ظاهرة مشاهير التواصل الاجتماعي وأثرها على المجتمع


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد؛

 فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،

 إخواني الأفاضل من نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان تقريب البعيد، وتيسير التواصل بين الناس لتحقيق التعارف الذي يكون بين البشر، وبناء عليه كل واحد من البشر يقوم بدوره في هذه الحياة، الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين في القدرات وفي المهارات، وجعل حاجتنا عند بعض فكل واحد منا يقدم لهذه البشرية ولهذا العالم خدمة أيًّا كانت، قال الله عز وجل: ﵟأَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٣٢ﵝالزُّخۡرُف : ﵒﵓﵜ ، اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت ﵟلِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ ﵞ قال المفسر ابن كثير رحمه الله: «قيل معناه: ليسخر بعضهم بعضا في الأعمال لاحتياج هذا إلى هذا وهذا إلى هذا» ([1]) ، وقال المفسر الشنقيطي صاحب أضواء البيان رحمه الله: «ومعنى تسخير بعضهم لبعض - خدمة بعضهم البعض، وعمل بعضهم لبعض ؛ لأن نظام العالم في الدنيا يتوقف قيامه على ذلك، فمن حكمته - جل وعلا - أن يجعل هذا فقيرا مع كونه قويا قادرا على العمل، ويجعل هذا ضعيفا لا يقدر على العمل بنفسه، ولكنه تعالى  يهيئ له دراهم يؤجر بها ذلك الفقير القوي، فينتفع القوي بدراهم الضعيف، والضعيف بعمل القوي  فتنتظم المعيشة لكل منهما، وهكذا» ([2]) ،  ومما يدلك على نعمة تقريب البعيد وتيسير التواصل ما جاء في قصة قوم سبأ لمن منكم تدبر هذه القصة ونظر في الدروس والعبر المأخوذة منها، قال الله عز وجل: ﵟوَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ ١٨ فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ ١٩ﵞ ﵝسَبَإ : ﵘﵑ - ﵙﵑﵜ، قال ابن كثير: «يذكر تعالى ما كانوا فيه من الغبطة والنعمة والعيش الهنيء الرغيد والبلاد الرخية والأماكن الآمنة والقرى المتواصلة المتقاربة بعضها من بعض مع كثرة أشجارها وزروعها وثمارها بحيث إن مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء بل حيث نزل وجد ماء وثمرا، ويقيل في قرية ويبيت في أخرى بمقدار ما يحتاجون إليه في سيرهم فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم وذلك أنهم بطروا هذه النعمة، وأحبوا مفاوز يحتاجون في قطعها إلى الزاد والرواحل والسير في الحرور والمخاوف» ([3]) ،  فتقريب البعيد من نعم الله على العباد، ومن أمثلة ذلك الطائرة نعمة، السيارة نعمة حيث أنها يسرت الانتقال للعباد بين البلاد، ومما امتن الله به على عباده نعمة الانترنت التي سهلت للناس الكثير من أمورهم، ومن ذلك التواصل مع بعضهم ومنه ما يسمى اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي، وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التواصل الاجتماعي من أكثر البرامج شعبية واستخداما بين الأفراد في العالم بسبب الميزات التي تحتويها، ومنها سهولة التواصل مع الآخرين وتكوين علاقات اجتماعية كبيرة جدا في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة اليوم عندك الواتساب مثلا مجموعات، المجموعة الواحدة تأخذ قريب من ثلاثمئة عضو، التلغرام والمجموعات التي فيه ونرى استعمال مجموعات الواتساب ومجموعات التلغرام في الأمور التعليمية التواصل في المجال التعليمي في المجال الوظيفي في المجال المعرفي، دورات كاملة تقام واختبارات ونتائج فأدت إلى سهولة التواصل مع الآخرين وتكوين علاقات اجتماعية كبيرة جدا ما كان لها أن تتكون بغير هذه الصورة، ولكن في عالم التواصل الاجتماعي ظهر مصطلح له أثره على الواقع هو مصطلح مشاهير السوشيال ميديا وظاهرة الفاشينستا، ويسميهم البعض بالمشاهير أو المؤثرين أو صناع المحتوى، وهؤلاء ينقسمون إلى فئتين:

 الفئة الأولى: من له طرح إيجابي صحيح مؤثر في القضايا المجتمعية، وهم قلة ويشكرون على جهودهم وليس الكلام معهم.

 الفئة الثانية: وهي محل محاضرتنا اليوم وكلامنا، فئة خرجت تلهث وراء الشهرة وتحقيق الربح المادي وتسويق أنفسهم أمام المتابعين لتحقيق هذا الغرض، مطبقين للقاعدة الفاسدة الغاية تبرر الوسيلة، هذه الفئة هي محل كلامنا في هذه المحاضرة، وللأسف اغتر بهم الكثير من المتابعين فظنوا أن السعادة الحقيقية في المال والشهرة لماذا؟ لأن المتابعين يرون جانبا مشرقا وسعيدا وخاليا من المشكلات بظهور المشاهير والمؤثرين، وما يسمى بالفاشينيستا وهم في سعادة وفي فرح ومعهم أغلى الماركات كما يقال، ومع أحدث ما توصلت إليه دور الموضة العالمية ومن دولة إلى أخرى وبالمجان في بعض الأحيان يدخلون المطاعم بالمجان، يدخلون المحلات يشترون بالمجان يسافرون بالمجان فيظنون أن هؤلاء المشاهير حياتهم خالية من المشاكل وكلها سعادة في حين أن حياتهم الخاصة والاجتماعية لا تخلو من مشاكل، هذه الفئة لها خطورة في المجتمع.

 من أبرز مظاهر خطورة فئة المشاهير وصناع المحتوى وما يسمى بالفاشنستا ممن همهم الظهور الإعلامي والمتاجرة بالمظهر لأجل تحقيق أكبر عدد من المتابعين وتحقيق أكبر عدد من الدخل أولا من خطورتهم: أن هؤلاء المشاهير يفتقرون للمؤهلات العلمية الكافية للظهور الإعلامي وتقديم المحتوى المفيد للمجتمع، ما الذي يترتب على هذا؟ أن المحتوى الذي يقدمونه محتوى ثقافي هزيل جدا، وربما محتوى يخالف أبسط القيم وأهم المبادئ والثوابت الدينية والاجتماعية وما عليه عادات البلد وتقاليد القرى والمدن، مع أن ظهور هذه الطائفة بالدرجة الأولى كان بقصد الإعلان التجاري عن السلع لكنهم وللأسف الشديد أصبحوا قدوات للآخرين، بل صار الواحد منهم يعلن ويظهر بذلك بمظهر المخالف لدين الله والمخالف للعادات والتقاليد وللمبادئ وللعفة والاحترام، ويعطي دروسا في بعض المسائل المهمة في الحياة الاجتماعية الذي يتكلم في الزواج يتكلم في الطلاق إحداهن مرة تتكلم كما حدثني بذلك من يتابع أمثال هؤلاء الناس تتكلم على أن الطلاق جعل لها حرية، في سفرها وفي شرائها وبيعها وجميع تعاملاتها، سئلت هل تفكرين بالرجوع إلى من طلقت منه قالت أبدا لأني اشتريت حريتي، هذه الآن صارت قدوة لبنات المسلمين اللواتي يتابعن أمثالها، تتكلم في مجالات تتكلم فيما يحصل في العالم من أحداث وهذا ليس من شأنها، ولا شأن هذا المؤثر أو هذا المشهور، روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيأتي على النَّاس سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ ، قَالَ:  الرَّجُلُ التَّافِهُ  يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ»([4])، أثر هذه الفئة ليس فقط في بلادنا حتى في بلاد الغرب حتى أن أحدهم ألف كتابا يتكلم فيه عن نظام التفاهة، ويبين ضرر بروز هذه الفئة على المجتمع، فيقول أحدهم في مؤلف له: لا تجعلوا من الحمقى مشاهير، فبرز في المجتمع أشخاص لم يكن لهم أن يبرزوا وهذا نتج عنه نتيجة عكسية حيث تم تغيير أصحاب الكفاءات من ذوي العلم والخبرة، وهذا يدلك أخي الفاضل على وجود نظام خفي عدو يسعى إلى غزو فكري بطريقة ناعمة، ما تسمعون يقول لك الحرب الناعمة والقوة الناعمة، ففي عالم المشاهير ليس من المهم كيف تكون لكن كيف تبدو، ليس من الضرورة الحصول على شهادة علمية للحديث عن أي علم متخصص، في عالم المشاهير يكفي أن تمتلك مظهرا جذابا يكون شكلك وسيم إذا كنت رجلا وفاشينيستا يكون مظهرك فيه جمال وفتنة مع لبس ملابس مغرية مع وجود اشتراك في وسائل التواصل الاجتماعي وجهاز هاتف ذكي بمواصفات عالية لكي تظهر للناس ويتقبلك الناس.

 من خطورة هذه الفئة: الشهرة في السابق كانت باختصاص أصحاب الإنجازات الذين بذلوا جهودا كبيرة لتحقيقها، أصحاب العلماء الكبار وهذه الإنجازات لها أثرها الجيد على المجتمعات والأفراد في حين أن ظاهرة المشاهير والفاشنستا حققت الشهرة لمن لا يملك أي إنجاز أو مهارة على الحقيقة والواقع، بل شهرة ناتجة عن تنازل عن قيم ومبادئ وعادات وتقاليد بل وأحكام دينية ثابتة ما القصد منها ما الهدف؟ تحقيق ضجة إعلامية واهية زيادة في عدد المشاهدات، الظهور بصورة مثالية وهم في الواقع أو هذه الصورة في الحقيقة مغايرة لحقيقتهم، يتعمدون طرح الشاذ من الأفكار والشاذ من المواقف والمقالب والمهازل فقط لأجل تحقيق الزيادة في عدد المتابعين، وبالتالي زيادة في الأرباح المالية أنت الآن إذا أردت أن تحكم على مشهور من المشاهير أو على فاشنشتا انظر إلى عدد المتابعين ويتحدد مبلغ الإعلان الواحد أو الاستضافة بناء على عدد المتابعين الذين يتابعون هذا المشهور وهذه الفاشنستا، طيب هذا يؤدي بدوره كنتيجة معاكسة إلى إهمال طريق العلم والعلماء، إلى ترك الاختراعات التي من شأنها أن تخدم الإنسانية لأن طريق العلم طويل، وكونك تكون عالم يحتاج إلى بذل مزيد من الدراسة والجهد والكتابة والأبحاث، الاختراعات تحتاج منك إلى بذل مزيد من التفكير والتجربة ثم في النهاية قد تصل وقد لا تصل، أما المشهور فهو يحقق من الدخل المالي والمادي والشهرة الإعلامية ما لا يحققه طالب العلم في وقت قصير جدا، ولذلك تغير مفهوم النجاح لدى البعض، فمعيار النجاح أصبح قائما على استبعاد الإنجاز والعلم ويحصر في المال والشهرة، أحد الإعلاميين مرة اسمعه حكى قصة فتاة في الصف الثالث الإعدادي الصف التاسع الابتدائي طلبت من والدها الخروج من المدرسة وعدم إكمال الدراسة، فلما سألها والدها لماذا؟ قالت لألتحق بسلك الفاشانيستات لتكون مشهورة من المشاهير، يقول والدها ووعدته بشراء كل ما تحتاجه الأسرة من كماليات سيارات بناء بيت سفر سفرات هذا في الصف التاسع، كاتب يقول سألت بعض الأطفال من البنات ماذا تودين أن تكونين في المستقبل؟ فأجابت أريد أن أصبح فاشنيستا، وفي هذا في الحقيقة خلق لقدوات فاسدة لأن أمثال هؤلاء يقومون على المظهر، لا يقومون على العمل هم يعملون يذهبون يصورون يجرون عمليات تجميل يدفعون على شكلهم أموال طائلة على صالونات التجميل على عيادات التجميل على العيادات النفسية، يدفعون للمحامين يدفعون للموظفين الذين هم معهم، فهم يدفعون ويعملون لكن هذا العمل لا يؤدي إلى ثمرة حقيقية واقعية، فقد يقول قائل نعم هم يحققون طفرة اقتصادية لكن هذه الطفرة الاقتصادية على حساب العقول، العقل هو الذي يجذب المال، فإذا ضيعنا العقول ذهبت الأموال وليس من المنطق أن أهتم بالمال كما سيأتينا الكلام عليه إن شاء الله تعالى في مظاهر هذه الفئة المظاهر الاجتماعية وتأثر المجتمع فيهم في جانب التبذير والإسراف، فمن الخطأ أن أربط الناس بالمال وأربطهم بالمظاهر وبالجاه والبذخ، وأهمل جانب العلم والعلماء وجانب الإنجازات التي ينبغي أن تدعم وبقوة لأجل تحقيق الرفاهية الحقيقية للإنسان، الركض وراء المادة ينسيك الهدف الحقيقي من وجودك في هذا الكون، أنت في هذه الدنيا موجود لتحقيق غاية عظمى وحيدة تتبعها جميع الغايات الأخرى، خلقك الله وخلقكِ الله لأجل أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا، قال الله عز وجل: ﵟوَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦ مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥٧ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥٨ﵞ ﵝالذَّارِيَات : ﵖﵕ - ﵘﵕﵜ ، فلما يكون همك أنت فقط الظهور الإعلامي وتحصيل الشهرة وتحصيل هذا المال، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية تعود على العلم والعلماء والإنجازات وإعمار الأرض بطريقة صحيحة أنت بهذه الطريقة تجرم في حق الإنسانية أكبر جريمة.

 كذلك من خطورة هذه الفئة: تشجيع الفتيات والبنات المسلمات على ترك العفة والتهاون في الحجاب الشرعي، وربما الوقوع فيها شَرَك العلاقات المحرمة والزنا وما يسمى اليوم بالاتجار بالبشر أنا لما أتكلم الآن ما أتكلم عن المشاهير في دولة معينة أتكلم عن الظاهرة ككل؛ لأني اطلعت على بعض المشاكل التي تحدثها هذه الفئة في بعض البلدان الأخرى العربية المسلمة وبعضهن وصلن إلى درجة في الاتجار بالبشر، وهو أن تغري بعض الفتيات الصغيرات القصّر بالدخول في محادثات مع شباب وأخذ أموال طائلة من برامج المواعدة مثلا تحت ستار الشهرة الذي وصلت له هذه الفاشنيستا وربعها، العفة للمرأة هو رأس مالها الحقيقي بعد إيمانها بالله سبحانه وتعالى، العفة صفة للمرأة المسلمة المتدينة التي ترضي ربها وأسرتها، رب العالمين في كتابه العزيز يقول: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٥٩ﵞ ﵝالأَحۡزَاب : ﵙﵕﵜ ، اليوم الفاشينيستا تظهر في كامل زينتها بل إحداهن وهي تنتسب إلى قبيلة عربية معروفة كما يذكر لي من شاهدها وسمع قولها تقول: أنها اطلعت على القرآن الكريم ولا يوجد في القرآن الكريم ما يدل على الذي الحجاب الذي تدعونه وقد ظهرت في أسوأ صورة تظهر فيها مسلمة بملابس ربما ما تلبسها المرأة أمام والديها وأسرتها، وتدعي أن هذا الجسد فتنة وقد خلقه عز وجل لكي يستمتع به الناس وهي مسلمة تقول أنا مسلمة، طيب أنت مسلمة هذه الآية ما مرت عليك رب العالمين يقول: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ ﵞ ﵝالأَحۡزَاب : ﵙﵕﵜ ، وقال الله سبحانه: ﵟوَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّﵞ إلى آخر الآية ﵝالنُّور : ﵑﵓﵜ، والزينة التي تظهر ما هي؟ قال الوجه الرقبة الكف القدم، ففي الآية التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد من المرأة، فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن ستره، والإسلام بالغ في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قرنه بالشرك والزنا والسرقة وغيرها من المحرمات، وذلك حين بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء، فقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه الإسلام، «أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقِي ، وَلَا تَزْنِي وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ ، وَلَا تَأتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ ، وَلَا تَنُوحِي ، وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى» ([5]) ، ومن تشديد الإسلام في التبرج ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكذَا»([6]) ، كذلك من خطورة هذه الفئة المشاهير والفاشنيستا: ترسيخ قيم دخيلة على المجتمع تخالف الدين والعادات والتقاليد لها أثرها السيء على الأبناء وعلى تربيتهم وتنشئتهم وعلى الأسر وعلى استمرارها لأن هذه الفئة تهتم بالبذخ المادي والسطحية في الطرح الثقافي، وهذا يؤدي إلى ظهور أجيال ضعيفة تعتمد على الرفاهية في الحياة مع هشاشة ثقافية وعقول فارغة، وعدم تحمل للمسؤولية، ومن خطورة هذه الفئة الاستهتار بالحياة، وربما كانت النهاية مأساوية لبعضهم فقط لأجل تحقيق ضجة إعلامية بسلوك متهور، مثل من يقوم بتصوير نفسه بما يسمى السيلفي يصور نفسه من مناطق مرتفعة شاهقة جدا، يختل توازنه ويقع فيموت كم قصة قرأناها في هذا الجانب، امرأة عمرها أربعة وعشرين سنة قرأت عنها مؤخرا صعدت على بناية يمكن خمسة وست طوابق ما أذكر الآن، وقفت في زاوية حرجة جدا تصور نفسها كما يقال سيلفي لأجل أن تبث على برنامج السناب أو التيكتوك أو غيره اختل توازنها وسقطت وماتت عمرها أربعة وعشرين سنة، كذلك ما رأيته مرة في أحد المقاطع بعض الشباب من هؤلاء المشاهير ينام تحت الشاحنة تمر عليه الشاحنة ثم يقوم من تحتها لينام تحت شاحنة أخرى، أو يقطع الشارع بطريقة فيها تهور فقط لأجل أن يصور ويشتهر بهذا المقطع غير الرقصات المتهورة التي قد تؤدى على مناطق أو على ارتفاعات شاهقة، وفي الأخير يؤدي إلى الموت والهلاك كذلك ما ذكره بعض أطباء علم النفس من أن هوس الشهرة يضاعف ثلاث مرات احتمال الإصابة بالاكتئاب والقلق والشعور بعدم الرضا بواقع حياته المشهور.

 فإن قيل ما أسباب ظهور هذه الفئة في المجتمع في الحقيقة أسباب كثيرة، لكن لعل من أبرزها أولا ضعف الوازع الديني وضعف التربية، فالذي يفعل هذه الأفعال للأسف الشديد لا يكون في قلبه خوف من الله سبحانه وتعالى ولا علم بأحكام التشريع أحكام الشريعة الإسلامية في مثل هذه المواقف، وقد يكون ناتج لذلك تفكك اسري أو ضعف رقابة أسرية فيفعل الإنسان ما يفعله بعيدا عن رقابة أهله، بعض الفتيات يظهرن في برامج التواصل الاجتماعي دون علم الأهل، وهذا ناتج عن ضعف الرقابة الأسرية، ضعف الوازع الديني في إقبال هؤلاء الناس على المادة ونسيان الآخرة الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا ابتلاء الذي منكم يقرأ سورة الكهف يرى ذلك عيانا، قال الله سبحانه وتعالى: ﵟإِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا ٧ﵞ ﵝالكَهۡف : ﵗﵜ والزينة تغرُّ، ثم قال: ﵟوَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا ٨ﵞ ﵝالكَهۡف : ﵘﵜ ، أي هذه هي النهاية نهاية هذه الزينة، وبين سبحانه وتعالى أن هذه الزينة يوجد ما هو خيرٌ منها فقال: ﵟٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا ٤٦ﵞ ﵝالكَهۡف : ﵖﵔﵜ ، وذكر الله عز وجل في سورة الكهف قصة الجنتين -صاحب الجنتين- لما قال تعالى: ﵟوَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيۡنِ مِنۡ أَعۡنَٰبٖ وَحَفَفۡنَٰهُمَا بِنَخۡلٖ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمَا زَرۡعٗا ٣٢ كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا ٣٣ﵞ ﵝالكَهۡف : ﵒﵓ - ﵓﵓﵜ ، ولكن ماذا حصل له اغترّ، وغروره أدى إلى ضياع هذا المال من بين يديه وقد أضاع آخرته، فهذا ناتج عن ماذا عن ضعف الوازع الديني لدى العبد.

 ثانيا من أسباب ظهور هذه الفئة: الرغبة في تحقيق الثراء وجمع المال بأي طريقة كانت ولو كانت الوسيلة لتحصيل المال محرمة، قال صلى الله عليه وسلم: «فَوالله مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلكِنِّي أخْشَى أَنْ تُبْسَط الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أهْلَكَتْهُمْ»([7]) ، وعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم» ([8]) ، وقال صلى الله عليه وسلم: «فلا يستبطئن أحد منكم رزقه فإن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه، فلا يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال فضله بمعصية»([9]) ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المال فتنة للعبد فقال: « فتنة أمتي في المال»([10]) ، المال ليس مطلوبا لذاته وإنما يطلب لغيره وهو عبادة الله سبحانه، فيستعان بالمال على طاعة الله فالذي يقرب من الله هو الإيمان والعمل الصالح، ولذلك نجد أن الله عز وجل يأمر بالإنفاق عند ذكر المال في كثير من المواضع ومن القصص التي ذكرها الله في القرآن لمن افتتن بالمال وهلك بسببه قارون، والناظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين يرى ذما للمال ومدحا له وذلك باعتبار مآل هذا المال تأملوا معي هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللهُ عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقرٍ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَديثًا فَاحْفَظُوهُ»، قَالَ: «إنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهذا بأفضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقهُ اللهُ عِلْمًا، وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالًا لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بنيَّتِهِ، فأجْرُهُمَا سَوَاءٌ،  -فتأمل إلى هذا العبد الذي آتاه الله المال فكيف صار ممدوحا بماذا قال: فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا طيب هذا النوع الأول والثاني، النوع الثالث والرابع قال- وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالًا، وَلَمَ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخبطُ في مَالِهِ بغَيرِ عِلْمٍ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهذَا بأَخْبَثِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلاَ عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ»([11])، وأخرج أحمد المسند عن معاذ ابن عبد الله ابن خبيب عن أبيه عن عمه قال: «كنا في مجلس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء، فقال له بعضنا: نراك اليوم طيب النفس، فقال: أجل والحمد لله، ثم أفاض القوم في ذكر الغنى، فقال: لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم» ([12])  ، وجاء عن ابن عمر أنه قال: «مَا أُبَالِي لَوْ كَانَ لِي أُحُدٌ ذَهَبًا ، أَعْلَمُ عَدَدَهُ وَأُزَكِّيهِ ، وَأَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللهِ - عز وجل» ([13]) ، وأخرج الإمام أحمد والنسائي والترمذي عن كعب ابن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا في غَنَمٍ بِأفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينهِ»([14]) ، هذا الحديث عظيم ويبين خطورة الحرص على المال مع تضييع الدين، يقول ابن رجب الحنبلي في رسالة له بعنوان شرح وبيان لحديث ما ذئبان جائعان قال: « فهذا مثلٌ عظيم جدًّا ضربه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لفسادِ دينِ المسلم بالحرص عَلَى المالِ والشَّرفِ في الدُّنْيَا، وأن فسادَ الدِّين بذلك ليسَ بدونِ فسادِ الغنم بذئبين جائعين ضاريين باتا في الغنمِ، وقد غابَ عنها رعاؤها ليلاً، فهما يأكلانِ في الغنمِ ويفترسانِ فيها، ومعلومٌ أنّه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين، والحالة هذه إلا قليلٌ،وفيه إشارة إِلَى أنّه لا يسلمُ من دينِ المسلم مع حرصِهِ عَلَى المالِ والشَّرفِ في الدُّنْيَا إلا القليل، كما أنّه لا يسلمُ من الغنم مع إفساد الذئبين المذكورين فيها إلا القليل...و الحرصُ عَلَى المالِ فهو عَلَى نوعين:

أحدهما: شدةُ محبةِ المال مع شدةِ طلبهِ من وجوهه المباحةِ، والمبالغة في طلبهِ والجدِّ في تحصيلهِ واكتسابهِ من وجوهه مع الجهدِ والمشقةِ،  قلت -يقول ابن رجب-: ولو لم يكنْ في الحرص عَلَى المال إلاَّ تضييعُ العمرِ الشَّريفِ الَّذِي لا قيمةَ له، وقد كان يمكنُ لصاحبه اكتساب الدرجات العلى والنَّعيم المقيم، فضيَّعَه بالحريص في طلب رزقٍ مضمونٍ، مقسومٍ لا يأتي منه إلا ما قُدِّرَ وَقُسِّمَ، ثم لا ينتفعُ به؛ بل يتركُه لغيرهِ ويرتحل عنه، فيبقى حسابُه عليه ونفعُه لغيره، فيجمعُ لمن لا يحمدُه.

 النوع الثاني من الحرص على المال: أن يزيدَ عَلَى ما سبق أن يطلبه من الوجوه المحرمة مع منع الحقوقَ الواجبة، فهذا هو الشحَّ المذموم» ([15])، قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ»([16]) ،  قال طائفة من أهل العلم الشح هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحبه على أن يأخذ الأشياء من غير حلها ويمنعها حقوقها، وأما البخل فهو إمساك الإنسان ما في يده ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين نقصا بينا، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمع الشح والإيمان في جوف رجل مسلم»([17]) ،

 السبب الثالث الذي أدى إلى ظهور مثل هذه الفئة كما ذكرت في البداية: غياب الرقابة الأسرية أو ضعفها على الأبناء، والفراغ قاتل والفراغ يحتاج إلى شغل والظهور والتسلية مع الآخرين ولو كنت منعزلا في بيتك لوحدك ممتع فيدخل على برنامج التوكتوك مثلا ويعمل بث أو يشارك في بث في قصائد أو في غزل أو في كلام مع بعض الفاتنات، فهذا فيه متعة ثم يتطور الأمر إلى اكتساب عدد من الأموال وهذا يغريه نرجع للشباب السابق، ثم يكون الأب مشغول والأم مشغولة فلا يتابعان الوضع عند الولد أو البنت في وسائل التواصل الاجتماعي فيبدوؤون بتكوين عدد متابعات يتزايد مع الوقت دون أن يدرك الأهل بالمستوى الذي وصل له كل من الابن أو الابنة خصوصا إذا كان الأب والأم غير مهتمين بجانب وسائل التواصل الاجتماعي، ولا توجد جلسات توعية فيما بينهم لمناقشة هذه الأمور مع أبنائهم،

 رابعا من الأسباب المهمة التي أدت إلى ظهور هذه الفئة: دور وسائل الإعلام للأسف وبعض المنصات العالمية في رفع شأن مشاهير السوشيال ميديا وإظهارهم في المناسبات المهمة ومشاركتهم في التغطيات الإعلامية، بل استضافتهم على أنهم شخصيات ذات تأثير في المجتمع وشخصيات مهمة هم نعم لهم تأثير لكن ليس التأثير المحمود، إذا أردتم أن تستضيفوا استضيفوا الفئة الأولى، الفئة الأولى من مشاهير التواصل الاجتماعي لهم طرح إيجابي أمثال هؤلاء هم الذين ممكن أن يستضافوا أما استضافة الفئة الثانية خصوصا طبعا الجهات المختصة بالفن والمشاهير الذين هم من أصحاب المظاهر الجميلة وغير ذلك فهؤلاء الذين يبرزون للأسف وبقوة، فوسائل الإعلام هذه ساهمت في إظهار هذه الفئة من الناس.

قبل أن اختم ما الظواهر السلبية اللي حدثت بسبب ظهور مشاهير السوشيال ميديا على عجل، وقد أطلنا عليكم أولا شاهدنا ما يسمى بالتسول وطلب المال من الآخرين هذه يسمونها التسول الالكتروني خصوصا في برامج التوكتوك، برامج التوكتوك هذه دخلت أن هذا البرنامج أنزلته ثم حذفته مباشرة الخير الذي فيه يستغنى عنه، والشر الذي فيه يحذر منه ويحذر منه، فإنه باب فتنة إلى شهوات عظيمة لا يمكن تداركها ودفعها وهذا بتجربتي لمرة واحدة، ثم هذا البرنامج فيه أخذ المال طلب المال من الآخرين، والتسول وهذا تسول ويسموه التسول الالكتروني وهو مذموم في الشريعة الإسلامية، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ»([18])  ، وعن عبد الله ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزْعَة لحم»([19]) ، فيتق الله عز وجل من يجلس في هذا البرنامج لأجل التسول، حدثني أحد الإخوة عن رجل يعرفه يقول أخذ إجازة من العمل شهرا لأجل أن يتفرغ لهذا البرنامج، وأن يحقق دخلا يسد به دينه، فهذا تسول وطلب من الناس بغير وجه حق.

 ثانيا: عمليات التجميل، من أثر هذه الفئة على المجتمع ازدياد الطلب على أعمال التجميل على عمليات التجميل، الاعتماد في الشهرة على الجسد وعلى الجمال ولذلك تسعى الفاشنستا للظهور بجمال طبيعي مزعوم مما يضطرها لإجراء عمليات باهضة الثمن لتحقيق أعلى متابعة من الجمهور، زد على هذا برامج مثل السناب يقدم لك فلاتر يسمونها فلاتر، هذا الفلتر يقوم أتوقع وأنا قليل العلم في هذا الجانب عن طريق الذكاء الاصطناعي ربما بتحسين الوجوه وإظفاء لمسات جمالية مقترحة، فيظهر المرأة وعيونها وخدودها وحتى الرجل كذلك في أفضل صورة وأجمل طلة، فتقوم المرأة تريد نسخة من هذا الفلتر وهذه الصورة التي ظهرت عن طريق الفوتوشوب مثلا أو عن طريق الفلتر، فتقوم بإجراء عمليات تجميل ليس الفاشنستا فقط بل حتى التي في البيت البنات اللواتي في المنازل فتصبح الفتاة غير راضية عن جمالها الطبيعي الذي الله خلقها عليه، وتشعر بالتعاسة وخيبة الأمل وليس هذا الأمر مختصا بالنساء الفاشنستات كما يقال، بل سرى إلى الرجال لأجل أن يحقق وسامة وجاذبية تسحر أعين المتابعين، وطبعا قد يدخل إلى ما يسمى بالجم يعني تقوية عضلات جسمه والظهور بمظهر متناسق وأجزاء واضحة متساوية على ما يقولون اليوم يكون سكسباك على ما يذكرون يعني، يكون جسمه مقسم وعضلاته قوية ويلبس لك القميص الضيق  الذي يبين عضلات اليدين وعضلات الصدر وأنه خالي من الشحوم، وكل هذا لماذا كما يقول أحدهم كل هذا لأجل البنات، أعجبني مصطلح أطلقه أحد الكتاب في مقال نشر في صحيفة عندنا هذه الحالة يقول والمصطلح ما هو العداوة مع الذات، ثم يذكر يقول: وهي حمى مرضية تفرز وللأسف أمراضا نفسية واضطرابات سلوكية مثل الاكتئاب والانطوائية وقد تتطور إلى مقاطعة الأسرة والمجتمع بسبب فقدان التقدير والثقة بالنفس يقول الكاتب: تؤكد دراسات أنه من بين عشر حالات تجري عمليات تجميل متعددة في فترات متباعدة هناك أربع حالات تبحث عن العلاج لدى العيادات النفسية وهذا كله من تسويل الشيطان، قال الله سبحانه: ﵟإِن يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ إِنَٰثٗا وَإِن يَدۡعُونَ إِلَّا شَيۡطَٰنٗا مَّرِيدٗا ١١٧ لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا ١١٨ وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمۡ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا ١١٩ يَعِدُهُمۡ وَيُمَنِّيهِمۡۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ١٢٠ أُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا ١٢١ﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵗﵑﵑ - ﵑﵒﵑﵜ ، عمليات التجميل إخواني الأفاضل ليست مباحة على إطلاقها دون يعني ليست مباحة دون قيود، وردت نصوص شرعية تحرم تغيير خلق الله لغير سبب صحيح، روى البخاري عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ»([20]) ، متفلجات للحسن اللواتي يقمن بعمل عمل عمليات تجميل للأسنان لإبداء أعمارهن بصورة مختلفة عن الحقيقة «فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟» ، والأصل عدم جواز تغيير هيئة الأعضاء بالتصغير والتكبير أو الزيادة والنقص إذا كان هذا العضو في حدود الخلقة المعهودة التي تذهب تكبر شفتيها مما يسمى هذا البوتكس أو تكبر صدرها أو تصغره، أو تنحت جسمها ما يسمى بالنحت وتدخل في عمليات يطلع الأطباء فيها على عورتها المغلظة وهذا كله من المحرمات، قال الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماسا للحسن لا للزوج أي غيره، التجميل لعلاج مشكلة وقعت مثل ما يحصل لبعضهن بسبب ربما الحمل أو بسبب حادث لا قدر الله أو بسبب حرق لا قدر الله بسبب عملية جراحية أدت إلى وجود أمور أخرى إضافية لم تكن موجودة من قبل، تشوهات تحتاج إلى علاج لكن صار هوس التجميل اليوم بسبب الظهور الإعلامي للمشاهير للأسف يعني منتشرا بين كثير من الأوساط ليس هذا فقط في المشاهير والفاشينيستا بل صار حتى بين النساء اللواتي لسن بذلك؛ لأنها هذه قدوتها تسعى إلى الاقتداء بها بل مما وصلني عن بعضهن زوجات سافرن دون علم الزوج، قالت أنا عندي شغل عندي اجتماع وسافرت إلى بلد أخرى وأجرت عمليات تجميل ورجعت بهيئة وصفة مختلفة، وبعض الحالات انتهت بالطلاق، كذلك من المظاهر السيئة التي انتشرت في المجتمع بسبب هذه الفئة وظهورها أمام الناس الإسراف والتبذير، فأصبح الشراء ليس للحاجة، وإنما بقصد الشراء ومتابعة المشاهير في إعلاناتهم والدعاية التي يقدمون طيب البعض يقول أنا ما أتأثر بهم أنت تتأثر شئت أم أبيت؛ لأنك تكون كالإمعة بين أيديهم، تأتي هذه المشهورة وتعرض سلعة مع وتعرضها بتفنن لماذا الإقبال عليهم دون شركات الإعلان السابقة، الإعلان تظهر لك صورة يظهر لك منتج بصورة سريعة هذا يفصل لك في المنتج ويقول لك مجرب وأنا جربته وأنا فعلت به وأنا أعطيته فلانا وجربه، ويعطيك تفاصيل المنتج فأنت والنفس تشتهي طيب أنت لا تحتاجه لكن تشتريه وتجرب، وهذا أدى إلى زيادة الاقتراض ولو بالربا لأجل متابعة المشاهير في هذه الإعلانات، بعض المشاهير ما يهمه جودة المنتج يهمه الإعلان والمبلغ، فيقع في خداع للمتابع وهذا يؤدي إلى زيادة الاستهلاك وشراء سلع خالية من أي جودة، قال الله سبحانه: ﵟ۞ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ٣١ﵞ ﵝالأَعۡرَاف : ﵑﵓﵜ وقال تعالى: ﵟوَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا ٢٦ إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا ٢٧ﵞ ﵝالإِسۡرَاء : ﵖﵒ - ﵗﵒﵜ ، إحدى الموظفات راتبها لا يبقى إلى نصف الشهر؛ لأنها لا بد أن تواكب كل ما تطرحه دور الموضة والماركات أولا بأول تخيل! راتبها يفوق الثلاثين ألف درهم لا يبقى منه إلى نصف الشهر شيء ما بين دين وما بين ماركة أو موضة، هل سيحاسبها ربها يوم القيامة، لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: وعن من أين اكتسبه وفيما أنفقه، الطلاق من المظاهر كذلك الطلاق والعلاقات الأسرية المفككة، وهذا مما يعتمد عليه بعض مشاهير السوشيال ميديا لجذب أكبر عدد من المتابعين للأسف الشديد شوفوا معي الخطة التي يفعلونها وأنا تابعت بعض الأبحاث في هذا الجانب أولا الزواج ثم الطلاق، زواج الفاشنينست هو مشهور من الرجال يسموه فاشنست أنا لين ما تدربت على هذه الكلمة أخذت وقتا زواج الفاشينست من فاشينستا طيب، ثم تصوير فعاليات هذا الزواج والسفر إلى جزر الليف يسموها جزر المالديف، أو يسافرون زنجبار وفي الطائرة تشوف احتفال وهناك يعيشون حياة طبعا كلها بذخ وفيها تبرج وفيها أمور كثيرة جدا، والناس تتابع ثم الظهور بدون الطرف الآخر ها بدأت الفاشينيستا تطلع لوحدها طيب أين الذي معها أكيد حصلت هناك خلافات تبدأ الآن التحليلات الله أكبر هذه الاثنين يعني من عظماء العالم ثم تظهر الإشاعات ثم يظهر قرار الطلاق الحمد لله ارتاحت الأمة تفاجأ رجعوا لبعض والناس تتابع طيب في المقابل تحقيق عدد كبير جدا من المتابعات،  الأمر مدروس.

 ثانيا لأجل تحقيق أكبر عدد من متابعات تصوير حياتهم الأسرية اليومية في البيت بل في بعض الأحيان تصوير حتى اللعب الزوجي بين الزوجين مداعباتهم مع بعضهم البعض، سبهم لبعضهم البعض وأسوأ من ذلك استغلال أطفالهم في الظهور الإعلامي، والناس تتابع شي ممتع لكن هذا له تأثيره السلبي على الزوج والزوجة كيف؟ فتور العلاقات الزوجية، الزوج يتابع الفاشنستات هؤلاء ماذا أصنام نساء جميلات بل في قمة الجمال وهي أجمل من زوجته، والفلترة لها أثرها في زيادة الجمال جمال صناعي والجسم مجرى له ألف عملية جراحية تجميل ما هو بحقيقي ثم يقارن ذلك مع جمال زوجته التي أنجبت له ستة سبعة من الأولاد ومهتم ببيته وأكله وشربه وفراشه وكل حاجة وهي قد تعمل معه كذلك لتحقق استقرار مادي للأسرة ثم يزهد فيها ويحلم بتلك الصناعية، ومثل ذلك الزوجة وهي تتابع مشاهير من الرجال فما أدري ما الذي حصل للرجال والنساء أصبحت في حرية في متابعة هذه الأمور، وكأن الله سبحانه وتعالى ما نهى عن هذا في كتابه: ﵟقُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡﵞ ﵝالنُّور : ﵐﵓﵜ ، ﵟوَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّﵞ ﵝالنُّور : ﵑﵓﵜ ، فأطلقوا لأنفسهم العناء في متابعة هذه الأمور بحجة متابعة الإعلان، وهذا إخواني الأفاضل يفقد الحياة الأسرية خصوصيتها ويجعل الحياة الزوجية قائمة على الترف والمادة، كذلك من أثر ظاهرة المشاهير في السوشيال ميديا خصوصا فيما يتعلق بأمور الحياة الزوجية انعدام الغيرة بين الأزواج، يخرج كل من الزوجين المشهورين في أوضاع خاصة وربما بملابس المنزل وبدون حجاب مع كلمات الغزل والحب، ثم يقومون ببث هذا كل الذي يراه جميع المتابعين وربما احتوى مقاطع رقص وعري ونحو ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ»([21]) ، كذلك من الأثر السيء: تصوير الحياة الزوجية على أنها تقوم على أسس مادية فقط من سفر وماركات عالمية وتوفير كل ما تحتاجه الزوجة مع عدم الاهتمام بجانب المودة والرحمة التي جعلها الله في الحياة الزوجية بين الطرفين، كذلك من الأثر السيء: تحسين الطلاق يعني تزوجها اليوم بعد شهر طلق حصل بينهم طلاق الفتاة التي تتابع هؤلاء المشاهير والفاشنستا، وبعض الفاشنستا تظهر الطلاق كنوع من أنواع الحرية والخروج من سجن وأنها ما وصلت لها المرحلة إلا بعد الطلاق هذا فيه تشجيع على الطلاق وعدم تكوين أسر، وغير الآثار السيئة في التربية وقد أطلت عليكم.

 

 من الآثار السيئة ضياع الوقت بسبب المتابعة المستمرة للمشاهير يقول ابن مسعود: «ما ندمت على شيء الندم على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي» ([22]) ، يقول ابن القيم: «إضاعة الوقت أشد من الموت، إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها» ([23]) ، إذا أنت تجلس على الانستغرام تتابع المقاطع تحتاج إلى ساعة وما تمل طيب هذهه الساعة كم جزءا من القرآن ستقرأ كم ركعة ستصلي كم عملا مسؤولا عنه ستقوم به كم وكم وكم من الأعمال في حين أنها مجرد متابعات لن تغني عنك شيئا ولن تستفيد منها علما، بل قد تكسب من روائها  إثما، فاتق الله، لذلك العلاج والعلاج كبير جدا لأن الظاهرة انتشرت واستشرت.

 من العلاج لابد من تقديم الوعي الصحيح حول الدور الايجابي ليستطيع مشاهير التواصل الاجتماعي تقديم المجتمع ما دام ظهروا هذا الظهور فلا بد يكون لهم دور ايجابي، عليهم أن يقوموا بتعزيز الجوانب الايجابية ونشرها بين المتابعين والتحذير من السلوكيات السلبية وليعلم هذا المشهور وهذه المشهورة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدال على الخير كفاعله»([24]) ، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَه، لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أجُورِهمْ شَيئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، كَانَ عَلَيهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيئًا»([25]) ، فانتبه أخي الفاضل إلى ما تقدمه للناس فإن كان خيرا فخيرا وإن كان شرا فشرا، وانتبه أن الشر هنا يدوم فأنت غدا ستموت في يوم من الأيام بعد أن ينقضي أجلك ويبقى عملك السيء، فكما يحث العبدعلى الازدياد من الأعمال التي تدر عليه حسنات بعد موته، إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، فهو في قبره وحسناته تجري فليحذر كذلك من الأعمال التي تجعل سيئاته تجري عليه وهو في قبره، ومن ذلك نشر ما حرم الله سبحانه وتعالى،

 كذلك من العلاج تشديد الرقابة على المحتوى المقدم من قبل صناع المحتوى، فليس كل ما يقال ينشر، وليس كل ما يسمع يذاع، كذلك على الوالدين الجلوس مع أبنائهم ومحاورتهم، والغرس فيهم القيم والأخلاق والأحكام الشرعية المتعلقة بما يكون على الساحة، لا يكون الأب والأم في منأى عما يحدث أمام الساحة بل يكون عندهم علم لأجل وثقافة وأحكام شرعية يتعلمونها وتعليمهم لأبنائهم.

 ما ذكرته شيء يسير عن مشكلة ظاهرة مشاهير السوشيال ميديا، وأثر ذلك على المجتمع لكن أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفع بهذه الكلمات من يستمع إليها، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتنا يوم القيامة هذا والله أعلم.

 سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

([1]) تفسير القرآن العظيم (7/207).

([2]) أضواء البيان (7/112).

([3]) تفسير القرآن العظيم (6/449) مختصرًا.

([4]) رواه ابن ماجه (4036).

([5]) رواه أحمد (6850)، وحسنه الألباني في جلباب المرأة المسلمة (ص121).

([6]) رواه مسلم (2128).

([7]) رواه البخاري (3158)، ومسلم (2961).

([8]) رواه ابن ماجه (2144).

([9]) رواه الحاكم (2136)، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1700): صحيح لغيره.

([10]) رواه الترمذي (2336).

([11]) رواه الترمذي (2325).

([12]) رواه ابن ماجه (2141).

([13]) رواه ابن ماجه (1787).

([14]) رواه أحمد (15822)، والترمذي (2376).

([15]) ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي (1/64 وما بعدها) بتصرف.

([16]) رواه مسلم (2578).

([17]) روا أحمد (9693).

([18]) رواه مسلم (1041).

([19]) رواه البخاري (1474)، ومسلم (1040).

([20]) رواه البخاري (4886)، ومسلم (2125).

([21]) رواه البخاري (5223)، ومسلم (2761).

([22]) مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (3/29).

([23]) الفوائد (ص31).

([24]) رواه أحمد (23077)، والترمذي (2670).

([25]) رواه مسلم (2674).