مسألة: من وجد الإمام راكعاً فهل يدخل في الصلاة من قبل أن يصل الصف أم لا ؟


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة : من وجد الإمام راكعاً فهل يدخل في الصلاة من قبل أن يصل الصف أم لا ؟

القول الأول : أن من وجد الإمام راكعاً فلا يدخل في الصلاة حتى يصل الصف , واستدل القائلون به بحديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ " ([1])وزاد أبو داود فيه (فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ) .([2])

قالوا : قوله (لا تعد) أي لا تركع دون الصف ثم تمشي إليه ثم استدلوا بحديث "إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف" وهو حديث ضعيف كما في السلسلة الضعيفة ([3]).

القول الثاني : من وجد الإمام راكعاً يجوز له أن يركع قبل أن يصل إلى الصف ثم يمشي إلى الصف : واستدلوا بحديث أبي بكرة السابق وأن معنى قوله ( ولا تعد) أي لا تعد إلى الإتيان إلى الصلاة مسرعاً , كما ورد في طرق نفس الحديث (فقال : من الساعي ) وفي رواية (فقال : أيكم صاحب هذا النَفَس ) ويشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون"([4]) واستدلوا أيضاً بما رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة للألباني ([5])من رواية عطاء عن عبد الله بن الزبير أنه قال (إذا دخل أحدكم المسجد و الناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدب راكعاً حتى يدخل في الصف فإن ذلك من السُنة ) قال عطاء , قد رأيته يصنع ذلك , قال ابن جريج : (وقد رأيت عطاء يصنع ذلك ) قالوا : قول الزبير (من السُنَّة) له حكم المرفوع وقاله وهو يخطب في المسجد الحرام ولم ينكر عليه أحد .. ثم استدلوا أيضاً بما ثبت من عمل الصحابة غير ابن الزبير وأبي بكرة مثل زيد بن ثابت كما رواه عنه البيهقي في سنته([6]) وسنده صحيح وكذلك عبد الله بن مسعود وزيد بن وهب رضي الله عنهما أنهما خرجا إلى المسجد فلما توسطا المسجد ركع الإمام فكبرا وركعا ثم مشيا راكعين حتى انتهيا إلى الصف حين رفع القوم رؤوسهم و الأثر رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ([7])وعبد الرزاق و الطحاوي و الطبراني و البيهقي بسند صحيح و الآثار في ذلك كثيرة و ذكرها الألباني ([8])

قلت هذه الآثار عن الصحابة من المرجحات المعروفة في علم الأصول على أن معنى (ولا تعد) ليس كما قال أصحاب القول الأول أي لا تركع دون الصف ثم تمشي إليه لأنه لا يعلم أن أحداً من الصحابة قال بهذا بل الآثار ترجح ما قاله أصحاب القول الثاني ولذلك ترجم الإمام ابن خزيمة لحديث أبي بكرة بقوله (باب الرخصة في ركوع المأموم قبل اتصاله بالصف ودبيبه راكعاً حتى يتصل بالصف في ركوعه ) .

ويتلخص مما تقدم :

أن النهي لا يشمل الاعتداد بالركعة ولا بالركوع دون الصف وإنما هو خاص بالإسراع فقط وهذا المعنى دلت عليه روايات حديث أبي بكرة وكذلك حديث ابن الزبير وقوله (إن ذلك من السُنَّة) وكذلك الآثار الثابتة من عمل الصحابة وفق هذا المعنى ولم يثبت عن غيرهم خلاف ذلك فيترجح هذا القول الثاني والله أعلم .

كتبه

إبراهيم بن عبد الله المزروعي

 


 

([1])رواه البخاري برقم (783)

([2])صحيح سنن أبي داود (684) وراجع السلسلة الصحيحة تحت حديث (229)

([3])رقم (977)

([4])صحيح سنن أبي داود (580)

([5])برقم (229)

([6])(2/90)

([7])(1/99)

([8])في السلسلة الصحيحة تحت رقم (229)