حصاد ثورات الربيع العربي المر


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد: 

فإنّ الناظر في الثورات على الحكام على مر الأزمان، لا يرى فيها إلا التهلكة وضياع النعم والأمان.
فلو قلبت ناظريك -أخي الموفق - في التاريخ الغابر والواقع المعاصر المرير لوجدت العجب وما يشيب له رؤوس الصغار من عواقب السوء التي ألمت بالشعوب جراء تطاولهم على حكامهم، ومخالفتهم لهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم في التعامل معهم.

لنتأمل هذا الحصاد المر الذي عانت منه شعوب الربيع العربي خلال الفترة من 2010م ولغاية 2014م .

 

دماء تسفك فقد قتل وجرح في ثورات الربيع العربي خلال الفترة من 2010 إلى 2014م ما يزيد على مليون ونصف مسلم ومسلمة.

أموال تنتهب، حيث بلغت الخسائر ما يزيد على 834 مليار دولار .

عوائل وأسر شردت ، فبلغ عدد اللاجئين ما يزيد على 14 مليون لاجئ .

عقول تطيش، حتى لا يدري القاتل لم قتل، ولا المقتول لماذا قتل.

ضيعت البلاد وهدمت البيوت والبنايات والجسور والطرقات.

تأملوا فيما وقع في مصر الحبيبة ، وما وقع في ليبيا التي لا زالت تنزف ومنذ سنين، وما وقع في اليمن السعيد، وأخيرا ما وقع ويقع في سوريا الخضراء التي تحولت لساحة يتقاتل فيها العدو.

وفي المقابل نسأل: 

هل حققت ثورات الربيع العربي  لشعوبها ما رجوه منها، وهم يصرخون في وجه حكامهم : ارحل ارحل ... الشعب يطالب بإسقاط النظام ؟

أين العزة والكرامة التي كانوا يأملونها ؟

أين الحريات التي زعموا أنهم قد حرموا منها ؟

خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الحاكم، ولو قلنا إنه فاسق ظالم، فما هم فيه أعظم من ظلم الحاكم وفسقه وجوره. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم :"" وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ "".

قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: "" لاَ؛ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ "".

فالنبي صلى الله عليه وسلم  أخبر عن صفة صنف من الأئمة، ووصف علاقتهم برعيتهم أنها من أسوأ العلاقات لدرجة البغض المتبادل بينهم، ودعاء كل منهم على الآخر، ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرعية عن نزع يدهم من بيعتهم، مع بغض ما هم عليه من المعاصي والظلم، ما داموا مصلين آمرين بها.

فالزموا -حفظكم الله- هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم وحافظوا على دينكم ودمائكم ومكتسبات بلادكم وأمنكم لتأدوا الغاية من خلقكم وهي تحقيق العبودية له سبحانه . 

 

 

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه .