أنتَ متشدِّدٌ !!


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

أنت متشدِّد… وصف يُطلق على المتدَّينين بحقٍّ أو بباطل، فقد استخدمه الغربيُّون لمحاربة الإسلام، واستعمله العَلمانيُّون لإبعاد الناس عن التدّين، ورمى به بعض المثقفين كلَّ من يخالفهم في بعض المسائل الفقهيّة، فمن أطلق لحيته فهو متشدد!! ومن قصَّر ثوبه فهو متشدد!! وإذا غطت المرأة وجهها فهي متشددة!! ومن لم يسمع الموسيقى فهو متشدد!! ومن لبس الساعة في يده اليمنى فهو متشدد!! ومن لبس غترة بلا عقال فهو متشدد!!

حتى غاب التشدّد الحقيقي عن مفاهيم الناس فأصبح بعض الناس على أصناف:

صنف: يعيب بعض السنن التي جاءت بنص النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وصنف: غابت عنهم علامات التشدد الحقيقية ومناهج التطرف الردية، فغاب عنهم تشدد الإخوان المسلمين، والتكفيريين، غاب عنهم تشدد الطرقية الذين غلوا في بعض الصالحين ونذروا الذبائح للقبور، غاب عنهم تشدد الذين طعنوا في الصحابة وكفروا خيار المسلمين، وضربوا أنفسهم بالسكاكين حتى سالت الدماء من رؤوسهم.

ومن العجيب أن بعض المثقفين الذين يرمون بعض من يطبق السنة بالتشدد، هم في أنفسهم يقعون في التشدد بإلزام الناس بآرائهم المجردة أو بمسائل يسوغ فيها الخلاف أو بما هو مرجوح من الأقوال.

يا صاح لَمْزُ الناس بالتشدد دون معرفة مفهومه ومعناه وتنزيله على مستحقه من اللمز المحرم الذي قال الله فيه {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}.

يا مثقف إن وصف غير المتشدد بالتشدد أوقع الناس في حيرة واضطراب لم يستفد منه إلا أصحاب التشدد.

فقف وميَّز بين ما كان يعمله نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم من السنن العقدية والقولية والفعلية وبين ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم مما هو من التشدد؛ فسنته صلى الله عليه وسلم هي الميزان الذي توزن فيه الأعمال سمحها وعدلها وتشددها وغلوها فعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: “إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمِيزَانُ الْأَكْبَرُ، فَعَلَيْهِ تُعْرَضُ الْأَشْيَاءُ، عَلَى خُلُقِهِ وَسِيرَتِهِ وَهَدْيِهِ، فَمَا وَافَقَهَا فَهُوَ الْحَقُّ، وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ الْبَاطِلُ” الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (8)

فاحذر أخي المسلم من الخلط بجهل أو بقصد حتى لا تقع في الغلط واللغط أو في الظلم والإثم.