سلسلة: تأملت في أمر - (٢) لماذا المشاكل الأسرية في زماننا هذا أكثر مما سبق من الأزمنة؟!


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 
القسم: 

لماذا المشاكل الأسرية في زماننا هذا أكثر مما سبق من الأزمنة؟!.

والجواب عن هذا يحتاج بسط كبير، لكن حسبنا أن نقف مع بعض أسباب ذلك.

ولا بأس أن أقدم أن الاختلاف والتنازع لا تخلو منه أسرة نتيجة عوامل كثيرة، منها ضغوطات العمل، وازدحام المواعيد، وعشوائية الحياة، وتراكم المهام، ونحو ذلك. فهذا أمر طبيعي، وليس هو المقصود من هذه الوقفات.
وأما تزايد النزاعات الأسرية ففي نظري ينتظم سببه في أمور عدة بعضها قديمة وأخرى حديثها، جعلتها في الوقفات الآتية :

الوقفة الأولى: تقصير الزوجين في أداء الواجب الشرعي، من حيث أن يهمل أحدهما أو كلاهما الواجب الذي عليه ولا يعطي لشريكه الحق الذي له. ولا شك أن اتباع الشرع سعادة في جميع نواحي الحياة.
قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

الوقفة الثانية: صوراف المودة، فيصرف الزوجين عن المودة والألفة: الانشغال بأنواع الصوارف مما لم يكن موجودا في السابق. كالأجهزة وبرامج (التقاطع) ونحو ذلك. وهذا داء عضال ومفرّق للأسر. فإنه يذهب الألفة ويزيد الوحشة، ولا سيما إذا كان على حساب أداء الواجبات الأسرية.

الوقفة الثالثة: عدم القناعة بالشريك، من حيث الشكل أو الوظيفة أو التعامل أو غير ذلك، ومن أكبر الأسباب المؤدية لذلك هي الشخصيات الوهمية التي تظهر في وسائل الإعلام أو برامج التقاطع. حيث يمتلئ القلب والعينان بأشكال وهمية كاذبة معالجةً بأنواع المواد التجميلية ومختلف التدخلات البشرية. فيزهد بعد ذلك الزوج بزوجته وتزهد هي بزوجها. فلا يكون عاقبة الأمر إلا جفاء أو تدابر وتقاطع. ولو نظر أحدهما إلى محاسن الآخر لوجد الشيء الكثير من ذلك. وفي الحديث "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر".

الوقفة الرابعة: تدخل الأسر من الطرفين، وكثرة (الناصحين) بغير حق، ممن يزيدون النار اشتعالا والحال احتقانا، وهذا لا يقتصر على الأقارب، بل كذلك بعض برامج الاستشارات العشوائية.

الوقفة الخامسة: عدم معالجة المشاكل قبل تفاقمها، بل الرصد لذلك، والحفظ له إلى وقت العوز والحاجة، ولا شك أن القضية التي يمكن معالجتها بيسر في أولها يصعب بعد ذلك معالجتها إلا بجهد ومشقة. بل قد يعسر ذلك تماما.