العيد في الإسلام آداب وأحكام (1)


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

إن من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن جعل لها يومين من كل عام، تنظر في مصالحها العامة، وتتميز بأفعالها، وتؤكد أسباب المودة والمحبة بينها.

فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ([1])، فقال: «قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا، يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ»([2]).

فهذان اليومان العظيمان هما عيدا أهل الإسلام بتشريع الله تعالى واختياره لعباده، جعلهما الله عز وجل عقب أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما الصيام والحج، فكانا كالجائزة للعباد، والبُشرى العاجلة لمن قام بأداء العبادة، مع ما فيهما من سعة الإسلام في التشريع ومراعاة الطباع البشرية والغرائز النفسية التي جبلت على حب الترويح.

وللعيد أحكام وآداب كثيرة، منها:

عدم مشروعية تخصيص ليلة العيد بقيام:

فقد روي فيه حديث لا يصح، بل مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه: «من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» ([3]).

وعليه: فإنه لا يسن قيام ليلة العيد إلا لمن اعتاد قيام الليل وذلك لعدم وجود دليل صحيح على هذا التخصيص.

 

ويُستحب الغسل للعيد:

ويبدأ وقت الغسل على الراجح من أقوال العلماء من طلوع فجر يوم العيد، قال نافع مولى ابن عمر: كان عبد الله بن عمر «يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى»([4]).

ويُستحبُّ التَّجمُّلُ في هذا اليوم:

قال ابن القيم: "وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه"([5]).

وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكلُ تَمَراتٍ وتراً قبل خروجه إلى المصلى في عيد الفطر، فعن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»، قال: «ويأكلهنَّ وتراً»([6]).

ومن السنة أن ينشغل بالتكبير إذا غدا إلى المصلى حتى صلاة الإمام:

فعن الزُّهْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلَاةَ، فَإِذَا قَضَى الصَّلَاةَ، قَطَعَ التَّكْبِيرَ»([7]).

ومن السنة إذا ذهب إلى العيد من طريق أن يرجع من غيره:

فعن جابر رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»([8]).

ومن السنّة لمن وصل المصلى يوم العيد الجلوسُ دون صلاة ركعتين:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا»([9]).

ويشرع للمسلم إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد أن يصلي فيه ركعتين:

 فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»([10]).

 

 


([1]) هما يوم النيروز ويوم المهرجان، انظر عون المعبود (3/485) للعظيم آبادي.

([2]) رواه أحمد 3/103 ، وأبو داود (1134) والنسائي 3/179.

([3]) رواه  الطبراني، وقال الألباني موضوع انظر  السلسلة الضعيفة (520).

([4])   رواه مالك.

([5])   زاد المعاد (1/425).

([6])رواه البخاري.

([7])رواه ابن أبي شيبة، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (171).

([8])رواه البخاري.

([9]) رواه البخاري.

([10])  رواه ابنُ ماجه.