الفقه في الدين


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

 

الحمّد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد،،،

ـ الفقه في الدين هو جماع الخير

       فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من يردُ اللهُ به خيراً يفقّهه في الدين "([1])

وأسباب اختيار هذا الموضوع هي: 

       (1) خطأ كثير من الناس في فهم الفقه في الدين وفي وسائله وأهميته وضرورته.

       (2) قلّةُ الفقه في الدين رغم انتشار الكتاب والشريط وغيرها.

       (3) عزوفُ كثيرِ من الشباب عن العلوم الشرعية أو أخذُهم العلوم الشرعية علي غير وجهها الصحيح ممّا أضعف فقهَهُم وفهَمهُم للدين رغم كثرة ثقافتهم 0

وسنختصر هذا الموضوع الواسع في نقاط هي :

1- مفهوم الفقه في الدين .

2- حكم تحصيل الفقه في الدين.

3- ركائز الفقه في الدين .

4- كيف يتفقه المسلم في دينه .

5- صفات المتفقه في دينه .

6- بعض أخطاء المتفقهين في الدين . 

1) مفهومُ الفقه في الدين ( هو تحصيلُ العلم الشرعِّي وفهمُه والعملُ به على هدىً وبصيرة )

 إذا لابد في الفقه في الدين من السعي لتحصيله وليس كما قالت الرافضة أنهم يرثون الدين والفقه وأنهم ورثوا النبوّة عن النبي صلى الله عليه وسلم والعلم ويشبهُ الرافضةَّ المتصوفةُ فإنُهم يزعمون لشيوخهم وأوليائهم ما يسمَّي بالعلم اللدنّي ولذلك يقول أحدُهم 
( حدّثني قلبي عن ربّي ) ولهذا انقطعوا عن الفقه في الدين .

ـ فالفقهُ لا يتم إلا بتحصيل العلوم الشرعية ولا يستقيم الا بالعلم والعمل معاً .

        والفقه لا يكون إلاّ بالاهتداء وبالاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم بسلف هذه الأمة فمن أخذ أو حصّل  شيئاً من العلوم الشرعية لكنه لم يقتد بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه فليس بفقيه .

 2)  حكُم تحصيل الفقه في الدين :

1- منه ما هو واجب عيني على كل فرد وهو أصول العقائد والأحكام الضروريّة ما يتعلق بتوحيد اللهتعالى  والإيمان به وفروض العبادة وما يتعلق بأركان الإيمان وأركان الإسلام

  2- منه ما هو واجب كفائي يأثم الجميع بتركه مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من العلوم التي يحتاجها المسلمون.

  3- منه ما هو مستحبُ مثل معرفة المستحبات وتعليمها للناس .

3) فضل العلم والفقه في الدين :

1- قال تعالى{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }  {سورة المجادلة:11}

 2- حديث: (إذا مات ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)([2])

 3- حديث: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سّهل اللهُ به طريقاً إلى الجنّة )([3]) مسلم .

 4- حديث: ( فضل العلم خيٌر من فضل العبادة وخيرُ دينكم الورع )([4])

 5- حديث: (من عّلم علماً فله أجرُ مَنْ عمل به لا ينقصُ من
أجر العامل شيء)
([5])

6-حديث: ( مُعلم الخير يستغفر له كلُّ شيء حتى الحيتانُ في البحر ) ([6])

7- حديث: ( من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يُعلِّمه كانَ له كأجر حاج تاماً حجّتُهُ )([7])

الفقه في الدين طريقُ السلامة من الوقوع في البدع والخرافات :

4 ) ركائزُ الفقهِ في الدين : أي الأمورُ التي يقومُ عليها الفقهُ في الدين :

1) أن الفقه في الدين ينبني على التسليم للّه تعالى والخضوع الكامل بالقلب والمشاعر والجوارح : 

ومن يحفظ ويعلّم ولكن لم يسلم لله لا ينفعه ذلك كالمنافق والمستشرق ، وكذلك أصحابُ البدع فإنهم لا يفقهون من الدين شيئاً لأنهم لم يستسلموا لله تعالى ورسوله

ـ قال حسان بن عطية رحمه الله ( ما ابتدع قومٌ بدعة إلاّ تركوا من السنّة مثلها )([8]) 

2) الركيزةُ الثانية : سلامهُ مصدر التلقي :

        ـ فالفقهُ لا يتم إلاّ بما يتلقاهُ المسلمُ عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم نهج السلفُ الصالحُ وهذه مصادرُ التلقي لمن أراد أن يتفقه في الدين .

      أما الذي يتلقى الفقه من القوانين الوضعية أومن عقله مستقلاً عن الشرع أو بذوقه وهواه فإن هذا لن يتفقه في دينه أبداً.

3) الركيزة الثالثة : الاقتداءُ والاهتداء  بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة :

        لأنهم نقلوا لنا الدين علماً وعملاً وهدياً ثم من تبعهم بإحسان ، فمن أراد أن يتفقه في الدين بدون الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فليس بفقيه . فلابد من الاقتداء بالظاهر والباطن ، بالسلوك والاعتقاد والعبادات .

4) سلامةُ المنهج في تحصيل الفقه في الدين :

أي إن تحصيل العلم الشرعي لابد أن يكون علي طريقةٍ صحيحة وعلى أسلوبٍ شرعيٍّ مناسب ،  ومن سلامة المنهج ما يلي : 

أ) لا يتمُ الفقه في الدين حتى  يَسْلَمَ منهجُ الاستدلال والأخذُ بالأدلّة كما نقل عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم وعن  الصحابة والتابعين فمن أخل به فلابد أن يختل فقه .

 فلابد من الأخذ بأنواع الأدلّة كالخاص والعام والمطلق والمقيّد والناسخ والمنسوخ ومراعاة قواعد الدين فلا إفراط ولا تفريط ولا ضرر ولا ضرار وكل محدثة في الدين بدعة.

مثال على من خرج على قواعد الاستدلال ومناهجه: الخوارج .        

       فقد خرجوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأخلّو بمنهج الاستدلال فأخذوا يستدلون بالقرآن والسنّة علي ما يحلو لهم دون الرجوع إلى الصحابة فمن هنا ، كفّروا مرتكب الكبيرة

ب) ومن سلامةِ المنهج في تحصيل الفقه : سلامةُ منهج الاستنباط  أي استنباطَ الأحكام من  الأدلة عن طريق أصول الاعتقاد وأصول الفقه والقواعد الفقهيّةُ وهذه الأصول ضروريّة للمتفقه في الدين لأنها ترشدُ إلى استنباط الأحكام من نصوصها .

جـ) ومن سلامةِ المنهج الاعتمادُ على فهمِ وتفسيرِ السلف الصالح للنصوص لأنهم عاصروا  التنزيل وسمعوا من النبيصلى الله عليه وسلم وهم الأهدى والأتقى

والأقرب إلى زمن النبوة والأعلم بلغة العرب فلا يمكن لفقيه أن يستغني عن فهم السلف وعن علمهم .

د) ومن سلامةِ المنهج في تحصيل الفقه في الدين أن يتلقَّى المسلمُ الفقَه عن القدوة وهم  العلماءُ والمشايخ وطلبة العلم :

5) كيف يتفقهُ المسلم في دينه ؟؟

        طريقةُ الفقه ِ في الدين وتحصيل العلم الشرعي طريقةٌ مأثورةٌ عن أئمةِ  الدّينِ وهذه قواعدٌ ضَروريّةٌ لكل من أراد أن يتفقه في دينهِ وهي:

1- العنايةُ بالحفظ  وخاصةٌ حفظُ القرآن الكريم أولاً ثم حفظُ الأحاديث ثم حفظُ أقوال السلفِ الصالح ،ولذلك كانَ الأئمةُ يعتنون بحفظِ القرآنِ أولا.

 2- للتعلُّمِ طريقان :

                   الأول : الجلوسُ في حلقاتِ العلم والدراسةِ على المشايخَ وطلبةِ العلم مباشرةً في المساجد وفي غير المساجد أينما وجدت هذه الحلقات . ولابد لكل مسلم قادرٍ على أن يتعلم الضروريَّ من أمورِ دينهِ بالجلوس في حلقات العلم .

                 الثاني : لمن لا يقدر على الأول وهو طريقُ السؤال يسأُل أهلَ العلم كلّما احتاج إلى ذلك وخاصةً عما هو ضروريٌ من أمور دينه .

 3- تصحيحُ النيّة في التعلُّم :

        فلابد أن يكون طلبُ العلم لوجه الله تعالى وهو طريق لمعرفة الله عز جل ولمعرفة أحكامه العملية الشرعية وهو طريق إلى الجنّة كما في الحديث: ( من سلك طريقاً يلتمس به علماً سّهلَ الله له به طريقاً
 إلى الجنَّة ")
([9]).

ـ فإذا اتخذ طالب العلم هذا العلم طريقاً  إلى الدنيا لم يبق له نصيب من الجنّة كما في الحديث الآخر: ( من تعلّم علماً ممّا يُبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب عرضاً  من الدنيا لم يجد عرْف الجنّةِ يوم القيامة )([10]) .

ـ وكذلك حديث: ( لا تعلّموا العلم لتُبَاهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا لَتحيزوا به المجالس فمن فعل ذلك فالنارُ النار )([11]) .

 4- أول ما يجب أن يتعلَّمهُ المسلمُ فقهَ الإيمان وفقهَ الأحكام وهما من فروض الأعيان فلابد أولاً  من علم التوحيد لتصحيح الإيمان الذي سيلقى العبدُ عليه ربَّه ثمَّ بفقه الأحكام ليصحِّح عمَله ولا يستغني كلٌ منها عن الآخر .

 5- أن يكونَ التعلّمُ على منهج السلفِ الصالحِ في كلِّ شيءً في العقيدة والشريعةِ والسلوكِ وغيرهاِ .

        وليس على مسلك الفلاسفة أهل الكلامَ أو المتصوفة أو الباطنية فلابد من فهم القرآن والسنّة كما فهمها الصحابة والتابعون ومن سار على هديهم .

 6- الاعتناء في بدايةِ التفقِّهِ بالعلوم العمليّة وإلى الجوانب العملية في العلوم :       

 ولا  تعتني بالترف العلمي كالفلاسفة فابدأ بالكتب التي تعطيك الفقه في الدين من أيسر طريق وأقومه ، فإذا درست التجويد مثلاً فابدأ بكتاب سهل ميسَّر ليس فيه تعقيدات وإذا درست أصول الفقه كذلك .

        لأن من الكتب ما هو مليءٌ بالتعقيدات والترف العلمي لأنّها غالباً صُنّفت في عصور غلبة الفلسفة والجدل على العلوم الإسلامية

ومن القواعد الضروريّة للتفقه في الدين . 

7- لابدَّ في التفقُّهِ السليمِ من البداءة بالتدرُّج في أخذِ العلم كمًّا ونوعاً وطريقةً :

        والمقصودُ بالتدرُّج أن يأخذ العلوم الأساسية من كتبها الأساسيّة ثم يرتقي إلى ما هو أوسعُ ثم إلى الكتب الكبيـرة .

- فلابدَّ من البداية بتلقّي الأوّليات في كلِّ علم أي الأساسيات . 

فمثلاً أول شيء  يتعلمه المتفقه في الدين التوحيد ( العقيدة )  فيدرس كتاباً صغيراً فيه أساسيات العقيدة وأقسام التوحيد ككتاب التوحيد أو الأصول الثلاثة أو تطهير الجنان مثلاً ثم ينتقل إلى الواسطية أو التدمريّة، ثم العقيـدة

الطحاوية، ثم دراسة أبواب الإيمان والتوحيد والاعتصام بالسنة من كتُب الحديث الستة وهكذا، وكذلك الفقه وأصول الفقه والحديث وأصول الحديث واللغة وأصول اللغة والقرآن وعلوم القرآن وهكذا .

ـ هذا التأسيس والتدرّج في سلَّم التعلُّم ضروري لكل متفقه ، بعد ذلك فليتوسع وليتبحّر فيما يشاء ويختار من العلوم ولمعرفة كيفية التدرّج يجبُ مشاورة طلبه العلم .

8- التفقُّهُ عن الأئمّةِ العُدولِ الأكابرِ من أهل العلم وعن طلاّب العلم :

ـ لا يتم الفقه في الدين على الوجه السليم الاّ بتلقي العلم عن الرجال، عن العلماء وطلاب العلم الذين تمرّسوا في المسائل فهؤلاء يستفاد منهم علماً وعملاً وحكمة وتوجيهاً وتربية فإذا ظفر الطالبُ بهم فليحرِصْ على أن يتلقى كلَّ علم عن أهله ، يتلقى القرآن من أهله والتفسيرَ من المفسرين والحديثَ من المحدّثين والفقه من الفقهاء ووجود هؤلاء نادر.

ـ قال الإمام مالك رحمه الله (كلُّ علمٍ يُسألُ عنه أهلُهُ).

ـ وتلقي العلمَ عن الشيوخ سنَّةُ النّبيٌ صلى الله عليه وسلم فهو عليه الصلاة والسلام تلقى القرآن من جبريل عليه السلام وكذلك الصحابةُ تلقوا القرآن والسنن من فم النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا التابعون ومَنْ بعدهم.

 ملاحظة هامّة (خطرُ الاعتماد على الوسائل فقط وتركُ الرجال في التفقه في الدين :

1- يؤدي ذلك إلى ظهور نزعات الافتراق والأهواء عند البعض .

2-  يؤدي إلى تخطئة العلماء والأئمة وهذا هو الغرور .

3-  ومن آثارها الاستغناء عن العلماء وعدم الأخذ عنهم بل استنقاصهم .

4-     يؤدي إلى الاعتماد على الكتب الفكريّة والثقافية فتظهر بعضُ الأهواءِ والآراءِ الشاذة .

والخلاصة أنه لا يتمُّ الفقه في الدين عن طريق الوسائل بل لابد من آخذ العلم من العلماء وطلبةِ العلم وعن أصوله وعلى طريقته السليمة .

9- لابد من الاستمرار والصَّبرِ في طلب العلم :

فإذا أردت التفقه في الدين فلابد من الاستمرارية والانقطاع للتحصيل .

       إنّ المتفقه إذا آخذ العلم بأساليبه الصحيحة واستشار أهل العلم وأخذ الأسلوب في التعلّم على العلماء وتدرّج في أخذ العلمُ الشُرعي وبدأ فيه بالسهل ثم الأصعب حتى يتمرّس في العلم فإنه بذلك يصل إلى نتيجة بإذن الله تعالى .

- استمرارُ المسلم في مجالسة الصالحين في حلق الذكر وفي المساجد وفي العمل وفي كل مكان :

    بحيث يختار المسلمُ جلساءه من أهل العلم وأهل الفقه في الدين يرشدونه ويحثونه على الخير ويعينونه على نفسه .

6) السمات التي يتميز بها المتفقه في الدين :

1- الصلاح والاستقامة على السنَّة ظاهراً وباطناً  وسلامة الاعتقاد وهؤلاء يؤخذ العلم منهم ولذلك في الحديث: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنةٌ من فقهه)([12]) وكذلك تخفيف سنتي الصبح وكذلك القصر في السفر .

2- تلقي العلم عن أهله وعدم الاستقلالية في طلب العلم : وأهل العلم هم العلماء والمشايخ وطلبة العلم والاستقلالية عنهم من علامات الغرور والافتراق وتؤدي إلى الانفصال عن العلماء في الهدي والرأي والمواقف والنظرة تجاه الأمور والحكم عليها .

3- ومن علامات المتفقه في الدين : تحصيل العلم الشرعي على نهج سليم وهو نهج السلف وطريقتهم في طلب العلم وهي التلقي عن المشايخ والتدرّج في طلب العلم والصبر وتحمل الأذى .

4- التواضع وعدم التعالي والغرور :  ومن مظاهر الغرورُ اللمز للعلماء والمشايخ والاستهانة بهم والاستقلالية عنهم والخروج عن طريقتهم وهديهم في التفقه .

ـ والسؤال المطروح :لماذا نجعل العلماء هم الموازين وأن الأصل في الفقه في الدين هو التلقي عنهم ؟

ـ والجواب هو :

       أن العلماء والمشايخ في جملتهم هم أهل الاستقامة وهم القدوة لأنهم: هم ورثة الأنبياء وهم حجّة الله في أرضه وهم الجماعة، وهم أهل الحل والعقد وهم الدعاة، وهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر،  وهم أمثل الأمّة وأفضلها وأعلاها منزلة . فهم مصدر الفقه في الدين فلاُ يتفقَّه إلا عن طريقهم فقط. فلا يجوز لمزَهُم وغيبتهم والاستهزاء بهم ويجب الذَّبُّ عن أعراضهم ونصرتهم قال عليه الصلاة والسلام: ( من ذبَّ عن عرض أخيه بالغيبة كانَ حقاِّ على الله أن يعُتقه من النّار )([13]) وقال: ( من نصر أخاهُ بظهر الغيب نصرهُ اللهُ في الدنيا والآخرة )([14])

5- ومن سمات المتفقه في الدين: الاعتدال بالعمل بالدين فلا تشديد ولا تساهل ، والاعتدال هو المنهج الوسط ومن ذلك الاعتدال في القول والنقل عن الآخرين قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[المائدة:8]

6- ومن العلامات :  أداء واجب النصيحة كما في الحديث الصحيح: ( الدين النصيحة، قالوا لمن  يا رسول الله ؟ قال : للّه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم )([15]).

 7) بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس في الفقه :

1-انتقاص بعض طلاب العلم للفقه والفقهاء أي الفقه في الأحكام : واستنقاص كتب الفقه وتراث الأئمة فيه مسلك خطير ويدل على عدم الفقه في الدين فلا بد من تعلّم الفقه من كتب الأئمة لأن الأحكام قائمة إلى قيام الساعة .

2- ومن الأخطاء :  تتلمذ الصغار على الصغار والاكتفاء بهم عن المشايخ والعلماء فلا مانع أن يدرس طالب العلم بنفسه ولا مانع من أن يدرّس غيره لكن بشرط أن يكون التلقي عن المشايخ هو الأصل وهو الأغلب. فلا يكون طالب العلم هو المرجع لغيره ويحجبهم عن المشايخ والعلماء .

3- ومن الأخطاء : الاعتماد على الوسائل دون التلقي عن أهل العلم فلا يتفقه في دينه من اعتمد على الكتب والكتيبات فقط وكذلك الأشرطة فهذا الذي يقرأ الكتب كثيراً ويسمع الأشرطة كثيراً ولكن لا يدرس على المشايخ يكون عنده علم ولكن ليس عنده فقه والاعتماد على الوسائل فقط يؤدي إلى آثار سلبية منها النظرة للمشايخ بنظرة قاصرة ويتَهم المشايخ بالقصور والتقصير وبعدم إدراك الواقع ويستهين بهم 

4- ومن الأخطاء : فصل الدعوة عن العلم والفقه :

     ولذلك نجد من يهتم بالدعوة عملياً لكن تحصيله للفقه والعلم الشرعي قليل جداً وكذلك نجد العكس من يهتم بالعلم الشرعي ولا يهتم بالدعوة عملياً وكلاهمُا خطأ ، فلابد من العلم الشرعي والدعوة إلى الله معاً .

5- ومن الأخطاء : الاعتماد على كتب الفكر والثقافة دون الكتب الشرعية .

6- ومن الأخطاء : الغلو في الدين أي التشديد على الناس في الدين وهذا الخطأ يكثر في الذين لم يتلقوا الفقه والعلم على المشايخ .

7- ومن الأخطاء : عدم العناية بالتربية والعبادة والبناء الخلقي :  فلا يفقه في دينه من لا يعمل بعلمه ، فلا بد من العمل والانقياد والخشوع والخشية والمراقبة والزهد في الدنيا وموافقة العمل للقول ، وكلما ازداد العبد علماً صحيحاً زادت لديه هذه الخصال . 

قال الحسن رحمه الله: ( كانَ الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يُرى ذلك في تخشّعه وبصره ولسانِه ويده وصلاته وزهدِه ) ([16])

 ـ وقال أبو قلابة لأيوب السختياني رحمهم الله: ( إذا أحدث اللهُ لك علماً فأحدث له عباده ولا يكن هّمك أن تحدث به ) ([17]).

 وقال الحسن بن صالح رحمه الله: ( إنّك لا تفقه حتى لا تبالي في يدي من كانت الدنيا )([18]) .

 وقال أحد السلف: ( إنّما الفقيه : الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، البصير بأمر دينه المداوم على عبادة ربه ) ([19])

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،، 


([1]) متفق عليه

([2]) شرح الطحاوية (1/ 458)

([3]) رواه أبو داود كتاب العلم (3 / 317)

([4]) صحيح الترغيب(65) رواه الطبراني والبزّار

([5]) صحيح الترغيب  (76)

([6]) صحيح – الترغيب (78)

([7]) الطبراني – صحيح – صحيح الترغيب (81)

([8]) الدارميُّ – المشكاةُ رقم (188) صـ66

([9]) رواه مسلم وأحمد

([10]) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه وأقره الذهبي

([11]) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم – صحيح –صحيح الجامع وصحيح الترغيب .ابن ماجة وابن حبان والحاكم عن جابر

([12]) رواه مسلم

([13]) رواه أحمد (6665) و صححه الألباني في غاية المرام ص431

([14]) صحيح الجامع (6574)

([15]) رواه مسلم وأحمد والنسائي

([16]) جامع بيان العلم 1/60

([17]) جامع بيان العلم 1/88

([18]) جامع بيان العلم 1/190

([19]) سنن الدرامي 1/88