مؤشرات التطرف الديني والفكري


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد؛

 فإنّ أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة؛

 إخواني الأفاضل من محاسن شريعة الإسلام كما نعلم جميعا شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، أنها شريعة الوسطية والاعتدال، شريعتنا شريعة وسطية واعتدال، دل على ذلك الكتاب والسنة دل على ذلك أحكام الشريعة، ولا يدرك هذا المعنى إلا من نظر في أحكام الشريعة الإسلامية وفي حكمها ومقاصدها وعلل أحكامها، يقول الله سبحانه: ﵟوَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵓﵔﵑﵜ، شريعتنا من وسطيتها واعتدالها أنها تنبذ الغلو والتشدد، قال الله عز وجل: ﵟوَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖﵞ ﵝالحَج : ﵘﵗﵜ، وقال سبحانه: ﵟمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖﵞ ﵝالمَائـِدَة : ﵖﵜ ، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا»([1]) ، ولذلك الذي ينظر في تاريخ الإسلام في بدايته وفي زمن الخلفاء ومن بعدهم والدولة العباسية وقبلها الأموية وما حصل من حروب بينهم وبين أعدائهم كان العدوّ يقرّ بحسن تعامل أهل الإسلام حتى في الحرب، فالجهاد في الشريعة الإسلامية يتسم بأنه جهاد له قيم ومبنيّ على أخلاق وأحكام، وليس جهادا عبثيا أو حربا يقصد منها سفك الدماء وتخريب البلاد وتهجير العباد، وهذا من وسطية هذا الإسلام فتجد هذه الوسطية موجودة في العبادات وفي المعاملات وفي الأخلاق، في الزهد في الورع في التقوى في التعبد لله سبحانه وتعالى، وسطية في التعامل مع رغبات النفس وأهوائها مع الحاجات الفطرية التي خلق الله عز وجل عليها الإنسان، لكن الشيطان له مداخل يسعى من خلالها إلى أن يحرف الناس عن طريق الوسطية والاعتدال، إما إلى غلو وتشدد وإما إلى تفريط وتساهل، وربما زين لهم أعمالهم بحجة التقرب إلى الله والجهاد في سبيل الله، كحال الخوارج الذين ذمّهم النبي صلى الله عليه وسلم وبين سوء عاقبتهم، من جهة الإفراط، من جهة التفريط مثل ما جاء عن المرجئة الذين يعتقدون أن المعصية لا تضر في الإيمان، وأن أفجر الخلق كحال أبر الخلق لأن الإيمان عندهم واحد لا يزيد ولا ينقص، فهذا تفريط شديد والخوارج أفرطوا إفراطا شديدا، أما أهل السنة والجماعة فهم على ما جاءت به شريعة الإسلام من الوسطية والاعتدال، ونبذ الغلو والتشدد والأخذ بالنصوص وعدم التفريط فيها، والشريعة الإسلامية بينت بعض الأمور وحذرت منها لأنها مخالفة للوسطية التي جاءت بها، فمعرفة هذه الأمور تجنب العبد الانحراف والشطط، تجعله متمسكا بالصراط المستقيم والهدي النبوي القويم، ولذلك كان عنوان هذه المحاضرة اليوم: "مؤشرات الانحراف والتطرف الفكري"، كيف تعرف أن هؤلاء الناس عندهم انحراف فكري وعندهم تطرف ديني لأجل أن تتجنبهم وتتجنب سلوكهم.

 وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهي أن السعيد من وعظ بغيره، فأنت لما تنظر إلى صفات هؤلاء الناس فإنك تنظر إليهم على سبيل الاتعاظ لأجل أن تتجنب طريقهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود رواه الإمام أحمد وغيره: «خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: هذا صراط الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال:  هذه سبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليها، ثم تلا: ﵟوَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵓﵕﵑﵜ» ([2]) ، فالإنسان يعرف هذه السبل لأجل أن يحذرها كما جاء في قول بعضهم:

عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه        من لم يعرف الخير من الشر يقع فيه

أول هذه المؤشرات: الغلو في الدين، والغلو هو مجاوزة الحدّ عن ما أمر الله عز وجل به في كتابه أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فدين الله تعالى الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسط بين الغالي فيه والجافي عنه بين المفرط فيه والمقصر عنه، فلا غلو ولا تقصير ولا إفراط ولا تفريط بل حنيفية سمحة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أجل ذلك جاء نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الدين ومجاوزة الحد الشرعي المأذون فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ([3])، فالغلو هلاك في الدنيا وهلاك في الآخرة، الغلو كان سببا لهلاك الأمم من قبلنا من اليهود والنصارى، وقد نهاهم الله عز وجل وحذرهم من الغلو والتشدد ، قال الله عز وجل: ﵟقُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ ٧٧ﵞ ﵝالمَائـِدَة : ﵗﵗﵜ، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»([4])  لكن ينبغي أن نعلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ» أن هذا اليسر وهذا الاعتدال وهذه الوسطية إنما تستقى من أحكام الشريعة لا من الهوى وما تميل إليه الأنفس، وإنما أحكامها تؤخذ من شريعة الإسلام، ومما يضاد الوسطية في الإسلام الغلو في الأشخاص سواء كانوا أنبياء أو أولياء صالحين أو غير ذلك الغلو في الملائكة الغلو في الجن، فكل هؤلاء قد خلقهم الله سبحانه وتعالى لا يملكون نفعا ولا ضرا، ومن الغلو المفضي إلى الشرك التوجه بالدعاء والسؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت في قبره، أو التوجه بالعبادة والدعاء إلى من يظن أنه من الأولياء الصالحين، التمسح بالقبر يحيون عنده الموالد البدعية المحرمة، يسألونهم قضاء الحوائج، والله عز وجل يرشد إلى سؤاله هو: ﵟوَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِيﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵖﵘﵑﵜ ، وقال الله عز وجل: ﵟوَقَال رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠ﵞ ﵝغَافِر : ﵐﵖﵜ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: « إِذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ([5]) ، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خير البشر، أعظم الناس مكانة عند الله سبحانه وتعالى لا ينفع ولا يضر إلا بإذن الله في حياته فكيف بعد وفاته فمن باب أولى أن يكون غيره كذلك، قال الله عز وجل: ﵟقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡﵞ ﵝالكَهۡف : ﵐﵑﵑﵜ ليس له شيء من صفات الألوهية والربوبية إنما خصه الله بماذا؟ قال: يُوحَىٰٓ إِلَيَّ ثم قرر التوحيد: ﵟأَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ١١٠ﵞ، وصفه الله عز وجل بأنه عبد له فقال: ﵟسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَاﵞ ﵝالإِسۡرَاء : ﵑﵜ، ﵟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ ١ﵞ ﵝالكَهۡف : ﵑﵜ ، ﵟوَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا ١٩ﵞ ﵝالجِن : ﵙﵑﵜ ، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفَلاَ أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا!»([6]) ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى ربه ويسأل ربه، كذلك العباد لذلك لما جاء ذاك الرجل قال يا رسول الله: «علمني ما أقول في الصلاة؟  قال: ما تقول أنت؟ قال: أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، فقال: حولها ندندن» ([7]) ، ثم تأمل معي كيف نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فيه فقال: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله»([8]).

 ومن الغلو المذموم الذي ينافي الوسطية في الإسلام الغلو في العبادة، وذلك بأن يزيد العبد في الطاعة والعبادة ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به الله ولا الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، والله يقول: ﵟ لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ٢١ﵞ ﵝالأَحۡزَاب : ﵑﵒﵜ، فالمسلم يقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم الذي فعله تفعله ولا نتعبد الله إلا بفعله، وهذا مقتضى لا إله إلا الله محمد رسول الله فأنا لا أعبد إلا الله ولا أعبد الله إلا بما شرعه الله وبينه النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا باب العبادات، ولذلك نص أهل العلم على أن باب العبادات توقيفي، فلا يتقرب إلى الله بعبادة لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من مخالفة هديه في العبادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»([9]) ، «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»([10]) ، فمن يأتي إلى عبادة سببها حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ويتعبد بها فهذا غير مأجور إن لم يكن مأزورا، وفي صحيح البخاري عن أنس -وتأملوا لهذه القصة- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم لأجل ماذا؟ لأجل أن يقتدوا به فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها يعني رأوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم أقل من عبادتهم ثم أوجدوا العذر للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يعني لا يحتاج أن يزيد في العبادة نحن نحتاجها لأننا نحتاج إلى المغفرة والعفو، قال أحدهم -وشرعوا الآن في ذكر عباداتهم-: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، من بعد صلاة العشاء يصلي إلى الفجر وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر يعني: يصوم طول السنة، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا لماذا يعتزل النساء؟ لأجل أن يتفرغ للعبادة والطاعة لا تشغله امرأة ولا يشغله ولد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: «أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا واللهِ إنِّي لأخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»، فمع كون هؤلاء القوم أرادوا الخير بفعلهم الذي هو أصله عبادة هذا يقوم يصلي الليل، والثاني يصوم النهار طوال السنة والثالث لا يتزوج النساء لأجل التفرغ للعبادة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليهم هذه الطريقة في العبادة قال لهم : «فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»، أي: انحرف وأبى عن طريقتي في العبادة،  ليس من أمتي أمة الوسطية لأن الإسلام يراعي جوانب جانب النفس وحاجتها إلى الأمور الفطرية البشرية التي خلق الله عز وجل الناس عليها، النفس تحتاج إلى النوم النفس تحتاج إلى الطعام والشراب تتقوى به الناس تحتاج إلى الزواج، كونك تحرم نفسك من النوم وتحرم نفسك من الطعام والشراب وتحرم نفسك من الزواج ما جاءت شريعة الإسلام بهذا، إذًا هذا المؤشر الأول وباب الغلو يعني أفراده كثيرة، ولكن هذه إشارة، فالغلو في الدين من مؤشرات التطرف الديني والانحراف الفكري، وربما تجد ذلك واضحا في الخوارج الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، -لكنهم في الأخير-  يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» ([11]) .

 أما المؤشر الثاني من المؤشرات التي تبين الانحراف والتطرف الديني والفكري: فهو التكفير، والتكفير أمره خطير وهو من أول البدع التي خرجت، بدعة الخوارج من أوائل البدع التي خرجت وكفرت المسلمين وكفرت خير الناس من الصحابة كعثمان وعلي ومن معهم رضي عنهم أجمعين، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من التكفير وبين سوء عاقبته في غير ما حديث، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما»([12]) ، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم» ([13]) ، ثم بعد ذلك انتقلت عدوى التكفير بغير حق من الخوارج إلى بقية الفرق التي خالفت أهل الإسلام، يقول البغدادي: «وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض وتبري بعضهم من بعض كالخوارج والروافض والقدرية، حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضا» ([14]) ، وجاء عن ابن تيمية رحمه الله أنه قال: «وصار كثير من أهل البدع مثل الخوارج والروافض والقدرية والجهمية والممثلة يعتقدون اعتقادا هو ضلال يرونه هو الحق ويرون كفر من خالفهم في ذلك» ([15])، ووصل الأمر بالخوارج إلى أن كفروا المسلمين، واعتبروا ديارهم دار كفر كما جاء عن نافع بن الأزرق أنه كتب إلى أتباعه بالبصرة قائلا: الدار دار كفر والاستعراض مباح وإن أصيب الأطفال فلا حرج على من أصابهم، وصل بهم الأمر إلى استباحة دم الأطفال والنساء والشيوخ وكبار السن والعجائز، ومما ورد في المسند([16])  عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه بعث للخوارج يقول لهم: «بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما، أو تقطعوا سبيلا، أو تظلموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. فقالت عائشة للراوي-: يا ابن شداد، فقد قتلهم فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة» ، وهذه حال أهل الخوارج الذين انتهجوا التكفير منهجا وتدينا، وجاء في مقالات الإسلاميين عن فرقة من فرق الخوارج أنهم قالوا: «إذا كفر الإمام كفرت الرعية وقالت : الدار دار شرك وأهلها جميعاً مشركون، وتركت الصلاة إلا خلف من تعرف وذهبت إلى قتل أهل القبلة وأخذ الأموال واستحلت القتل والسبي على كل حال» ([17])، فهذه أثر من أثار هذه الجريمة النكراء وهي التكفير، والتكفير له أحكامه ولا يطلق من صغار السن ومن لا علم له بأحكام الشريعة الإسلامية والعقيدة لأن التكفير يرتبط بماذا يرتبط بالإيمان، وعندنا قاعدة مهمة جدا في هذا الباب: وهو أن من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول عنه إلا بيقين وليس بمجرد ترهات ومذكرات وقصاصات أوراق وأناس لا تعرف أسماؤهم إلا بكنى كأبي القعقاع وأبي مصعب كذا وفلان وفلان، ولا يعرفون من، بل في بعض الأحيان كما يحدثني بعض من له اهتمام بهذا الجانب يقول نسأل عن هؤلاء المكفرين فإذا بعضهم حتى ما أكمل الثانوية، وبعضهم ما تخرج من الجامعة وبعضهم ما درس حتى العقيدة ولا يعرف الفرق بين عقيدة أهل الإرجاء والخوارج والجهمية وغيرهم في باب العقيدة وباب الإيمان، فكيف لأمثال هؤلاء أن يتجرؤوا على أهل السنة وعلى المسلمين فيكفروهم حتى سمعت مرة أحدهم يقول: كفرت أمي كان متأثرا بكتب سيد قطب، وسيد قطب للأسف كتبه ومنهجه قائم على التكفير، وليس التكفير مختصا بالخوارج فالرافضة مثلا كفروا أبا بكر وعمر وعثمان وعامة المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وكفروا جماهير أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المتقدمين والمتأخرين، لذلك ينبغي على المسلم العاقل أن يحذر من هذا المسلك وألا يدخل في هذا الأمر، وأن يتركه لأهله من أهل العلم، وفي الدول المسلمة يوكل هذا الأمر لمن؟ للقضاء، القضاء الشرعي فهو المختص بهذا الجانب وتطبيق أحكامه؛ لأن إطلاق لفظ الكفر على فلان وفلان أو على جماعة معينة يقتضي جملة من الآثار في الدنيا والآخرة، فهذا من صفة أهل التطرف الديني وأصحاب الفكر المنحرف.

 ثالثا من المؤشرات التي تدل على التطرف الديني والانحراف الفكري: التعصب وعدم قبول الحق، والمسلم مأمور باتباع الحق ومنهي عن اتباع الهوى، فمتى ما اتبع الهوى وترك الحق كان مخالفا للصراط المستقيم الذي أمر الله سبحانه وتعالى بسلوكه، وعدم اتباع الحق يؤدي إلى اتباع الهوى والإيرادات الخاصة، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟفَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡﵞ ﵝالقَصَص : ﵐﵕﵜ ﵟفَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ ﵞ أي: تركوا الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فإن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو الحق من ربه، فبيّن عز وجل أن الذي لا يتبع الحق الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقتنع به ويسلم له فإنما في الحقيقة يتبع هواه، قال: ﵟ فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥٠ﵞ ﵝالقَصَص : ﵐﵕﵜ، وشريعتنا إخواني الأفاضل قائمة على ماذا؟ قائمة على الاتباع اتباع الحق، قال الله عز وجل: ﵟ ٱتَّبِعۡ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٦ﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵖﵐﵑﵜ، وقال الله سبحانه وتعالى: ﵟقُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ هَٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٢٠٣ﵞ ﵝالأَعۡرَاف : ﵓﵐﵒﵜ، وقال الله عز وجل: ﵟقُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ١٥ﵞ ﵝيُونُس : ﵕﵑﵜ، فالمسلم مأمور بالاتباع باتباع الحق، فمتى ما ظهر له الحق اتبعه وترك ما سواه، والذي يتبع الحق هو الذي يتأثر بالذكرى وبالموعظة وبآيات الله سبحانه وتعالى، كما قال الله عز وجل: ﵟ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكۡرَ وَخَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِۖ فَبَشِّرۡهُ بِمَغۡفِرَةٖ وَأَجۡرٖ كَرِيمٍ ١١ﵞ ﵝيس : ﵑﵑﵜ، فالمسلم إذا جاءه الحق جعله بين عينيه وتبعه ولو كان مخالفا لما كان عليه شيخه أو ما كان عليه حزبه أو من يميل إليهم، أو ما كان له مصلحة معهم بل اتبع ما أمرك الله عز وجل به، والحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفون بالحق، فمن كان متبعا للحق فهم على صواب، وأما إذا خالفوا الحق فإنهم أهل باطل، خصوصا إذا بين لهم فأعرضوا عنه، وأذكر فيما أذكر من بعض المناقشات مع بعض المتحزبين وممن يحبون جماعة الإخوان ويحبون سيد قطب وغيره، أتينا لهم بكتبه ونقلت لهم ما احتواه فكر سيد قطب من التكفير وما احتوته جماعة الإخوان المسلمين من المخالفات إلا أنه أبى،  أبى أن يكون هذا من الباطل بل نقلت لأحدهم مرة صورت له صفحتين أو ثلاث من بعض كتب سيد قطب أظنه معالم في الطريق وقرأته عليه قال: لا لابد نقرأ ما قبله وما بعده فأنا أعطيتك الآن صفحتين تقريبا أو ثلاث لو كان ما بعدها كله حق وما بعده كله حق وهذه الصفحتين فيهما هذا التكفير فهذه مصيبة وهذه بلية، فإن هذا باطل يفترض بك أن تقول نعم هو أخطأ لا أن تدافع عن باطله.

 كذلك من المؤشرات التي تدل على التطرف الديني والانحراف الفكري: التقليد الأعمى وهو تابع للمؤشر السابق التعصب وعدم قبول الحق، والله عز وجل عاب على من يقلد التقليد الأعمى ويترك الحق، كما قال الله عز وجل عنهم -عن أهل الشرك-: ﵟ بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ ٢٢ﵞ ﵝالزُّخۡرُف : ﵒﵒﵜ، والمسلم كما ذكرت لكم مأمور باتباع الحق لكن من له مآرب أخرى في غير الحق تجده يجادل في الباطل، كما قال تعالى: ﵟ يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ ٦ﵞ ﵝالأَنفَال : ﵖﵜ ، وأما المسلم فإنه مأمور باتباع الحق والبحث عنه، وهو الذي أمر الله عز وجل بالتواصي به قال: ﵟوَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣ﵞ ﵝالعَصۡر : ﵑ - ﵓﵜ .

المؤشر الخامس الذي يدل على التطرف الديني والانحراف الفكري: الجرأة على الفتوى، جاء عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي في آخر الزمان قوم، حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة»([18]) ، للأسف الفتوى ليست مقتصرة على أمور يسيرة التي يتجرأ عليها بعضهم بل فيما يتعلق بدماء المسلمين، وفيما يتعلق بسياسات شرعية توكل إلى إمام المسلمين وتكفير جماعات المسلمين، وتصدر هذه الفتوى من أناس ما عرفوا بعلم، وبعضهم تخرج من بعض الكليات الشرعية لكن لا علم له فليس معنى حصولك على شهادة ولو كانت دكتوراه أو ماجستير في الفقه أو في العقيدة ونحو ذلك أنك مؤهل للفتوى، الإمام مالك رحمه الله ما أفتى ولا جلس للتدريس إلا بعد أن أفتاه ما يقرب من سبعين عالما بأنه أهل لذلك، وبعض فرق الخوارج اليوم في زماننا المفتي عندهم متخرج من كلية شرعية وليس له أشياخ يعرف بتلقي العلم عنهم، وبعض صغار من تأثر بهم تراهم يتجرؤون على الفتيا والاستدلال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « يقولون من خير قول البرية»، لكن ما النتيجة؟ يمرقون من الإسلام يخرجون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، السهم إذا أطلقته على الصيد فإنه كيف يخرج؟ قال: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم أي: ما يقولونه ولكن ليس في قلوبهم شيء من الإيمان، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وهذا موكول لإمام المسلمين، ولذلك جاء في أثر لكن لا يصح كحديث: أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار، لأن الفتيا يا إخواني الأفاضل: إعلام عن حكم شرعي أراده الله سبحانه وتعالى، أنت لما تقول هذا حرام يعني الله عز وجل حرمه ولما تقول هذا حلال أي أن الله سبحانه وتعالى أحله، وهذا أمر ليس باليسير، تأمل معي هذه الآية كل من يُسْأل عن حكم أمر ما ولا يعلمه فليتذكر قول الله سبحانه وتعالى: ﵟوَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ ١١٦ مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١١٧ﵞ ﵝالنَّحۡل : ﵖﵑﵑ - ﵗﵑﵑﵜ .

وقد جاء في القصة المشهورة عن الإمام مالك ابن أنس لما جاءه رجل من بعيد مسافر وقطع المفاوز والأميال فسأله عن أربعين مسألة، فأجابه عن أربع وعن ست وثلاثين بلا أعلم وقيل هذا وارد عن ابن عمر كذلك، فلما قال للإمام مالك كيف أرجع إلى الناس وأقول سألت مالكا وقال لا أدري قال: ارجع لهم وقل لهم الإمام مالك لا يدري، وجاء عن بعض السلف أنه قال: من ترك لا أدري فقد أصيبت مقاتله، لا تجعل من نفسك جسرا يعبر الناس عليه وأنت تدق عنقك في النار والعياذ بالله لتجرئك على دين الله سبحانه وتعالى خصوصا في الأمور العظام، الدولة فيها قسم إفتاء فيرجع الناس إلى قسم الإفتاء ويسألونهم ويسألون من يثقون فيه من أهل العلم من طلبة العلم الكبار ومن العلماء الأفاضل، لا أن يسألوا المجاهيل ومن لا يعرف بعلم ولم يثني عليه أهل العلم، ومن الأخطاء الواردة في هذا الجانب ما يقع من بعضهم هداهم الله إذا وقع في طلاق مثلا طلق زوجته يخرج يسأل ربما سأل إمام المسجد لحسن الظن فيه، وليس هذا قدحا في الإمام لكن الإمام فقهه في الصلاة قد لا يفقه موضوع الطلاق، وأمر الطلاق ليس بالهين بل كان بعض أهل العلم يجعل أمر الطلاق في شيخ واحد، وفي مفت واحد ولا يجعله عند غيره من أهل العلم، أذكر مرة كنت عند الشيخ عبد الرحمن الغديان رحمه الله تعالى أعرض عليه بعض المسائل، فاتصلت عليه امرأة تستفتيه في الطلاق فرفض أن يفتيها قال: ارجعي للمفتي فاستغربت فلما سألت أخبرت أن أمر الفتوى كان موكولا للمفتي فقط وفي الجنوب في المملكة العربية السعودية كان أمر الطلاق موكولا إلى الشيخ أحمد النجمي رحمه الله تعالى، وهكذا حتى عندنا هنا في الدولة ينبغي أن لا نتجرأ على أمر الطلاق وإنما يرجع فيه إلى قسم الفتوى، عندنا مؤسسة كاملة للفتوى يرجع إليها في السؤال أو إلى القضاء تذهب إلى القاضي تسأله وتستفتيه في أمر ما وقع بينك وبين زوجتك، فهذا مؤشر من المؤشرات التي يدل على الانحراف الفكري والتطرف وهو الجرأة على الفتوى.

 سادسا من المؤشرات: الغلظة في التعامل، الدين دين يسر ودين تعامل حسن، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟوَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗاﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵓﵘﵜ ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل حتى مع اليهود والنصارى من المسالمين بالحكمة والموعظة الحسنة ويدعوهم إلى دين الله عز وجل، والله عز وجل يقول: ﵟ ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥ﵞ ﵝالنَّحۡل : ﵕﵒﵑﵜ، ويحتاج المسلم أن يحسن تعامله مع أقرب الناس إليه مع أهله: «خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» ([19])، ومع أرحامه ومع والديه ويحسن مع جيرانه ويحسن مع مجتمعه ويحسن في التعامل مع ولاة أمره ويحسن في التعامل مع زملاء عمله، والقاعدة في هذا: كما تحب أن يعاملك الناس عاملهم، أما الغلظة في التعامل فمن أسباب النفرة، وما عرفت الغلظة إلا عن أهل الغلظة وأهل الشدة وعن الخوارج المنحرفين.

 سابعا من المؤشرات: تبرير الأفعال الخاطئة بالغايات المشروعة، ومعنى هذا أن يفعل الإنسان فعلا معلوما أنه خطأ ومحرم فإذا ما نوصح وبين له الخطأ قال: أنا اقصد من هذا كذا وكذا وهذا لتحقيق كذا وكذا، مثل الإخوان المسلمين كانوا يجمعون الزكاة لتوزيعها على الفقراء ثم كانوا بعد ذلك ينفقونها على حزبهم وعلى مراكزهم ولما سئلوا عن ذلك قالوا: هذا من باب الجهاد في سبيل الله وهذا من باب كذا كذا، المظاهرات التي حرمها أهل العلم قالوا بل هذه لإقامة الحق وإقامة العدل، فلما مسكوا هم وصارت لهم دولة وقوة ومنعة قالوا بتحريمها، ما عندنا الغاية تبرر الوسيلة، فإذا كان الأمر محرما ما كان لك أن تفعله، اعترف بخطئك ولا تبرره بغايات مشروعة تجعل هذا من الجهاد في سبيل الله، وهذا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل بعضهم الذي ينكر على الأئمة علنا ويدعو إلى الثورات وغير ذلك بحجة ماذا؟ بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا فعل الخوارج، ومما ذكره أهل التاريخ وأهل السير،  ابن كثير رحمه الله متكلما عن بداية خروج الخوارج قال: أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا بَعَثَ أَبَا مُوسَى لِإِنْفَاذِ الْحُكُومَةِ اجْتَمَعَ الْخَوَارِجُ فِي مَنْزِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الرَّاسِبِيِّ فَخَطَبَهُمْ خُطْبَةً بَلِيغَةً زَهَّدَهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَرَغَّبَهُمْ فِي الآخرة والجنة، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، ثُمَّ قَالَ: فَاخْرُجُوا بِنَا إِخْوَانَنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، إِلَى جَانِبِ هَذَا السَّوَادِ إِلَى بَعْضِ كُوَرِ الْجِبَالِ، أَوْ بَعْضِ هَذِهِ الْمَدَائِنِ، مُنْكِرِينَ لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْجَائِرَةِ، ثُمَّ قَامَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ: إِنَّ الْمَتَاعَ بِهَذِهِ الدُّنْيَا قَلِيلٌ، وإن الفراق لها وشيك، فلا يدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، فَقَالَ سِنَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسَدِيُّ: يَا قَوْمُ إِنَّ الرَّأْيَ مَا رَأَيْتُمْ، وَإِنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرْتُمْ، فَوَلُّوا أَمْرَكُمْ رَجُلًا مِنْكُمْ، وَاجْتَمَعُوا في بيت زيد بن حصن الطَّائِيِّ فَخَطَبَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: "يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله"، وقوله تعالى: "وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ"، وكذا التي بعدها وبعدها الظالمون الفاسقون، ثُمَّ قَالَ: فَأَشْهَدُ عَلَى أَهْلِ دَعْوَتِنَا مِنْ أَهْلِ قِبْلَتِنَا أَنَّهُمْ قَدِ اتَّبَعُوا الْهَوَى، وَنَبَذُوا حُكْمَ الْكِتَابِ، وَجَارُوا فِي الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، وَأَنَّ جهادهم حق على المؤمنين-يعنون أنفسهم- ، فَبَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شجرة السُّلَمِيُّ، ثُمَّ حَرَّضَ أُولَئِكَ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ فِي كَلَامِهِ اضْرِبُوا وُجُوهَهُمْ وَجِبَاهَهُمْ بِالسُّيُوفِ حَتَّى يُطَاعَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.

 يقول ابن كثير معلقا على كلامهم: وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَغْرَبَ أَشْكَالِ بَنِي آدَمَ، فَسُبْحَانَ مَنْ نَوَّعَ خلقه كما أراد، وسبق في قدره ذلك، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي الْخَوَارِجِ إِنَّهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً".

 وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةَ الضُّلَّالَ، وَالْأَشْقِيَاءَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ([20]) .

إذًا إخواني الأفاضل هذا الخروج الذي هو منهي عنه عند أهل العلم يجعلونه من باب الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتبرير الأفعال الخاطئة بغايات مشروعة هذا من الضلالات ومن علامات التطرف الديني والانحراف الفكري.

 المؤشر الثامن: مخالفة السلف في التلقي والاستدلال وفي التعامل مع النصوص، النص الشرعي ليس بلعبة في أيدي من أراد أن يستدل به كما نراه اليوم عند بعض من في قلبه زيغ، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﵟفَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦﵞ ﵝآل عِمۡرَان : ﵗﵜ، أما أهل العلم فيرجعون إلى  الأسس التي يفهم بها النص الشرعي، القرآن والسنة نزل بلغة عربية وفهمه الصحابة وتلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلقاه التابعون عن الصحابة وتلقاه من بعدهم عن التابعين، وتلقاه العلماء عن من تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتيك اليوم من يريد أن يفهم النص الشرعي وفق المعطيات المعاصرة بحجة أن التفسير السابق كله من التراث، ولابد من نقد التراث ولا  يقصد بنقد التراث استبعاد الأحاديث الضعيفة والموضوعة والتفاسير الخاطئة لا، يقصد به هدم كل أنواع التفسير وأن يفسر بتفاسير جديدة كما نشاهده عند أدعياء علم الطاقة ما يسمى بالريكي، ويستدلون استدلالات يضحك لها المجانين، ويأتون بعقائد وثنية ويستدلون عليها من كتاب الله سبحانه وتعالى، مثل ذلكم الأفاك الذي يستدل على قانون الجذب بمئة آية، يقول عندي مئة دليل من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقانون الجذب قانون شركي فيه سؤال لغير الله سبحانه وتوجه للسؤال للكون وانتظار الإجابة من الكون، والله يقول: ﵟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵖﵘﵑﵜ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ اللهَ» ففهم السلف يضبط الاستدلال، لا بد من التعامل مع علم أصول الفقه مع القواعد الفقهية مع اللغة العربية التي تبين طريقة فهم النص الشرعي وطريقة الاستدلال الصحيح، خرج عندنا من يقول لا يوجد في القرآن الكريم نص على تحريم الخمر، ولا يوجد نص على تحريم الزنا وغير ذلك من الترهات التي يذكرها بعضهم.

 المؤشر التاسع: الجهل بمقاصد الشريعة، وهذا وإن كان خاصا بالعلماء لكن لا يتكلم فيه إلا من يعلمه، فيأتيك يتكلم في مقاصد الشريعة من لا يعلمها ولم يحط بها علما، فهذا من الجرأة في الفتيا ومن الاعتداء على شرع الله سبحانه وتعالى؛ لأنك تبحث عن الحكم والمقاصد والعلل، وهذه لا يتكلم فيها إلا الجهابذة ممن نظروا في آيات الله وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الأحكام الشرعية، ونظروا في كلام الصحابة والتابعين وأوتوا فقها وعلما.

 عاشرا من المؤشرات: الطعن في ولاة الأمور والعلماء، يقول ابن تيمية رحمه الله في بيان صفة الخوارج: «فهؤلاء أصل ضلالهم: اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل وأنهم ضالون وهذا مأخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ونحوهم ثم يعدون ما يرون أنه ظلم عندهم كفرا، ثم يرتبون على الكفر أحكاما ابتدعوها» ([21])، وسبب تكفير الخوارج لعلي رضي الله عنه ومن معه قضية الحاكمية لا حكم إلا لله، روى مسلم في صحيحه([22])  عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ، وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالُوا: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، قَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا، إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ، «يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَجُوزُ هَذَا، مِنْهُمْ، - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ»، فولاة الأمر والعلماء لهم مكانتهم، وهذه المكانة أعطاهم إياها الله سبحانه وتعالى: ﵟيَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖﵞ ﵝالمُجَادلَة : ﵑﵑﵜ  رفعة من الله سبحانه وتعالى أمر الله بطاعتهم: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵙﵕﵜ ، فلا يجوز الطعن فيهم ولا سبهم ولا التعريض بهم، ومن كان عنده نصيحة لإمام أو لعالم فليأت إليه ولينصح وليأخذ بيده كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

 كذلك من المؤشرات التي تدل على التطرف الديني والانحراف الفكري: التفجير في بلاد المسلمين، وهذا من صفات الخوارج المعاصرين، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَلَيْسَ مِنِّي»([23])، يفجرون المساجد يفجرون تجمعات المسلمين، فهذا مؤشر من مؤشرات التطرف الديني والانحراف الفكري، كذلك الجهاد دون إذن ولي الأمر، الجهاد أمره لولي الأمر قد أوكله الله إليه وأهل العلم في عقائدهم يشيرون أنه لا يكون جهاد إلا بإذن ولي الأمر ومع ولي الأمر، وقد بوب البخاري فقال: باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به، ثم أورد تحته قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به»([24]) .

 أكتفي بهذه المؤشرات التي تدل على انحراف عن الصراط المستقيم، وتخالف منهج سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أحث المسلمين على النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي هديه وفي تعامله، وأن لا يقدموا على أمر لا يحسنونه وقد أوكله الله عز وجل إلى غيرهم، وأن لا يتأثروا بالعواطف فإن العواطف عواصف، وعليهم أن يلزموا جماعة المسلمين أن يلزموا إمامهم ويلزموا جماعتهم وعلمائهم وطلبة العلم معهم ممن عرفوا بسلامة العقيدة والمنهج ومن هم على صراط مستقيم، وأن يتركوا تلقي العلم عن المجاهيل فإن في هذا تهلكة، وأن يلزموا سؤال الله عز وجل الهداية، فأنت تسأل ربك الهداية في كل ركعة من ركعات صلاتك: ﵟ ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ﵞ ﵝالفَاتِحَةِ : ﵖﵜ لأنك تحتاج إلى الهداية في جميع شأنك حينما تتلاطم عليك أمواج الفتن من الشهوات والشبهات، فتحتاج إلى أمر يعصمك من ذلك ولا عاصم إلا ربك سبحانه وتعالى، وأكثر من قول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

 أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم لكل خير، وبقيت هناك مؤشرات أخرى لكن ضاق الوقت لعلنا نتكلم عليها في مجلس آخر.

 هذا والله أعلم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


 

([1]) رواه البخاري (39)، ومسلم (6463).

([2]) رواه أحمد (4142).

([3]) رواه النسائي (3057)، وابن ماجه (3029)، وصححه الألباني.

([4]) رواه البخاري (39)، ومسلم (6463).

([5]) رواه الترمذي (2516).

([6]) رواه البخاري (4837)، ومسلم (2820).

([7]) رواه ابن ماجه (910)، وأبو داود (792).

([8]) رواه البخاري (3445).

([9]) رواه مسلم (1718).

([10]) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718).

([11]) رواه البخاري (3610)، ومسلم (1064).

([12]) رواه البخاري (6104)، ومسلم (111).

([13]) مجموع الفتاوى (13/31).

([14]) الفرق بين الفرق (ص185).

([15]) مجموع الفتاوى (2/466-467).

([16]) المسند للإمام أحمد (656).

([17]) مقالات الإسلاميين (ص55).

([18]) رواه البخاري (3611)، ومسلم (1066).

([19]) رواه الترمذي (3895)، وابن ماجه (1977).

([20]) البداية والنهاية (7/283-284).

([21]) مجموع الفتاوى (28/497).

([22]) رقم (1066).

([23]) رواه مسلم (1848).

([24]) البخاري (2957).