هل حان موعد التحالف الإعلامي؟


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 
القسم: 

يعدُّ الإعلام بأنواعه من أعظم الأسلحة تأثيراًُ في الأفراد والمجتمعات والدول، فهو سلاح ذو حدين، وقد ازداد تأثير الإعلام أضعافاً مضاعفة مع ظهور الإعلام الاجتماعي الجديد، الذي أصبح في متناول كل يد في معظم دول العالم، وإذا كان الإعلام الإيجابي عظيم النفع والفائدة فإن الإعلام السلبي عواقبه وخيمة، فهو يعدُّ من أشد المؤثرات فتكاً وأثراً في قلب الحقائق وتلاعباً بعقول الناس ومشاعرهم ونشراً للإشاعات والأفكار الهدامة، سيما في هذا العصر عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة.

ومن أمثلة الإعلام السلبي تلك الجهات الإعلامية السلبية التي جعلت لها هدفاً استراتيجياً مغرضاً، وهو ضرب استقرار دول الخليج خصوصاً والعالم العربي والإسلامي عموماً، وسخرت لتحقيق هذا الهدف المشين جهوداً متنوعة، مثل بعض القنوات الفضائية..

والتنظيمات المتطرفة التي استغلت الإعلام الاجتماعي أسوأ استغلال، واتخذت لها منابر عدة في هذا الإعلام الجديد للترويج لأجنداتها، بالإضافة إلى دعاة الفتن والمتاجرين بالدين وأمثالهم، والذين يعتبرون جسوراً ممهدة إلى التنظيمات المتطرفة، وهو ما يضع العالم أمام مسؤولية كبيرة تجاه هذه التهديدات الإعلامية.

ومن المؤسف أنه في مقابل ما أشرنا إليه من خطر الإعلام السلبي فهناك ضعف شديد في الإعلام الحكومي لكثير من الدول في صد الهجمات الإعلامية السلبية، ونحن من هذا المنبر ندعو الإعلام الحكومي في كل الدول إلى أن ينهض من نومه وسباته..

وينفض عنه غبار الكسل، ويستشعر خطورة الإعلام السلبي الموجه ضد أمن واستقرار الأوطان، ويدرك أهمية أن يكون له وجود حقيقي بارز ودور فعّال مكثف في العلاج وصد تلك الهجمات، وذلك من خلال جانبين:

الأول: بناء تعاون فعّال بين أجهزة الإعلام الحكومي على مستوى الدولة الواحدة، من قنوات وإذاعات وصحف وغيرها، بحيث تنصهر جميعاً في رؤى واحدة واعية، وتنطلق من جهود منسقة عالية، ويُعنى هذا الإعلام الحكومي الوطني الموحَّد بالقضايا الداخلية للدولة، عبر مسارات ومخرجات تعزز الاستقرار، وتساعد على الوحدة والتلاحم، وتُظهر الإيجابيات في المجتمع، وتُحسن علاج السلبيات بحكمة بعيداً عن الضوضاء والصخب.

الثاني: ترسيخ تعاون إعلامي دولي على مستوى الدول، فنحن نأمل في تحالف إعلامي دولي بين القنوات والجرائد والمؤسسات الإعلامية الحكومية، بحيث توقع مذكرات تفاهم فيما بينها..

وتتعاون جميعها وفق محددات تحقق الوئام والاستقرار للجميع، ومن الأمور المرجوة لهذا التحالف الإعلامي: تحقيق الوئام والاستقرار بين الدول، وتحسين علاقاتها، وتعزيز القرارات المصيرية للدول، مثل قرار عاصفة الحزم وإعادة الأمل والتحالف العسكري الإسلامي وغيرها من القرارات المصيرية التاريخية التي تصب في تعزيز السلم ومكافحة التطرف والعدوان..

حيث كان من المفترض أن يكون هناك تنسيق إعلامي عالي المستوى يدعم هذه القرارات ويعزز إيجابياتها ويبرز وجهها المشرق، والدفاع عن المواقف الإيجابية التي تصدر من الدول وتُشن ضدها حملات مغرضة من قبل الإعلام السلبي، مثل قرار دولة الإمارات بإدراج أكثر من 80 منظمة في لائحة الإرهاب؛ لاجتثاث هذه الآفة الخطيرة وتجفيف منابعها، ومثل قرار إعدام أكثر من 40 إرهابياً في السعودية، إلى غير ذلك من القرارات والمواقف الكثيرة الحازمة التي تخدم السلم العام وتدحر الإرهاب ومسبباته، حيث وجدنا تعاطي الإعلام ضعيفاً مع هذه الملفات المهمة.

إضافة إلى مكافحة الإشاعات الموجهة ضد الدول من قبل الإعلام السلبي، فإن من أخطر الأسلحة التي تستخدمها الجهات المغرضة للإضرار بالدول وهدم استقرارها سلاح الإشاعات..

وقد لاحظنا جميعاً خلال هذه السنوات كمّاً كبيراً من الإشاعات التي استهدفت دول الخليج والدول العربية وغيرها، وذلك يتطلب تعاوناً إعلامياً متكاملاً بين المؤسسات الإعلامية الحكومية للدول داخلياً وخارجياً لمواجهة هذه الإشاعات ونسفها.

ثم رد الشبهات الفكرية وتفكيك خطابات الفتنة والإرهاب والتكفير بقوة، وذلك بالاستعانة بالخبراء المؤهلين لذلك، فالإعلام بوابة عريضة يلج منها الخبراء والمتخصصون لدحض الخطابات السلبية، والعالم العربي والإسلامي لا يعدم علماء أكفاء قادرين على ذلك من مختلف التخصصات.

وأخيراً فإن وجهة نظرنا أن هذا المطلب المتمثل في التحالف الإعلامي أصبح أمراً ضرورياً ملحاً في هذه المرحلة، وقد يتفق البعض مع هذه الرؤية أو يختلف، ولكنَّ الواقع يبين أن المهددات التي تطال استقرار المجتمعات والأوطان تتنوع وتتزايد، وأن التأثير الإعلامي السلبي لبعض القنوات أظهر ثماره المرة ولا يزال..

وما تلك الثورات والصراعات والفتن إلا ثمرة من ثمرات هذا الإعلام السيئ، وكما أننا نجحنا في إقامة تحالف عربي وإسلامي ودولي لمكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز السلم والاستقرار..

وكانت الحاجة إلى ذلك ملحة؛ فإننا نحتاج أيضاً إلى تحالف إعلامي يعزز هذا الجانب، سواء على المستوى الداخلي لكل دولة، أو على مستوى الدول بعضها مع بعض، وفق مخرجات سليمة تصب في صالح استقرار الدول والشعوب، ولهذا نؤكد وننصح بضرورة تفعيل هذا التحالف الإعلامي؛ حفاظاً على الأمن والسلم العام ودرءاً لتهديدات الإعلام السلبي الذي أثبت عظيم خطره وضرره.