تترتب المفاسد الكبيرة العظيمة؛ ولهذا من فقه إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله أن قال:”سلطان جائر مدة خير من فتنة ساعة”[نفح الطيب(2/639).

وكذلك مفسدة وجود الإمام الجائر, أهون بكثير من المفسدة الواقعة بإزالته والخروج عليه  “والأصول تشهد والعقل والدين أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك”. [التمهيد لابن عبد البر(10/37)].

فمن لم يقدّر جلب هذه المصالح, ودفع عظيم تلك المفاسد المترتبة على الخروج على الحكام أوفقدهم, فقد شهد على نفسه بقلة الدين, وسفاهة العقل, وحرمان الأصول.

  • التوجيه السابع: عند قوله رحمه الله:” فاعتصموا بما أمركم الله بالاعتصام به ؛ فإنه تبارك وتعالى يقول : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} “.

 نعم هذا هو الواجب على كل مسلم متمسك بدينه, حريص على جماعته, أن يعتصم بكتاب الله الذي فيه النجاة والسعادة, الذي حثّ وأمر فيه ربّنا عزوجل بالسمع والطاعة ولزوم الجماعة , وهذا هو الواجب على أبناء دولة الإمارات أن يكونوا بكتاب ربهم متمسكين, وعلى ولاة أمرهم مجتمعين.

فإن كان كذلك فليبشروا بوعد الله تعالى حيث يقول:{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه:123]

قال ابن عباس رضي الله عنهما:” ضمن الله لمن اتبع القرآن: أن لا يضل في الدنيا, ولا يشقى في الآخرة“.[مصنف ابن أبي شيبة(30454)].

  • التوجيه الثامن:عند قوله رحمه الله: وقد علمتم معشر المسلمين ما أحاط بكم في جزيرتكم هذه من ضروب المشركين وصنوف الملحدين، الساعين في شق عصاكم، وتفريق مِلَّتكم، الآخذين في مُخاذلة دينكم ، وهتك حريمكم، وتوهين دعوة نبيكم

 تأمل هذه الفقرة جيداً,  العدو أحاط بنا, والملحدون العلمانيون واللبراليون أرادوا تهوين ديننا , والخوارج والإخوان المفسدون أرادوا تفريق كلمتنا.

 فكأنه يقول لنا: لا تفترقوا فتضعفوا, وتذهب ريحكم, فيطمع فيكم العدو الخارجي؛ إذ ما غُلِب قوم اجتمعوا, فعليكم بتلاحم الصف, وقطع دابر مصدّعه من الداخل من الخوارج المهيجين والإخوان المفسدين.

ولهذا كان العلماء يحذرون من العدو الداخلي أشدّ من تحذيرهم من العدو الخارجي وفي هذا يقول أبو الفضل الهمذاني:”مبتدعة الإسلام والواضعون للأحاديث أشدّ من الملحدين؛ لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل، فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله، والملحدون كالحاضرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن, فهو شرٌّ على الإسلام من غير الملابسين له”.[ينظر:الموضوعات ابن الجوزي(1/44)].

إذاً لا نجاة بعد فضل الله وتوفيقه, إلا بالاعتصام بكتاب ربّنا, وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم, وتحقيق مقام العبودية لله, والاجتماع على من ولّاه الله أمرنا, ودفع كل مفسد يريد أن يفرق كلمتنا.

 وهذه الأصول المنجية دلّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظته البليغة التي هي ركائز النجاة والأمن, والعصمة من الفساد والفتن, قال صلى الله عليه وسلم:”أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة“[رواه الترمذي(2676) وأبو داود(4609)].

–    فالوصية بتقوى الله, هي: الوصية بعبادته, وإخلاص الدين له, والبعد عن مناهيه التي أعظمها الشرك به سبحانه وتعالى.

–    والوصية بالسمع والطاعة, هي: الوصية بلزوم الجماعة, المجتمعة على أميرها فتسمع له وتطيع بالمعروف, سواء كان براً أو فاجراً , وسواء تحققت فيه شروط الغمامة أو فقدت فيه بعضها.

–    والوصية بالتمسك بسنته صلى الله عليه وسلم, هي: وصية بالتمسك بكتاب الله ؛ إذ كلها وحي من الله وقد قال صلى الله عليه وسلم:تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي. [رواه البيهقي في سننه(20917), والحاكم (1/93)].

ونبه صلى الله عليه وسلم على التمسك بسنة الصحابة رضي الله عنهم؛ إذ هم أعمق الناس فهماً وعلماً وعملاً, وما زل من زل ممن أدعى التمسك بالكتاب والسنة إلا بعد ترك فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان.

ولو نظرنا في وصايا الصحابة رضي الله عنهم وكلماتهم؛ لوجدناها تقرر ما قررته السنة من السمع والطاعة للحكام بالمعروف, فها هو الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه ينقل لنا ما اجتمع عليه أكابر الصحابة رضي الله عنهم فيقول:”نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: لا تسبّوا أمراءكم, ولا تغشوهم ولا تعصوهم, واتقوا الله واصبروا فإنّ الأمر قريب”.[ رواه البيهقي في شعب الإيمان (7117), وابن عبد البر في التمهيد (16/392)].

–    والوصية باجتناب البدع, هي: وصية باجتناب أهلها, والتحذير منهم وقطع دابرهم؛ إذ هم المعول الداخلي الهدّام الذي يضعف قوى الجماعة ويطمّع العدو الخارجي فيهم.

انتهى التعليق على الوصية

وأسأل الله أن يوفقنا للتمسك بكتابه , وسنة رسوله,  ولزوم جماعة المسلمين.

وأسأله سبحانه أن يسدد حكامنا لكل خير وصلاح للبلاد والعباد , وأن يكفينا شرور الأعداء الحساد.

وأسأله أن يجعل بلادنا آمنة مستقرة وجميع بلاد المسلمين

 


([1])  أي لا يهجوكم أحد بالشعر ذماً ولا يؤذيكم أحد بقول وعمل.

([2])  النساء: ١١٩

([3])  يقصد بالدهماء العدد الكبير. ينظر: معجم مقاييس اللغة(2/308).

([4])  كنف الشيء ناحيته وأطرافه.ينظر: لسان العرب(13/120).

([5])  النساء: ٥٩

([6])  تاريخ قضاة الأندلس (68).