كفو يا ولدي


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

جملة مختصرة في حروفها ومبانيها، عميقة في دلالتها ومعانيها، جسَّدت معالم القيادة الرشيدة المحبّة لأبنائها، وأظهرت مزيداً من جمال البيت الواحد المتلاحم لدولة الإمارات قيادة وجيشاً وشعباً، حيث يقف القائد أمام جنوده البواسل يشد أزرهم ويقوي هممهم قائلاً: «خلوني أقول لكم شيئاً، قسما بالله إنا حاسدينكم وأنتم هنا، الله يحفظكم ويوفقكم»، ليعقبه صوتٌ من أحد العسكريين ينطق بعزم وثبات وتفانٍ: «نحن عصاك اللي ما تعصاك»، وجوابٌ من قائد أبوي محنَّك فذ رحيم: «كفو يا ولدي»، عبارات تعكس معالم وحدوية ناصعة مشرقة جاءت خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة لتفقد قواتنا الإماراتية الباسلة المشاركة مع أشقائها في التحالف العربي في عملية إعادة الأمل.

لقد حملت هذه الزيارة الكريمة معاني كثيرة ورسائل عديدة وتصريحات ذات مغزى وطني وقومي عميق، وتركز على قيم ومعان جميلة منها:

الاعتزاز بالقوات الإماراتية، والإشادة بأدائها الرفيع وكفاءتها العالية ودورها المشرف في هذه المهمة الوطنية التي جاءت لنصرة الأشقاء والدفاع عنهم وتعزيز أمن المنطقة، حيث عملت دولة الإمارات منذ تأسيسها على بناء قوات وطنية مسلحة تتحلى بالإيمان والشجاعة والبسالة والتصميم والمهارة والإتقان وفق أعلى المعايير، للدفاع عن الوطن والأشقاء وإرساء دعائم السلم والاستقرار في المنطقة، ولذلك فإن تفوُّق دولة الإمارات في المجال العسكري لا يقل عن تفوقها في المجالات الأخرى التنموية وغيرها.

ومنها: ترسيخ العلاقة القوية المتينة التي تجمع دولة الإمارات بشقيقتها السعودية، والتي كان من أبرز صورها الاتفاق الذي تمَّ بين البلدين في مايو 2014 على إنشاء لجنة عليا مشتركة في إطار كيان قوي متماسك يعمل على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين وبما يعود بالخير للشعبين الشقيقين، هذا التلاحم الذي يقض مضاجع أهل الطمع والفتن، فيسعون بكل مكر وكيد لنشر الإشاعات والأكاذيب لإرواء أحقادهم، ولكن أنّى لفقاعات زائلة أن تؤثر في صرح متين، وأنى لسراب زائف أن يغطي واقعاً مشرقاً، وصدق الشاعر إذْ قال في وصف أمثال هؤلاء:

كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها ... فلم يضِرْها وأوهى قرنَه الوعلُ

وكذلك التأكيد على البعد القومي في استراتيجية دولة الإمارات، والعمل على عزة العرب وإعلاء مكانتهم في المنطقة، وبناء إطار سياسي وعسكري وتنموي متقدم يخدم هذا الجانب المهم، والتأكيد على أواصر الأخوة والإرث المشترك الغالي الذي يجمع الأشقاء، ويمثل رباطاً وثيقاً نحو مصير واحد ومستقبل واعد، فقوة العرب هو في صالح دولهم وشعوبهم، وهو في صالح الإسلام والمسلمين، وهو خير للعالم أجمع، وكما استطاع العرب الأوائل - خصوصاً أبناء هذه الجزيرة العربية – أن يبنوا حضارة عربية إسلامية إنسانية عريقة حافلة بالمعاني السامية والقيم العالية فإن أحفادهم اليوم قادرون على استعادة حضارتهم واسترداد ريادتهم.

وأيضاً التأكيد على البعد الإنساني في سياسة دولة الإمارات، ومواقفها الاستباقية في إغاثة الملهوفين ومساعدة الأشقاء، ومن صور ذلك: الدور الإماراتي المتواصل في مساندة الشعب اليمني الشقيق عبر عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل، ليس على النطاق العسكري والأمني فقط، بل وعلى النطاق التنموي والاقتصادي والإنساني والاجتماعي أيضا، وفي هذا الإطار يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: «خيارنا الوحيد هو الانتصار في امتحان اليمن لصالح منبع العروبة والمنطقة».

ومنها: تجسيد الإرادة السياسية القوية لدولة الإمارات في حفظ أمن واستقرار المنطقة، والعمل مع الأشقاء لدفع المخاطر والتصدي لمختلف التهديدات، وعدم غض الطرف عن أية متغيرات أو تطورات تؤثر سلبا على الأمن القومي العربي، وفي هذا الإطار يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: «الأمن القومي العربي هو أمن مترابط لا يتجزأ».

وثمّة تأكيد على أهمية اتخاذ الخطوات الفاعلة التي تمكننا من امتلاك أسباب التفوق والردع الحاسم، والاستمرار في بناء وتطوير وتهيئة العناصر البشرية المؤهلة، وقد قال نبينا عليه السلام: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف».

وكذلك تعزيز مبدأ اليقظة المستمرة والاستعداد الدائم لحماية مكتسباتنا التنموية وأسلوب معيشتنا وخططنا المستقبلية في الخليج العربي وردع كل من يضمر الشر لمنطقتنا العربية، امتثالا لقول ربنا تعالى: «يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم».

كان لا بد من إبراز أهمية التضامن والتكاتف والتعاون، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة، وهي رؤية سديدة وضرورة لا غنى عنها، يقول ربنا تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، ويقول نبينا عليه السلام: « يد الله مع الجماعة»، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أن تكاتف العرب هو الضمان الأساسي للمنطقة لمواجهة التحديات، وأنَّ ضمان الأمن القومي العربي وحمايته لا يتم إلا من خلال إطار جماعي ورؤية مشتركة.

وهنا لا بد من التأكيد على الرؤية المستقبلية المتواصلة لدولة الإمارات في مسيرة التضامن مع الأشقاء العرب؛ لإرساء دعائم الأمن والاستقرار، والتصدي لأية مخططات أو أجندات إقليمية لها مآرب وأطماع في الأراضي العربية ومقدراتها التاريخية والدينية وثرواتها الوطنية. هذه المعاني والقيم توجب علينا مزيدا من الشكر لله تعالى الذي رزقنا مثل هذه القيادة الاستثنائية الأبوية الحكيمة وتجعلنا نوجه رسالة للمرضى والحاقدين لنقول لهم: يا خصيم الدار شوف وموت غصّة!.