أسباب استقامة الشباب وانحرافهم


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد؛

 فنحمد الله عز وجل نعمة الإسلام، كما نشكر القائمين على مركز رياض الصالحين بدبي على جهودهم العلمية، وأسأل الله عز وجل أن يرزق الجميع الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل ذلك في موازين أعمالنا يوم القيامة، محاضر اليوم بعنوان: "أسباب استقامة الشباب"، ولماذا الشباب؟ لأن العناية بشباب الأمة واجب تمليه حاجة الأمة إليهم في بناء مستقبلها بإذن الله عز وجل، لا يتم بناء الأمة على شباب يختلف منهجه عن منهج أمته، ولذلك حرص أعداء الإسلام على أن يلق شباب المسلمين منهجا غير منهجهم ليهدموا بناء الإسلام، فكان من الواجب على المسلمين التنبه لمكائد أعدائهم، فالواجب حماية شباب هذه الأمة من تسلل المناهج الهدامة إليهم، الواجب الاهتمام بغرس العقيدة الصحيحة في قلوب الشباب ليكون لديهم حصانة تامة من تلك الأمراض العقدية والأفكار المنحرفة التي تتلبس بالإسلام وهي تريد القضاء عليه، لا منهج للأمة الإسلامية غير منهج الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، الله عز وجل يقول: ﵟوَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْﵞ [آل عمران:103]، ويقول الله عز وجل: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ٥٩ﵞ [النساء:59] ، هذا هو المنهج الذي يجمع الأمة، ويوحد كلمتها، أما المناهج الحزبية والانتماءات الفكرية فإنها تفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني، إذًا لابد من العناية بشباب الأمة، وهذه المحاضرة من سلسلة المحاضرات فيما يتعلق بالشباب المسلم.

 الناظر إلى حياة الشباب وحال الشباب يدرك مدى الاختلاف في نزعاتهم وسلوكهم واتجاهاتهم، وهذا أمر لا جدال فيه لدى العقلاء، فالشباب المسلم أصناف من خلال التتبع:

 الصنف الأول: قصفت بهم عواصف الشهوات، تاهوا في الحياة وانغمسوا في قبائح الأعمال، ومفسدات الأخلاق، وسيء العادات والأفعال، وانقادوا لأهوائهم ولمطالب أنفسهم الظالمة، استجابوا للشيطان الذي يدعو إلى جهنم وبئس القرار، تراهم عن أبواب الخير صادين ومعرضين، وعلى أبواب الشر مقبلين ومزدحمين، يتنافسون يرغبون، قد تأثرت قلوبهم بحب الأفلام والألعاب المفسدة للأخلاق، بالإضافة إلى إضاعة كثير من الفرائض والحقوق والواجبات المتعلقة بحقوق العباد بعد حق رب الأرض والسماوات، لا شك هذا الصنف الأول قد فقدوا القدوة الحسنة؛ لأنهم لم يحرصوا على التماسها، فساروا إلى ما أشرنا إليه، ولذلك سنذكر بعض أسباب انحراف هؤلاء الشباب.

 الصنف الثاني من أصناف الشباب: شباب واعون عندهم همم عالية، شعروا بمسؤولياتهم اتجاه دينهم وأوطانهم المسلمة، أحرزوا العلوم الشرعية ووسائلها عملوا بها، دعوا الناس إليها، هذا الصنف وضعوا أقدامهم في الخط المستقيم، خرج منهم علماء ربانيون، وأساتذة مخلصون، يبذلون ما في وسعهم في تعليم الناس،  فهذا صنف يرجى لهم أن يكونوا صالحين في أنفسهم ومصلحين لغيرهم أينما كانوا من أرض الله، هؤلاء منهم من تسلط عليهم بعض أصحاب الأهواء والضلالات والبدع، غذوهم بأفكارهم السقيمة أقنعوهم بأهوائهم، فهؤلاء الذين انحرفوا مع أصحاب الأهواء والضلالات لا ينتظر منهم إلا الفساد في الأرض، فسادا في الفطرة، وفسادا في القلوب، وفسادا في العقول، فسادا في الاتجاه والسلوك فسادا في الأوطان، وهم يظنون ويحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء بل هم الجاهلون المقلدون لهؤلاء الضالين الذين نفثوا سموم أفكارهم في قلوبهم على جهل وغفلة، أما من لم يتأثر بأصحاب الأهواء والضلالات وثبت على دينه وعقيدته ومنهجه ثبت على السنة، فهؤلاء هم أولياء الله.

 الصنف الثالث من أصناف الشباب: عندهم الخير وعندهم الشر فيما يتعلق بأمر دينهم ودنياهم، هؤلاء خلطوا عملا صالحا وعملا آخر سيئا، ينبغي أن توضح لهم الطريق لكي يفهموا الحكمة من وجودهم، والغاية من حياتهم ليتمكنوا من عمل الخير واجتناب الشر، وميزان ذلك شرع الله عز وجل، ومن خلال هذه المحاضرة سنذكر أسباب استقامة الشباب، ونشير إلى بعض أسباب انحرافهم أيضا، ثم نوجه نصيحة للشباب عامة لعل الله عز وجل أن ينفع بها.

 أما أسباب استقامة الشباب فلا شك أن الله عز وجل ربط الأسباب بمسبباتها، جعل الاستقامة على الدين والخير أسبابا برحمته وفضله، من أخذ بهذه الأسباب اجتنى ثمارها اليانعة، فهو سبحانه وتعالى برحمته وفضله جعل هذه الأسباب إحسانا وبرا منه سبحانه وتعالى، تتلخص هذه الأسباب -أسباب استقامة الشباب- في عدة أمور:

أولها: وجود القدوة الحسنة من أب وأم، أو مدرس أو عالم أو شيخ أو طالب علم، من يقوم مقام الوالدين، فوجود القدوة الحسنة للشاب في التربية والرعاية الحسية والمعنوية هذا سبب مهم من أسباب استقامة هذا الشاب القدوة الحسنة، لذلك ينبغي على الشباب البحث عن القدوة الحسنة، والقدوة الحسنة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، النظر في سيرته وفي سنته صلى الله عليه وسلم، فهو الأسوة ثم أيضا العلماء الربانيون، وطلبة العلم الذين ساروا على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، إذًا السبب الأول من أسباب استقامة الشباب وجود القدوة الحسنة.

 السبب الثاني: طهارة البيت الذي تربى فيه هذا الشاب، طهارة البيت من وسائل الزيغ والانحراف بشتى صورها وكافة أنواعها، تربية الوالدين للأولاد على العقيدة والمنهج والسنة وعلى شريعة الإسلام، هذا لا شك أيضا من أهم الأسباب لاستقامة الشباب، ولا شك أن تأثير الأبوين تأثير مهم جدا، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسّانه »([1]) ، يدل الحديث على تأثير الأبوين على المولود من صغره إلى أن يصبح شابا، السبب الثاني تربية الوالدين للشباب، طهارة البيت من وسائل الزيغ والانحراف، توافر وسائل الإصلاح وتقوية الإيمان والتعليم الصحيح هذا سبب مهم لاستقامة الشباب.

 الثالث من أسباب استقامة الشباب: صلاح مناهج التعليم الدراسية، والمواد الدينية واللغوية والتاريخية لها تأثير عجيب في صفاء العقول وصلاح القلوب، فإذا وفق المسئولون إلى وضع مناهج دراسية صحيحة وفق شرع الله عز وجل فيها تذكير للشباب فيها ربط للشباب بالعلم الشرعي، والعمل والتأدب بآداب الإسلام وأخلاقه، لا شك أن هذا سبب قوي لاستقامة الشباب.

 السبب الرابع لاستقامة الشباب: ترابط المجتمع بمختلف هيئاته وجهاته، بحيث يكون كل فرد من أفراد المجتمع مساهما في رعاية الشباب الرعاية الصحيحة بقدر استطاعته، يبدأ هذا الترابط من الأسرة امتثالا لقول الله تعالى: ﵟوَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤ﵞ [الشعراء:21] تأسيًا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم حيث بدأ بدعوة عشيرته، ثم عمت الدعوة الدنيا، ترابط المجتمع وعمله بشرع الله عز وجل سبب من أسباب استقامة الشباب.

 الخامس من أسباب استقامة الشباب: ربط الشباب بالمساجد لأداء فرائض الصلاة جمعة وجماعة، ترغيبهم في الحرص على السنن الرواتب لا سيما الوتر وسنة الفجر، بل وترغيبهم في قيام الليل لينالوا سعادة الدنيا والآخرة، التزام الشباب بذلك له أعظم الأثر في حسن سلوكهم، وسداد حالهم، وصلاح نفوسهم وقلوبهم، وفي استقامتهم وفي الثبات على هذه الاستقامة، ربط الشباب بالمساجد لأداء الفرائض، ولحضور مجالس العلم في بيوت الله عز وجل من أهم الأسباب لاستقامة الشباب.

 السادس من أسباب استقامة الشباب: ترغيبهم وحثهم على مجالسة العلماء وطلبة العلم الشرعي، و اختيار الصاحب الصالح، الصديق الذي يعين على الخير، الذي شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب المسك الذي إذا جلست إليه إما أن يعطيك من المسك وإما أن تجد منه ريحا طيبة، إذًا ترغيب الشباب، حثهم على مجالسة العلماء وطلبة العلم من أهم أسباب استقامتهم.

 السابع من أسباب استقامة الشباب: توجيههم إلى استثمار أوقات الحياة وقت الشباب، توجيههم ونصحهم إلى استثمار أوقات الشباب في كل علم نافع وعمل صالح، بل وفي كل ما من شأنه أن يكون نافعًا لهم في دينهم ودنياهم مع تذكيرهم دائما بأهمية الوقت، وأنهم مسئولون أمام الله عز وجل عن أعمارهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم» ([2])، إذًا السبب السابع من أسباب استقامة الشباب توجيههم إلى استثمار العمر؛ لأنهم سيسألون عن سن الشباب.

 الثامن من أسباب استقامة الشباب: عمل مكتبة علمية منزلية في مكان مناسب في البيت، يوضع فيه مصاحف القرآن، كتاب في التفسير كتاب في الحديث كتاب في السيرة، كتاب في الفقه ليتعلموا أمور دينهم، لينشأ هذا الشاب على منهج، على عقيدة سليمة على علم وعلى فقه بأمور دينه، فتح مكتبة منزلية في كل بيت، هذا سبب من أسباب استقامة الشباب.

 التاسع من أسباب استقامة الشباب: تحذيرهم من مجالسة الأشرار والسفهاء والفساق، تحذيرهم من صحبة هؤلاء، فإن مجالسة السفهاء والفساق تؤثر على استقامة الشباب، ليس عند هؤلاء إلا لغو القول، قبيح الفعل، سوء الخلق، وثمرة ذلك خسارة الدنيا والآخرة، والنبي صلى الله عليه وسلم شبه الصاحب السيء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا كريهة، إذًا التاسع من أسباب الشباب استقامة تحذيرهم من مجالسة الأشرار والسفهاء والفساق وأهل البدع وغيرهم.

 العاشر من أسباب استقامة الشباب: تحذيرهم من الأماكن التي لا يرتادها ويأنس إليها إلا الفساق من الناس، الضائعون في حياتهم كأماكن المخدرات والخمور والفسق والفجور وغيرها، هذه الأماكن تجر إلى استعمال المخدرات وبعض الألعاب الصادة عن فعل الخير كالميسر وغيرها، فإذا ارتاد الشباب هذه الأماكن تدهورت حياتهم، فسدت أخلاقهم، انحرفوا عن الاستقامة، تغيرت فطرهم، مرضت قلوبهم، إذًا العاشر تحذير الشباب من أماكن الفساد فساد الدين وفساد الدنيا.

 الحادي عشر من أسباب استقامة الشباب: تحذيرهم من الإدمان على سهر الليل، وما يصحب ذلك من مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني الخليعة، ومشاهدة التمثيليات الهابطة ونحوها من كل ضار مضر، يغتال العقول يمسخ القلوب، يعمي البصائر، فإذا انغمس الشباب في الإدمان على السهر في الليل على هذه الأشياء عميت البصائر، ضاعت الفرائض تغيرت أحوالهم وأمورهم، خسر المجتمع رجال الغد وعماد المستقبل ألا وهم الشباب.

 الثاني عشر من أسباب استقامة الشباب وهو سبب مهم جدا ينبغي الانتباه إليه: تحذير الشباب من صحبة من أطلقوا على أنفسهم الجماعات كحزب الإخوان المسلمين وغيرهم من التنظيمات السرية، والمناهج الوافدة التي تخالف الكتاب والسنة ومنهج سلفنا الصالح في أصول وفي فروعها وفي أهداف الدعوة إلى الله ووسائلها، إن صحبة هؤلاء أصحاب الأحزاب والجماعات تفسد على الشباب عقائدهم، تبعدهم عن العلم الشرعي والعلماء وطلبة العلم، تفسد عليهم أخلاقهم، تفسد عليهم صدورهم ضد ولاة أمورهم الذين لهم الفضل الجزيل في إصلاح الدين والدنيا، فهؤلاء الحركيون من أصحاب الأحزاب لا يرون شيئا من خيرات ولاة أمورهم بل ينكرونها، يحذر الشباب من صحبة هؤلاء، كذلك أيضا يجب أن يحذر الشباب من كل اتجاه يخالف منهج سلفنا الصالح من العلماء والأئمة، سواء كانت هذه الاتجاهات سرورية أو إخوانية أو غيرها، وما والاها من الاتجاهات ذات الانحراف عن منهج سلفنا الصالح الذين سلكوا الصراط المستقيم، الله عز وجل يقول: ﵟ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٥٣ﵞ [الأنعام :153].

إذًا هذه أسباب -اثنا عشر سببا- من أسباب استقامة الشباب لخصناها من خلال هذه المسألة.

 نشير إلى مصادر أسباب الاستقامة، علمنا أهمية الاستقامة، أسباب استقامة الشباب، نشير إلى أسباب استقامة الشباب خاصة:

 أولها: القرآن العظيم الذكر الحكيم الذي أنزله الله عز وجل تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، الله عز وجل وصى العباد بالعناية بالقرآن في كثير من آياته، كما وصى النبي صلى الله عليه وسلم بالعناية بالقرآن في أحاديث كثيرة جدا، إذًا المصدر الأول لاستقامة الشباب القرآن العظيم، التوجه إلى القرآن، تلاوته تدبره فهمه العمل به، هذا مصدر مهم من مصادر الاستقامة، استقامة المكلفين عامة واستقامة الشباب خاصة.

 المصدر الثاني من مصادر الاستقامة: السنة النبوية أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي بنورها يفسر القرآن، السنة النبوية تشهد بالصدق والجودة والكمال والجلال، فعلى الشباب الأخذ بالسنة بكل ما فيها من أمر ونهي ووعد ووعيد وأدب وخلق واستحياء وسلوك، فالقرآن والسنة هما المصدر الأول والثاني من مصادر استقامة الشباب.

 الثالث من المصادر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دعوته الحكيمة، من هذه السيرة النبوية تستقى أسباب الاستقامة، كما قال الله عز وجل: ﵟلَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ٢١ﵞ  [الأحزاب:21].

المصدر الرابع من مصادر الاستقامة: سيرة السلف الصالح ورثة النبي صلى الله عليه وسلم، أصحاب العلم النافع والعمل الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإيمان وإحسان، فمن سيرة هؤلاء الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام يقتبس المسلم والشاب الاستقامة.

 نشير إلى بعض أسباب انحراف الشباب من باب أن الشيء يذكر، أشرنا إلى أسباب الاستقامة نشير إلى بعض الانحراف،لماذا ينحرف الشباب؟ متى فقدت أسباب الاستقامة فتحت أمام الشباب أبواب الانحراف، اقترب الشاب من الانحراف لأنه اقترب من دعاة الانحراف من شياطين الإنس والجن، وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «خط رسول الله صلى الله عليه وسلم، خطا بيده، ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيما"، قال: ثم خط عن يمينه، وشماله، ثم قال: "هذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه" ثم قرأ: (وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) » ([3])، إذًا من بواعث الانحراف هو الانحراف عن الصراط المستقيم، اتباع الطرق الأخرى.

 ثانيا: التهاون في توجيه الشباب، التهاون في تربية الشباب التربية الإسلامية الحسنة من قبل ولاة أمورهم من الآباء والأمهات وغيرهم، التهاون في توجيه الشباب وفي تعليمهم وفي تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، هذا سبب من أسباب انحراف الشباب.

 ثالثا: عدم اهتمام الوالدين بالتربية الدينية للشباب، إهمال الوالدين لتعليم أبنائهم من الشباب العلم الصحيح العقيدة الصحيحة، شريعة الإسلام، آداب وأخلاق الإسلام عدم الاهتمام سبب من أسباب انحراف هؤلاء الشباب.

 رابعا: إهمال المدرسة للشباب بحيث لا يتابع هذا الشاب غالبا في بعض المدارس، لا يتابع من حيث الحضور والغياب والتحصيل العلمي، أو الإهمال أو الاستقامة على الدين.

 خامسا من أسباب انحراف الشباب: تفشي المنكرات في المجتمع، المجتمع الذي يعيش فيه الشباب، البيئة التي يمشون فيها هذا من أهم أسباب انحراف الشباب، لا شك أن ميول الشباب إلى حب الشهوات على اختلاف أنواعها له أثر عظيم على انحرافهم.

سادسا من أسباب انحراف الشباب: هجر المساجد رفض إجابة مؤذنيها، عدم الصلاة في المساجد في بيوت الله، عدم حضور مجالس العلم في بيوت الله عز وجل، الانشغال بالدنيا وبالسهر وباللعب الضار المشغل عن طاعة الله عز وجل، هذا سبب مهم من أسباب انحراف الشباب.

 هكذا أيضا من أسباب انحراف الشباب: الفرق الكبير بين ثقافة الشاب وثقافة الأبوين الملتزمين بتقوى الله، الابن الذي تأثر بوسائل التواصل بأصدقاء السوء تأثر وصار بينه وبين والديه فرق كبير في فهم الإسلام، وهذا بسبب تقصير الوالدين في حماية الشباب، في حماية أبنائهم من الشباب من الفتن والشبهات والشهوات، هذه بعض أسباب انحراف الشباب.

 ثم بعد أن علمنا أهمية العناية بالشباب، وذكرنا أصناف الشباب، وأسباب استقامة الشباب، وذكرنا بعض أسباب انحراف الشباب، نوجه نصيحة للشباب، نختم بها هذه المحاضرة.

 فنقول لإخواننا ولأبنائنا الشباب نذكركم، والذكرى تنفع المؤمنين: الله عز وجل أمرنا في كتابه بأوامر، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كلفنا بامتثال هذه الأوامر، نهانا عن محارم ومآثم، كلفنا باجتنابها طاعة له سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لكم بفعل الخير قدر استطاعتكم، وترك الشر جملة وتفصيلا.

 أيها الشباب إن الله عز وجل خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا، أخفى علينا آجالنا فمنا من يموت صغيرا، ومنا من يموت وهو في غرة الشباب وطفرته، ومنا من يموت كهلا، ومنا من يموت شيخا كبيرا، والله يقض بالحق ويحكم به لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وهو سريع الحساب، عليكم أن تعلموا ذلك، وأن هذه الدنيا دار للعمل، لا يعلم المرء متى يأتي الأجل، فاحذروا من أن يأتي بغتة، علينا بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل إذا أردنا الجنة والنجاة من النار.

 أحثكم على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولاة الأمور من المسلمين في المعروف، الله عز وجل يقول: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖﵞ [النساء:59]، الله عز وجل أمرنا بعبادته وحده، وترك عبادة ما سواه، أمرنا بالمسارعة بصالح الأعمال الظاهرة والباطنة لتكون سببا لمرضاته وجنته، أمرنا عز وجل بالمنافسة في كل عمل صالح مبرور، أمرنا سبحانه وتعالى بالاستقامة على طاعته جملة وتفصيلا أقوالا وأفعالا وأعمالا وآدابا وأخلاقا وسلوكا، أمر عز وجل بالاعتصام بحبله ونهانا عن التحزب والتفرق ليجتمع شملنا ويتوحد صفنا على كلمة سواء، أمرنا سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح التي يمحو بها الذنوب، ويستر بها العيوب، ويرفع بها الدرجات.

 نسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياكم إلى الصواب وإلى الحق، وأن يعيننا وإياكم على الاستقامة على دينه، كما أسأله عز وجل أن يثبتنا وإياكم على دينه، وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبه وترضاه، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة، اللهم احفظ بلادنا دولة الإمارات وبلاد المسلمين من كل سوء وفتنة، اللهم إنا نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا ودعاء مستجابا، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.

 


 

([1]) رواه البخاري (1385)، ومسلم (2658).

([2]) رواه الترمذي (2416)، وذكره الألباني في  السلسلة الصحيحة (946).

([3]) مسند الإمام أحمد (4437).