تتبُّع رخص الفقهاء


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

 الحمدُ لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ على خاتم الأنبياء والمرسلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبدُه ورسولُه .. وبعدُ :

 مقدّمة :

*  فإنّ الشيطانَ لا يزالُ يسعى في إغواء العباد وإضلالِهم عن طريق الحقِّ بشتَّى الوسائل .

*ومن أبواب الشرِّ التي فتحها الشيطانُ على العباد بابُ تتبُّعِ رُخَصِ الفقهاء وزلاّتهم ، فخدعَ بذلك الكثيرين من جهلةِ المسلمين ، فانتُهكتِ المحرّماتُ وتُركتِ الواجباتُ تعلّقاً بقول أو رخصةٍ زائفةٍ ، فصار هؤلاءِ الجهلةُ يُحكِّمونَ أهواءَهُم في مسائل الخلافِ فيأخذون أهونَ الأقوالِ وأيسَرَها على نفوسهم دون استنادٍ إلى دليلٍ شرعي بل تقليداً لزلّةِ عالم لو استبان له الدليلُ لرجع عن قوله بلا تردُّد ، فإذا ما أنكر عليهم أحدٌ تعلَّلوا بأنهم لم يأتوا بهذا من عند أنفسهم  بل هناك مَن أفتى لهم بجوازِ ذلك ، وليسُوا بمسئولين ، فقد قلَّدوهُ والعهدةُ عليه إن أصابَ أو أخطأ ، بل أنهَّم يأخذونَ برخصةِ زيدٍ من الفقهاء في مسألة ما ، ويهجرون أقوالهُ الثقيلة في المسائل الأخرى ، فيعمدون إلى التلفيق بين المذاهب والترقيعِ بين الأقوال ، ويحسبُون أنهم يحسنون صُنعاً ، وأشاع الشيطانُ بين هؤلاء الناس مقولةً هي ( ضعها في رأس عالم واخرج منها سالماً ) ، فإذا نزلت بأحدهم نازلةٌ ذهب إلى بعض المتساهلين في الإفتاء ، فبحث له عن رخصةٍ قال بها رجلٌ فيفتيه بها مع مخالفتها للدليل وللحقِّ الذي يعتقده ، وما أكثر هؤلاء الناس من الصنفين ، عاميّ يذهب إلى المتساهلين الذين يفتون بالرخص ومُفتٍ يُرضي الناسَ ولا يفتِ بالدليل .

* فما هي مفاسدُ وأضرارُ هذا المسلك ؟ وما هي الأدلَّةُ الشرعيَّةُ في بطلانه ؟ وما هي أقوالُ العلماء في ذلك ؟ مع بيان الموقف الصحيح من الاختلاف في المسائل ؟ وماذا يجبُ على المفتي ؟ وماذا يجبُ على المستفتي ؟

* ما المرادُ بالرخصةِ هنا ؟ المرادُ بالرخصة هنا : أهونُ أقوال العلماءِ في مسائل الخلافِ ، ولا يسندها دليلٌ صحيحٌ ، أو هي زلّةُ العالم المجتهدِ التي خالفها أمثالُه من الناس ، وهذا هو المعنى اللغوي للرخصةِ ، أما المعنى الشرعيُّ فهي : اسمٌ لما يُغيِّرُ من الأمر الأصلي لعارضٍ أو يسرٍ وتخفيف كقصر الصلاةِ في السفر والأخطاء فيه ونحوها من الرخص الشرعية .

 أمثلة من رخص الفقهاء :

1- القولُ بجواز حلق اللحية .

2- القولُ بجواز شرب المسكر إلا من العنب .

3- القولُ بأنه لا جمعة إلاّ في سبعةِ أمصار.

4- القولُ بتأخير العصر حتى يكون ظلُّ كلِّ شيءٍ أربعةُ أمثاله.

5-القولُ بجواز الفرار يوم الزحف .

6-القولُ بجواز استماع الملاهي .

7-القول بالمتعةِ بالنساء .

8-القولُ بجواز الدرهم بالدرهمين يداً بيد .

9-القولُ بجواز إتيان النساء في أدبارهن .

10-القولُ بصحة عقد الزواج بدون وليِّ ومهر.

11-القولُ بعدم اشتراط الشاهدين في عقد الزواج.

مفاسدُ تتبُّعِ رخصِ الفقهاءِ :

لقد ترتب على تتبُّعِ الرخص مفاسدُ كثيرةٌ ، منها ذهابُ هيبةِ الدين ، فأصبح لعبةً بأيدي الناسِ ، ومنهَا التهاونُ بحرمانِ الشرع وحدوده .

وقد ذكر الشاطبيُّ جملةً من هذه المفاسد فقال : كالانسلاخِ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف . وكالاستهانة بالدين ، وكتركِ ما هو معلومٌ إلى ما ليس بمعلوم ، وكانحرامِ قانونِ السياسة الشرعية بتركِ الانضباط إلى أمرٍ معروفٍ ، فتجورُ القضاةُ في أحكامها ، فيُفتي القاضي لمن يحبُّ بالرخصةِ ولمن لا بالتشديد ، فتسودُ الفوضى والمظالمُ ، وكإفضائهِ إلى القول بتلفيقِ المذاهب على وجهٍ ويخرقُ الإجماع ، الموافقات 4/147-148 .

*ومن آثار ومفاسد تتبع الرخص :

بحثُ بعض الفقهاء عن أقوالٍ ساقطة ليرفعوا الحرجَ عن كثيرٍ من الناس الذين وقعوا في بعض المنكرات كحلقِ اللحية مثلاً ، ومثالُ ذلك ما ذكره محمد حبيب الله الشنقيطي في كتابه فتح المنعم (1/179)في بحثه عن تجويزٍ لحلق اللحية حيثُ قال ( ولما عمَّت البلوى بحلقها في البلاد المشرقية بحثتُ غاية البحث عن أصلٍ أخرِّجُ عليه جواز حلقها حتى يكون لبعضِ الأفاضل مندوحةٌ عن ارتكاب المحرَّم باتفاق ، فأجريتُه على القاعدة الأصولية وهي : أن صيغة أفعل في قول الأكثيرين للوجوب وقيل : للندب )

* وقال العلامةُ السفّارينيُّ ت (1188هـ) رحمه الله بعد أن بين تحريم تتبع الرخص في التقليد : ( وفيه مفاسدُ كثيرةٌ وموبقاتٌ غزيرةٌ ، وهذا بابٌ لو فُتح لأفسد الشريعة الغرّاء ، ولأباح جُلَّ المحرَّمات ، وأيُّ بابٍ أفسدُ من بابٍ يبيحُ الزنا وشربَ الخمر وغير ذلك ) .

*شبهاتٌ والردُّ عليها :

أ‌)  يحتجُّ متتبِّعُوا الرخصِ بكلامٍ حقٍ يرادُ به باطل وهو يقولون بأن الدينَ يُسرٌ والله يقول )يريدُ اللهُ بكُمُ اليُسرَ ولا يريدُ بكم العُسرَ ( البقرة 185 ، والرسول يقول " يسِّروا ولا تعُسِّروا " متفق عليه عن أنس خ 1/163 م 3/1359 ، فإذا أخذنا بأهون الأقوال كانَ فعلُنا فيه التيسيرُ ورفع الحرج .

فنقولُ لهم أن تطبيق الشريعة في كلِّ الحياة هو التيسيرُ ورفعُ الحرج ، وليس تحليل الحرام وترك الواجبات .

    قال ابنُ حزم رحمه الله في الأحكام في أصول الأحكام صـ869 ( قد علمنا أن كلَّ ما ألزم اللهُ تعالى فهو يُسرٌ بقوله تعالى )وما جعل عليكم في الدين من حرج ( الحج (78) .

    وقد ردَّ الإمامُ الشاطبيُّ رحمه الله على من احتج لهذه الدعوى بقوله صلى الله عليه وسلم " بُعثتُ بالحنيفية السمحة " حديث حسن ، قائلاً " وأنت تعلمُ ما في هذا الكلامِ ، لأن الحنيفيةَ السمحة إنما أتى السماحُ فيها مقيَّداً بما هو جارٍ على أصولها ، وليس تتبُّعُ الرخص ولا اختيارُ الأقوال بالتشهِّي بثابت " ، يعني أن يسر الشريعة مقيدٌ بأصول محددةٍ وليس تتبُّع الرخص منها ، ثم يقول رحمه الله ( ثم نقولُ : تتبعُ الرخص ميلٌ مع أهواء النفوس ، والشرعُ جاء بالنهي عن اتباع الهوى فهذا مضادٌ لذلك الأصلِ المتفق عليه ، ومضادٌ أيضاً لقوله تعالى )فإن تنازعتُم في شيءً فردُّوهُ إلى الله والرسولِ ( فلا يصحُّ أن يُردُّ إلى أهواء النفوس وإنما يرد الشريعة ) الموافقات (4/145) .

ب) شبهةٌ أخرى : يقولون : نحنُ نقلِّدُ القائلَ بالرخصة!!  فيقال لهم : إنَّ هذا العالمَ الذي قلدتموهُ قد اجتهد فأخطأ فهو مأجورٌ على اجتهاده ، أمَّا أنتمُ فما حُجَّتكُم في متابعتِه على خطئه دون سواهُ من العلماء الذين أفتوا بخلاف ما قال !!! وكذلك يقالُ لهم : ما لكم تقلِّدون هذا الفقيه في تلك الرخصةِ ولا تقلدونه فيما لم يُرخِّصْ فيه ؟ وتبحثون عن فقيه آخر يفتيكم بالرخصةِ !!! وهذا دليلٌ أنكم تتخذون التقليد ستاراً لما تهواهُ أنفسكم !! ، ثمَّ إنَّ السلف حذّروا من زلات العلماء وتقليدهم فيها : قال عمر رضي الله عنه: ( ثلاثٌ يهدمن الدين ، زلَّةُ عالمٍ ، وجدالُ منافقٍ بالقرآن ، وأئمةٌ مضلُّون ) الدارمي وابنُ عبد البر(1/71)  بسند صحيح في جامع بيان العلم (2/110).وقال ابنُ عباس رضي الله عنه: ( ويل للأتباع من زلَّةِ العالم، يقولُ العالمُ الشيءَ برأيه ، فيلقى من هو أعلمُ برسول الله منه ، فيخبره ويرجع ، ويقضي الأتباعُ بما حكم ) البيهقى في المدخل وابنُ عبد البر (2/112 ) بإسناد حسن .

 حكمُ تتبُّعِ رُخصِ الفقهاءِ والتلفيقِ بين المذاهب :

اتفقَ أهلُ العلم على تحريم تتبُّع الرخص والتلفيقِ بين المذاهب والأقوال بلا دليل شرعيٍّ راجح ، وإفتاءَ الناسِ بها ، وهذه أقوالُهُم :

* قال سليمان التيمي (توفى عام 143 هـ) رحمه الله: ( لو أخذتَ برخصةِ كلِّ عالمٍ اجتمع فيك الشرُّ كلُّه ) قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله معقباً: ( هذا إجماعٌ لا أعلمُ فيه خلافاً ) الجامع (2/91،92) .

* قال معمرُ بنُ راشد (ت154) رحمه الله: ( لو أنَّ رجلاً أخذ بقول أهل المدينة في السماع – يعني الغناءَ – وإتيان النساءِ في أدبارهن ، وبقولِ أهل مكَّة في المتعةِ والصرفِ ، وبقولِ أهل الكوفة في المسكر ، كانَ أشرَّ عباد الله تعالى ) لوامع الأنوار للسفاريني (2/466) .

* قال الإمامُ الأوزاعيُ (ت 157) رحمه الله: ( من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام )سير أعلام النبلاء (7/125) للذهبي .

* وقال الإمامُ أحمد ُ بنُ حنبل (ت241) رحمه الله: ( لو أن رجلاً عمِلَ بقولِ أهل الكوفة في النبيذ وأهلِ المدينة في السماع  وأهلِ مكة في المتعةِ كانَ فاسقاً ) لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/466) وإرشاد الفحول للشوكاني صـ272.

* وقال إبراهيم بن شيبان (ت 337) رحمه الله: ( من أراد أن يتعطَّلَ فليزم الرُّخَص ) سير أعلام النبلاء للذهبي (15/392) .

*وقال ابنُ حزم (ت 456) رحمه الله في بيان طبقات المختلفين: ( وطبقةٌ أخرى وهم قومٌ بلغت بهم رقَّةُ الدين ، وقلَّةُ التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قولِ كلِّ قائلٍ فهم يأخذون ما كانَ رخصةً من قولِ كلِّ عالمٍ مقلدين له غيرَ طالبيين ما أوجبه النصُّ عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ") الإحكام صـ645 . ونقل عنه الشاطبيُّ رحمه الله أنه حكى الإجماعَ على أنَّ تتبُّعَ رخص المذاهب بغير مستندٍ شرعيًّ فسقٌ لا يحلُّ – الموافقات (4/134) .

* وقال أبو عمرو ابنُ الصلاح (ت 643) رحمه الله في بيان تساهل المفتي: ( وقد يكون تساهُلُه وانحلالُه بأن تحملَهُ الأغراضُ الفاسدةُ على تتبُّع ِ الحيل المحظورةِ أو المكروهةِ ، والتمسُّكِ بالشُّبَهِ طلباً للترخيصِ على من يرومُ نفعُه أو التغليظُ على من يريدُ ضرَّه ،ومن فعل ذلك فقد هانَ عليه دينُه ) آداب المفتي صـ111 ،

*وقال سلطانُ العلماء العزُّ بنُ عبد السلام (ت 660) رحمه الله: ( لا يجوزُ تتبُّعُ الرخص ) الفتاوى صـ122 .

* وسُئل الإمامُ النوويُّ رحمه الله : هل يجوزُ لمن تمذهب بمذهب أن يقلِّد مذهباً آخر فيما يكون به النفعُ وتتبعُ الرخص ؟ فأجاب : لا يجوزُ تتبُّع الرخص ، والله أعلم ) فتاوى النووي جمع تلميذه ابن العطار صـ168 .

* وقال الإمامُ ابنُ القيمّ (ت /75) رحمه الله: ( لا يجوزُ للمفتي أن يعمل بما يشاء من الأقوال والوجوه من غير نظرٍ في الترجيح ) إعلام الموقعين ( 4/211 ) .

* وقال العلاّمةُ الحجَّاوي ( ت968) رحمه الله: ( لا يجوز للمفتي ولا لغيره تتبُّعُ الحيل المحرَّمةٍ ولا تتبُّعُ الرخص لمن أراد نفعَهُ ، فإنَّ تتبُّعَ ذلك فسقٌ ، وحَرُمَ استفتاؤُه ) الأمتاع (4/376) .

*وقال العلاّمة السفاريني (ت 1188 ) رحمه الله: ( يحرُمُ على العاميِّ الذي ليس بمجتهد تتبُّعُ الرخص في التقليد ) لوامع الأنوار (2/466) والحاصل مما تقدم أنه قد نقل الإجماع على تحريم تتبع رخص الفقهاء أربعة من العلماء هم ابن عبد البر ، وابن حزم ، وابن الصلاح ، والباجي رحمهم الله جميعا.

 الموقف عند الاختلافِ في مسألةٍ ، وماذا يجبُ على المستفتي ؟

 إذا تعددت الفتاوى في المسألة على المسلم فما هو موقفه من هذا الاختلاف ؟

لا يجوز له تتبُّع رخص الفقهاء ويجب عليه أن يتَّبع القولَ الصوابَ في المسألة فماذا يفعل ؟

الجواب : ينبغي أن يكون اختيارُه مقيّداً بمعيارٍ محدَّدٍ يُعرفُ به القولُ الراجحُ من المرجوح وهذا المعيارُ هو قوله تعالى )فإن تنازعتُم في شيءً فردُّوهُ إلى الله والرسول (النساء 59 ، فما وافق الكتابَ والسنّةَ فهو الحقُّ وما خالفهما فهو الباطل .

1) فعلى المسلمِ الناظرِ في مسائل الخلافِ أن يختار القولَ الذي يرجِّحه الدليلُ ، قال أبو عمرو ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: ( والواجبُ عند اختلاف العلماء : طلبُ الدليل من الكتابِ والسنّةِ والإجماع والقياسِ على الأصول منها وذلك لا يُعدم ، فإذا استوت الأدلّةُ وجبَ الميلُ مع الأشبه بما ذكرنا بالكتاب والسنّة ، فإذا لم يَبِنْ ذلك وجب التوقفَ  فإذا اضطُرَّ أحدٌ إلى استعمالِ شيءً من ذلك في خاصَّةِ نفسِه جاز له ما يجوزُ للعامّةِ من التقليد واستعمل قولُه صلى الله عليه وسلم " البرُّ ما اطمأنت إليه النفسُ ، والإثمُ ما حاك في الصدر ، فدع ما يريبُك إلى ما لا يريبُك " ) جامع بيان العلم (2/80-81) ، وهكذا قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الفقيه والمتفقه ( 2/203).

2) وعلى المسلم أن يستفتي من هو مستوفٍ لشروط الإفتاء علماً وورعاً ، ولا يعمد إلى أدعياء العلم الذين تصدروا الإفتاءَ جهلاً وزورا ، أو إلى المتساهلين في الإفتاء من أهل الرخصِ والحيل فإن هؤلاء لا يجوزُ استفتاؤهُم كما مرّ معنا .

3) وعلى طالب الحقِّ أن يستعين بالله ويتضرّعُ إليه بالدعاءِ ليهديه إلى الحقِّ ، وليدعُ بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم " اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطرَ السمواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، أنت تحكمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك ، إنّك تهدي من تشاءُ إلى صراط مستقيم " مسلم (1/534 ) عن عائشة رضي الله عنها.

4) فإذا استحكم الخلافُ ولم يهتدِ المسلمُ إلى معرفةِ الحقِّ من ذلك الاختلاف ، فله أن يقلِّد من يثقُ بعلمه ودينه  ولا يكلّفُ بأكثر من هذا .

 قال الخطيبُ البغداديُّ رحمه الله: ( فإذا قال قائلٌ : فكيف تقول في المستفتي من العامّة إذا أفتاهُ الرجلانِ واختلفا ، فهل يجوزُ له التقليدُ ؟ قيل له : هذا على وجهين :

أحدُهما : إنْ كان العاميُّ يتسعُ عقلُه ويكملُ فهمُه فعليه أن يسأل المختلفَين عن مذاهبهم وعن حُجَجِهِم فيأخذُ بأرجحها عنده ، فإن كانَ عقلُه يقصرُ عن هذا ، وفهمُه لا يكملُ له ، وسِعهُ التقليدُ لأفضلهما عنده ) الفقيه (2/204) .

5) فإن أراد أن يسلك مسلكَ الاحتياطِ والتورع ،فله أن يختار أحوط القولين فيقدِّمُ الحاظرَ على المبيح صيانةً لدينه عن الشبهات لقوله صلى الله عليه وسلم " .. فمن اتقى المشبَّهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " متفق عليه .  والله أعلم

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين