الجزاء من جنس العمل


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أمـا بعـد :

فتعريــف : الجزاء من جنس العمل : سنةٌ إلهيةٌ وقاعدة عدليةٌ شريفة مستقاةٌ من النصوص الشرعية . ومعناها أن جزاء العمل من جنس عمله إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ( جزاءً وفاقا ) وهي نفسها ( كما تدين تُدان )

مقدمـــة:  أهمية القاعـدةِ :

لو وضع المسلم هذه القاعدة نُصب عينيه ، لزَجَرتهُ عن كثير من الذنوب والمعاصي ، ولتخيل دائماً ما ينتظره من عاقبة أعمالهِ . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كما لا يُجتَنى من الشوك العنب ، كذلك لا ينزلُ الفجارُ منازل الأبرار ، فاسلكوا أيَّ طريقٍ شئتم ، فأيّ طريقٍ سلكتم وردتم على أهله " [1]

وقال صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده "[2]

فالجزاء من جنس العمل : قاعدةٌ شرعية مهمة  : لها آثارٌ عظيمةُ النفع في إصلاح الدين والدنيا لأولي الألباب الذين يزِنونَ الأفعال بعواقبها ، وهي دافعة للأعمال الصالحة ، ناهية عن الظلم ، مواسية للمظلومين . فلو استحضر الظالم عاقبة ظلمه ، وأن الله سيسقيه من نفس الكأس عاجلاً أو آجلاً ، لكَفَّ عن ظلمه وتاب إلى الله . ولذلك قال سعيد بن جبير رحمه الله للحجاج عندما سأله : أختر يا سعيد أيَّ قتلة تريد أن أقتلك ؟ فقال سعيد : بل اختر لنفسك يا حجاج ، فوالله ما تقتلني قتلةً إلا قتلك الله مثلها يوم القيامة . وتقول الحكمة ( بشر القاتل بالقتل ) . ولو أن هذا الفاجر المستهتر الذي يعبث بحرمات الناس وينتهك أعراضهم ، علم أن عدل الله قد يقضي بأن يُنتهك عِرضه ، لتاب وترك أعراض الناس .

في أهله يُزنى بربع الدرهـم

 

من يزنِ في قومٍ بألفي درهم

كان الوفا من أهلِ بيتك فاعلم

 

إن الزنا دَينٌ إذا استقرضته

وستأتي أمثلةٌ كثيرةٌ على ذلك إن شاء الله تعالى .

وهذا الموضوعُ يدور حول ثلاثةٍ من أسماء ربِّنا عز وجل وهي : الحَكم والرحيم والعدل . والجزاء من جنس العمل يرتبط بهذه الأسماء الثلاثة ، ويُجازي الله عباده على حسب ما يصدر منهم من أفعال .

أ  ) أما الحَكَمُ : فقد قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : " إن الله هو الحكم وإليه الحُكْم "[3], والحَكَم والحاكم بمعنى واحد ، والله حَكَمٌ في الدنيا والآخرة ، وهو المنفرد بالحُكم ، وهو خيرُ الحاكمين وأحكم الحاكمين .

ب) وهو الحكيمُ أي المُحكِمُ لأمره الكوني والشرعي . قال ابن القيم رحمه الله( وأنه سبحانه : كما أنه البَرُّ الرحيم الودود ، فهو الحكيم الملك العدل ، فلا تُناقضُ حكمتُه رحمته ، بل يضع رحمته وبِرَّه وإحسانه موضعه ، ويضع عقوبته وعدله وانتقامه موضعه ) [4].

 وقال ابنُ القيم رحمه الله (الحكيمُ الذي إذا أمر بأمر كان حَسَنا في نفسه وإذا  نهى عن شيْء كان قبيحا في نفسه ، وإذا أخبر بخبر كان صدقا، وإذا فعل فعلاً كان صوابا ، وهذا الوصف على الكمال لا يكون إلا لله وحده).[5]

ج) وأما العدل فهو أيضا من أسماءِ الله الحسنى : فهو سبحانه وتعالى موصوفٌ بالعدل في فعله ، فأفعالُه كلُّها جاريةٌ على سنن العدل والاستقامة ، وما يُنزِلُه سبحانه وتعالى  بالعصاةِ والمكذبين من أنواع الهلاك والخزي في الدنيا والآخرة ، فإنما فعل بهم ما يستحقون ، وأقوالُه كلها عدلٌ فهو لا يأمرُهم إلا بما فيه مصلحةٌ ، ولا ينهاهم إلا بما فيه مضرةٌ ، وكذلك حكمُه بيِن عبادِه يوم فصل القضاء ووزنُه لأعمالهم ،لا جورَ فيه. قال تعالى(ونضعُ الموازينَ القسط ليومِ القيامةِ فلا تُظلمُ نفسٌ شيئا ) الأنبياء (47)

الأدلة عل القاعدة من القرآن الكريم :- الجزاءُ من جنسِ العملِ

1) قال الله تعالى ) إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعُهُم ( النساء (142) . قال ابن كثير رحمه الله (إن المنافقين لجهلهم وقلةِ عملهم وعقلهم يعتقدون إن أمرهم كما راجَ عند الناس ، فكذلك يكون حكمُهُم  يوم القيامة عند الله وأنّ أمرهم يروجُ عنده ، كما أخبر عنهم تعالى أنهم يوم القيامة يحلفون له أنهم كانوا على الاستقامة والسداد ، ولكن الله يستدرجهم في طغيانهم ،ويخذلهم عن الحق والوصول إليه في الدنيا وكذلك يوم القيامة ،كما قال تعالى ( يوم يقول المنافقون والمنافقاتُ للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم )[6] فالجزاء من جنس العمل .

2) قال تعالـى ( والسارقُ والسارقُة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالا من الله ، واللهُ عزيزٌ حكيم )المائدة 38 . قال ابن كثير رحمه الله (جزاء بما كسبا) أي: مجازةً على صنيعهما السيء في أخذِهما أموال الناس بأيديهم ، فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك ، والجزاءُ من جنس العمل ))[7]

3) قال تعالى (من يشفعْ شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها ، ومن يشفعْ شفاعةً سيئةً يكن له كفل منها  ( النساء ( 85 ) 

أي : من يتوسط في أمر فيترتبُ عليه خيرٌ يكن له ثوابُ الشفاعةِ  والتسبب  إلى الخير الواقع بها .

4) قال تعالى( من جاء بالحسنةِ فله عشرُ أمثالها ،ومن جاء بالسيئةِ فلا يُجزَي إلا مثلها ) الانعام (160)

5) قال تعالى) هل تُجزونَ إلا ما كنتم تعملون ( النمل (90)

6) قال تعالى) يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس، فافسحوا يفسح الله لكم ( المجادلة (11) قال ابن كثير رحمه الله:(وذلك إن الجزاءَ من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح " من بنى لله مسجدا، بنى الله له بيتا في الجنة " [8]

وفي الحديث الاخر "من يسرَّ على معسر يسَّر الله له في الدنيا والآخرة  . [9]

7) قال تعالى( ولاتكونوا كالذين نسو الله فأنساهُم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ) الحشر (19)

قال ابن كثير رحمه الله :(أي لا تنسوا ذكر الله تعالى فينسيكُم العمل الصالح الذي ينفعكم في معادكم فإن الجزاءَ من جنس العمل) التفسير(4\342 ) والايات كثيرة .   

أمثلةٌ على الجزاءِ من جنس العمل :

1) إفشاءُ السلام : قال رسو الله صلى الله عليه وسلم ( أُفشوا السلام تسلموا )[10]. قال المناويُ رحمه الله "افشوا السلام بينكم تسلموا من التنافر والتقاطع وتدوم لكم المودةُ ، وتجمع القلوب وتزول الضغائنُ " ، فأخبر رسولُ الله أن السلامَ يبعث على التحابب وينفي التقاطع  قال رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم ( إذا اصطحبَ رجلان مسلمان فحال بينهما شجرٌ او حجرٌ " أومدرٌ "فليسلّمِ أحدُهُما على الاخَرِ ، وتبادلو السلامَ) [11]. وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :" إنّ موجباتِ المغفرةِ بذلُ السلامِ وحُسْن الكلام " [12]

2) البلاءُ والمرضُ : قـال رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم :" إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ ، فإن الله تعالى إذا أحبَّ قوما ابتلاهم ، فمن رضيَ فله الرضى ، ومن سخط فله السخط "[13].

قال ابنُ القيم رحمه الله: ( رضي العبدِ عن ربه في جميع الحالات يثمرُ رضَى رِّبه عنه ،فإذا رضى عنه بالقليل من الرزق  رضى رُّبه به عنه بالقليلِ من العملِ ) [14]

3) الاستماعُ إلى حديثِ قومٍ وهم له كارهون : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  :" من استمع إلى حديثِ قوم وهم له كارهون ، صُبَّ في أُذنيهِ الآنكُ" [15]أي من استمع إلى حديثِ قومٍ وهم لا يريدون استماعه أو يكرهون استماعه . أما مستمعُ حديثِ قوم يقصد منهم الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته . قال ابن حجر رحمه الله (أما الوعيد على ذلك بصبِّ الآنكِ في أذنه فمن الجزاءِ من جنس العمل )   [16]

4) لعنُ من لا يستحق اللعنةَ : قال رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم :" لا تلعن الريحَ فانها مأمورةٌ ، وأنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنةُ عليه) [17] . والجزاء من جنس العمل .

5) صِلةُ الارحامِ و قطعُ الارحامِ : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم :" إن الرحم شَجْنَةٌ من الرحمن ، فقال الله : من وصلكِ وصلتُه ، ومن قطعكِ قطعتهُ). [18]

أي أنها أثرٌ من آثار الرحمة مشتبكةٌ بها فالقاطع لها منقطعٌ من رحمة الله .

6) من عالَ البناتِ وأدّبهن : قال صلى الله عليه وسلم :" ليس أحدٌ من أمتي يعولُ ثلاثَ بنات أو ثلاثَ أخوات ،فيحسن إليهن إلاّ كُنَّ له ستراً من النار ) [19]، قال المناوي رحمه الله (كما ستَرَهُنَّ في الدنيا عن ذُلِّ السؤالِ وهتكِ الأَعراضِ باحتياجهن إلى الغير ربما جرّ إلى الفاحشة وجُوزِيَ بالسترِ من النار جزاءً و فاقاً )[20]. والجزاءُ من جنسِ العمل .

7) المشاؤون في الظلم إلى المساجد : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  :"  بشّر المشائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ".[21] مشوا في الظلم إلى المساجد ، فأنعم الله عليهم بالنور التام يوم القيامة . والجزاءُ من جنسِ العمل .

8) من بنى لله مسجداً : قال رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم :" من بنى مسجداً لله يذكر الله فيه ، بنى الله له مثله في الجنة ) [22]

9 ) تسوية الصفوف :- قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" أقيموا الصفوف ،فأنما تَصفُّون بصفوف الملائكةِ ، وحاذوا بين المناكبِ ، وسدّوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولاتذروا فُرجاتٍ للشيطان ، ومن وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله ".[23]قال المناويُ رحمه الله ( من وصل صفاً بوقوفه ، وصله الله برحمته ورفع درجته ، ومن قطع صفاً لغير حاجة أبعده الله عن ثوابه ومزيد رحمته ، والجزاء من جنس العمل ).[24]

10) التأخّرُ عن الصلاة :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال قومٌ يتأخرونَ حتى يؤخّرَهُم الله "[25]. قال النوويُ رحمه الله ( أي عن الصفوف الأولى حتى يؤخرهم الله عن رحمته ، أو عظيم فصله " [26]

تأخّروا في الدنيا عن الصفوف الأولى ، فأخّرهم الله عز وجل يوم القيامة ، والجزاء من جنس العمل .

11) الأنفاق والبخل عنه : عن أسماء رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : " أنفقي ولا تحصُى ، فيُحصِي اللهُ عليك ، ولا تُوعي فيوُعى اللهُ عليكِ ".[27]

*والأيعاءُ : حفظُ المالِ بالوعاءِ وجعلُه فيه ، أي لا تمنعى فضلَ اللهِ عن الفقراءِ ، فيمنعُ اللهُ عنكِ فضلَه .  قال ابنُ باز رحمه الله ( الصوابُ إثباتُ وصفِ الله بذلك حقيقةً ، وهو سبحانه يجازي العاملَ بمثل عمله ، فمن مكر مكر به ، ومن خادع خدعه ، وهكذا من أوعى أوعى الله عليه ، وهذا قول أهل السنة والجماعة فألزمه ) [28]، والجزاءُ من جنس العمل .

12) إنظارُ المظالم المعسرِ أو التجاوزُ عنه : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  :" حوسِبَ رجلٌ ممن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيءٌ ، إلا أنه كان رجلاً موسراً فكان يخالط الناس ، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر ، فقال تعالى : نحن أحقُّ بذلك منه تجاوزوا عنه " [29] ، فهذا الرجلُ يسامحُ الناسَ ويتجاوز عنهم ، سامحه الله وتجاوز عنه ذنوبه . 

13)عتق الرقاب : في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم : " من أعتق رقبة مسلمة ، أعتق الله له بكل عضو منها عضوا من النار حتى فَرْجَهُ بفرجة "[30]. قال المناوي رحمه الله: (جزاء وفاقا والجزاء من جنس العمل ) [31]

14) من منع فضل مائة :  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يم القيامة ولاينظر إليهم : رجل حلف على سلعته لقد أعطى بها اكثر مما أعطى وهو كاذب ،ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقطع بها مال رجل مسلم ، ورجل منع فضل مائه ، فيقول الله : اليوم أمنعك فضلي كما منعتَ فضلَ مالم تعمل يداك[32]. والجزاء من جنس العمل .

15) والسابقون السابقون : قال الله تعالى والسابقون السابقون الواقعة 10 ، قال ابن كثير رحمه الله (المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا , كما قال تعالى ( سابقوا إلى المغفرة من ربكم وجنة (فمن سابق في هذه الدنيا ، وسبق إلى الخير كان من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ، ولهذا قال تعالى )أولئك  المقربون في جنات النعيم ( [33]

16)الرفق والرحمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" ارحم من في الأرض ، يرحمك من في السماء " [34]قال المناوي رحمه الله (ارحم من في الارض : يشمل جميعَ أصناف الخلائق ، فيرحُم البَرَّ والفاجرَ والناطق والمبهم والوحش والطير )[35]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم "[36] وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من لا يرحم الناس لايرحمه الله " [37]. وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من لايرحم لايرحم  ، ومن لايغفر لايغفر له " [38]. وقال رسول الله :" من رحم ولو ذبيحة عصفور ، رحمه الله يوم القيامة " .[39]

17)من ضارَّ ضارَّ الله به :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :"  من ضارَّ ضارَّ الله به ، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه " [40]

قال المناوي رحمه الله ( من ضارَّ : أي أوصل ضِراراً للمسلم بغير حق . ضار الله به : أي أوقع به الضرر البالغ . ومن شاق : أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو غيرها . شق الله عليه : أي أدخل عليه مايشق عليه مجازة له على فعله بمثله ) [41]

18) الحب في الله يؤدي إلى محبة الله للعبد :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" زار رجل أخا له في قرية ، فبعث الله له ملكا على مدرجته ، فقال : أين تريد ؟ قال : أخاً لي في هذه القرية ، فقال : هل له عليك من نعمة تَربُّها؟ قال : لا إلاّ أني أحبه في الله ، قال : فإنني رسول الله إليك إنَّ الله أحبك كما أحببته " [42]والجزاء من جنس العمل .

19) نصرة المؤمنين ونصحهم :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من يكن في حاجة أخيه يكن الله في حاجته "[43].

قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من ردَّ عن عِرض أخيه ، ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة " [44]

. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" من ستر أخاه المسلم في الدنيا ، ستره الله يوم القيامة ".[45]

 قال المناوي ( من ستر أخاه بأن اطلع منه على ما يشينه في دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ). [46]

قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة ". [47]

وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من نفس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا ، نفَّس الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسرٍ ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة "[48]. والجزاء من جنس العمل  .

20) أداء الديون  : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من أخذ أموال الناس يريد أداءها ، أدّى الله عنه  ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " [49]

21) رضا الله وعقوق الوالدين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" رضا الرب في رضا الوالدين ، وسخطه في سخطهما " [50]

قال المناوي رحمه الله ( أي غضبهما الذي يوافق القوانين الشرعية ) [51]

22) الانتحــــار : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذب به يوم القيامة " [52]

23) شرب الخمر :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" أتاني جبريل فقال : يا محمد ، إنَّ الله عزّوجل لعن الخمر ، وعاصرَها ، ومعتصرها ، وشاربَها ، وحاملَها ، والمحمولةَ إليه ، وبائعها ، ومُبتاعَها ، وساقيها ، ومَسقيها "[53]

  وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم " من شرِب الخمر في الدنيا ، ثم لم يتُب منها حُرِمها في الآخرة "[54].

قال ابن حِجر رحمه الله : " ويحمل الحديث عند أهل السنة على أنه لا يدخلها ولا يشرب الخمر فيها إلاّ إن عفا الله عنه كما في بقية الكبائر وهو في المشيئة " [55]

قال المناوي رحمه الله : " يحرم منها جزاءً وِفاقا ، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه ، فيالها من حسرة وندامة ، حيث باع أنهاراً من خمرٍ لذَّةٍ للشاربين بشرابٍ مُذهب للعقل مُفسد للدنيا والدين "[56]. والجزاء من جنس العمل .

24) الريـاء:  قال صلى الله عليه وسلم : " ما من عبدٍ يقوم في الدنيا مقام سُمعة ورياءٍ إلاّ سمَّع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة " [57]

قال المناوي رحمه الله ( سمّع الله به ) أي يُظهر للخلق سَريرتَه ويملأ أسماعهم مما انطوى عليه جزاءً وِفاقاً " [58]

25) تتبُّع عورات المسلمين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : " لا تؤذوا المسلمين ولا تُعيِّروهم ، ولا تتَّبِعوا عوراتهم فإن من تتبَّع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رَحلِه" [59]

26) لبس الحرير والذهب للرجل :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : " إن كنتم تحبون حِلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا)[60] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ". [61]

27) لبس ثوب الشُّهرة :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : " من لبس ثوب شُهرةٍ ألبسه الله يوم القيامة ثَوبا مثله ، ثُمّ تُلهب فيه النار)[62]

قال المناوي رحمه الله ( من لبس ثوب شهرة أي ثوب تكبر وتفاخر ، والشهرة هي التفاخر في اللباس المرتفع أو المنخفض للغاية إذا كان شهرةً وخيلاء وتكبراً ، أمّا إذا كان لبسه تواضعا فهو ممدوح ، كما إنّ لُبس الرفيع من الثياب إذا كان تجملا وإظهاراً للنعمة) [63]

28) من ترك اللباس تواضعا لله :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : " من ترك اللباس تواضعا لله ، وهو يقدر عليه ، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، حتى يُخيِّره من أي حُلل الإيمان شاء يلبسها " [64]

قال المناوي رحمه الله ( من ترك اللباس أي لِبس الثِّياب الحسنة تواضعاً لله أي لا لِيُقال إنه متواضع أو زاهد )[65]. والجزاء من جنس العمل .

29)ذكر الله تعالى : قال تعالى " فاذكروني أذكركم " . والجزاء من جنس العمل .  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" t; ما جلس قوم يذكرون الله ، إلاّ حفّتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده " [66]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" قال الله تعالى : يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ، ذكرتُك في نفسي ، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم ، وإن دنوت منّي شبراً ، دنوت منك ذراعا ، وإن دنوت منّي ذراعا دنوت منك باعاً ، وإن أتيتني تمشي أتيت إليك أُهروِل " [67]

30)أخذ الأجر على تعليم القرآن :  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من أخذ على تعليم القرآن قوسا ، قلّده الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة "[68]. والجزاء من جنس العمل .

31)الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم :قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من صلى علي واحدةً ، صلى الله عليه عشر صلوات ، وحطّ عنه عشر خطيئات ، ورفع له عشر درجات ".[69]

 قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الإفهام : هذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة إن الجزاء من جنس العمل . فصلاة الله على المصلي على رسوله جزاءً لصلاته هو عليه .

فائـــدة :

قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" أتاني جبريلُ فقال: يا محمد: أما يرضيك إن ربك عز وجل يقول : أنه لا يصلي عليك أحد من أمتك صلاةً إلا صليت عليه بها عشراً ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً ،فقلت بلى أي رب " [70]

32) طريق العلم الشرعي : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من سلك طريقاً يطلب فيه علماً ، سلك الله به طريقاً إلى الجنة".[71]

وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من سُئل عن علم فكتمه ، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار" [72]والجزاء من جنس العمل .

33) الولاية على أمور المسلمين : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فاشقق عليه ، ومن وليَ من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به " .[73]

 قال المناوي رحمه الله ( لا مانع من إرادة الأعم هنا ( شيئاً ) من الولاية كخلافة وقضاء وإمارة ووصاية وغير ذلك ) فيض القدير . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" t; ما من إمام أو والٍ يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلَّة والمسكنة إلا أعلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته " .[74]

 قال المناوي رحمه الله ( أي يمنعهم من الولوج عليه وعرض أحوالهم عليه ويترفع عن استماع كلامهم ، إلا منعه الله عما يبتغيه وحجب دعاءه عن الصعود إليه جزاءً وفاقاً ).[75]

 قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم :" ما من أميرِ عشرةٍ إلا وهو يؤتَى به يوم القيامة مغلولاً ، حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور " [76]

34) احفظ الله يحفظك : قال ابن عباس رضي الله عنهما : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" ياغلام، ألا أعلمك كلماتٍ ينفعك الله بهن؟ فقلت بلى ، فقال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعَرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ".[77]

 قال ابن رجب رحمه الله ( احفظ الله يحفظك : يعني إن مَنْ حفظ حدود الله وراعى حقوقه ، حفظه الله ، فإن الجزاء من جنس العمل ). وقال أيضاً ( يعني احفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه ، أي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، ولا تتجاوز ما أمر به إلى ما نهى عنه ، فدخل في ذلك فعل الواجبات جميعاً وترك المحرمات كلها وذلك كله يدخل في حفظ حدود الله )[78]

أما حفظ الله لعبده فهو أنواع :

* أشرفها وأفضلها : أن يحفظ عليه دينه وإيمانه في حياته من الشبهات المردية والبدع المضلة والشهوات المحرمة ، ويتوفاه على الإسلام .  

* أن يحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله وولده .

* أن يحفظه بأن يمنع عنه ما يريد من الدنيا رحمةً به كما في حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب وتخافون عليه " [79]

فالجزاء من جنس العمل قاعدة شرعية عدلية أدلتها كثيرة في النصوص الشرعية

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 


 

[1] أبو نعيم ـ صحيح الجامع (4452) 

[2] أخرجه الدارقطني وأبو نعيم والحاكم / الصحيحة  (3210) وصحيح الجامع (5882) وزاد الحاكم في روايته ( فإنّ الله يُنزل العبدَ من حيث أنزلَه من نفسه )

[3] أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم / صحيح الجامع  (1841)

[4] شفاء العليل لابن القيم

[5] مدارجُ السالكين(3/460)

[6] تفسير ابن كثير (2/389)

[7] تفسير ابن كثير (3/103)           

[8] أخرجه البخاري برقم (441) ومسلم برقم (860)

[9] أخرجه ابن ماجه(2414)

[10] أخرجه البخاريُّ في الادبِ المفردِ وغيرُه  وحسَّنَهَ في صحيح الجامع (1098) والصحيحة (1493) للألباني

[11] أخرجه البيهقيُّ و حسَّنَهُ في صحيح الجامع رقم (352)

[12] أخرجه الطبراني و صححه الألباني في صحيح الجامع (2228)

 

[13]أخرجه  الترمذيُّ وإبنُ ماجة وحسَّنَه في صحيح الجامع والصحيحة (146)

[14] مدراج السالكين (2\206 ).

[15] أخرجه الطبراني وصححه في صحيح الجامع (5904)

[16] (فتح 12/447 ):

[17]أخرجه   ابو داود  و الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع (527)

[18] أخرجه البخاريُ

[19] أخرجه البيهقي في الشعب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5248

[20] فتح القدير (5\362)

[21] صحيح أبي داود 570 ، الترمذي وصحيح الجامع 2820

[22] أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة صحيح الجامع (6006)

[23] أخرجه أحمد وأبو داود صحيح الجامع (1198) ، والنسائي والحاكم والصحيحة (743)

[24] فيض القدير 5712

[25] أخرجه مسلم وابن خزيمة

[26] شرح مسلم( 15914)

[27] متفق عليه

[28] تعليق ابن باز على فتح الباري (35213)

[29] أخرجه الترمذيُّ و البخاريُ في الأدبِ والحاكمُ وصححه في صحيح الجامع الصغير (3154)

[30] متفق عليه

[31] فيض القدبر (6\106)

[32] ) متفق عليه

[33] تفسير ابن كثير (7\490)

[34] الطبراني والحاكم وصححه في صحيح الجامع (909)

[35]  فيض القدير( 1\473 )

[36] أخرجه  أحمد والبخاري في الأدب  المفرد وصححه الألباني في صحيح الجامع( 910)

[37] متفق عليه

[38] أخرجه أحمد في المسند

[39] رواه البخاري في الأدب والطبراني صحيح الجامع 6137.

[40] أخرجه أحمد وأصحاب السنن / في صحيح الجامع( 6248 )

[41] فيض القدير 6/173

[42] أخرجه مسلم وأحمد   

[43] متفق عليه

[44] أخرجهأحمد والترمذي وصححه في صحيح الجامع (6138)

[45] متفق عليه

[46] فيض القدير (6/149)

[47] أخرجه البيقي وصححه الألباني في صحيح الجامع (6450 ) والصحيحة (1217)

[48] أخرجه أحمد ومسلم والأربعة إلا النسائي

[49] أخرجه أحمد و البخاري .

[50] أخرجه الطبراني ـ وصححه في صحيح الجامع ( 3501)

[51] فيض القدير (4/33)

[52] أخرجه مسلم

[53] الطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب وصححه في صحيح الجامع 72 .

[54] متفق عليه

[55] فتح (10/35 )

[56] فيض القدير 6/157

[57] أخرجه الطبراني صححه الألباني في صحيح الترغيب( 1/17)

[58] فيض القدير 6/242

[59] أخرجه الترمذي برقم (2005)

[60] أخرجه أحمد والنسائي في صحيح الجامع 1451.

[61] متفق عليه

[62] أخرجه أبو داود وابن ماجة وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم( 6402 )

[63] فيض القدير 6/218

[64] أخرجه الترمذي والحاكم وحسّنه الألباني في الصحيحة 717 وصحيح الجامع( 6021)

[65] فيض القدير 6/101

[66] مسلم صحيح الجامع( 5484 )

[67] أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع (4337) والصحيحة (2012)

[68] أبو نعيم والبيهقي صححه الألباني في الصحيحة 256 وصحيح الجامع 5858

[69] أحمد و البخاري  والنسائي ـ صحيح الجامع (6235)

[70] أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وابن حبان ـ وصححه الألباني في الصحيحة (827) وصحيح الجامع (71)

[71] أخرجه أحمد والأربعة ـ صحيح الجامع ( 6173) 

[72] أخرجه ابن ماجه ـ صححه الألباني  في صحيح الجامع (5589).

[73] أخرجه مسلم

[74] أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني في الصحيحة (630) وصحيح الجامع ( 5562)

[75] فيض القدير (5/470)

[76] أخرجه البيهقي وصححه الألباني في الصحيحة (344) وصحيح الجامع ( 5571)

[77] أخرجه أحمد والبيهقي والترمذي ، وله شواهد

[78] جامع العلوم والحكم

[79] أحمد والحاكم ـ وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 1810)