الخوارج هم العدو فاحذروهم - (الجزء الرابع) - من هو الخارجي؟


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

ذكرت في المقالات السابقة خطر الفكر الخارجي على الدين والدنيا، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر منهم في أحاديث مستفيضة، وذكر صفاتهم وأشهر ما يتميزون به عن غيرهم، لأجل أن يحذرهم المسلمون، ويتجنبوا الانضمام إليهم.

ثم ذكرت نقطة محورية هامة جدا وهي : من هو الخارجي؟

وبينت أول صفة يشترك فيها الخوارج وهي: الخروج على ولي أمر المسلمين الجائر والدعوة إلى ذلك. 

وسأتابع ذكر أخص الصفات التي يشتهر بها الخوارج، ومَن مِنَ الجماعات المعاصرة أو الأشخاص قد سار على نهجهم واتصف بصفاتهم.

فمن الصفات المشتركة بين الخوارج قديما وحديثا: 

الخروج على أمة الإسلام واعتبار بلادهم بلاد كفر وحرب. 

قال ابن القاسم : سمعت مالكاً يقول : (( إن أقواماً ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم، فخرجوا على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بأسيافهم ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك ))

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (19/ 73) : " الْفَرْقُ الثَّانِي فِي الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ: أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ بِالذُّنُوبِ اسْتِحْلَالُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارُ حَرْبٍ وَدَارَهُمْ هِيَ دَارُ الْإِيمَانِ " 

ومن أمثلة ذلك عند الخوارج المتقدمين ما ورد في المسند (  ح  656 ) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه بعث للخوارج يقول لهم: "  بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلًا، أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمِ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ. فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ، فَقَدْ قَتَلَهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَسَفَكُوا الدَّمَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ .." 

وما جاء أن نافع بن الأزرق كتب إلى أتباعه بالبصرة قائلا: " الدار دار كفر والاستعراض مباح وإن أصيب الأطفال فلا حرج على من أصابهم "  

وفي كتاب مقالات الإسلاميين (1/103) : " وقالت طائفة من البيهسية – فرقة من فرق الخوارج-  اذا كفر الامام كفرت الرعية وقالت الدار دار شرك وأهلها جميعا مشركون وتركت الصلاة إلا خلف من تعرف ، وذهبت الى قتل أهل القبلة وأخذ الأموال، واستحلت القتل والسبي على كل حال " 

هل يوجد من المعاصرين من يعتبر بلاد المسلمين دار كفر وحرب ؟

الجواب : نعم .

ومن أشهر الجماعات المعتنقة لهذا الفكر تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، وكل الجماعات التكفيرية.

وسأذكر لك بعض أقوال منظري هذه الجماعات، فمن ذلك:

قال أبو محمد المقدسي في كتاب له بعنوان ثمرات الجهاد : " الدنيا كلها اليوم دار كفر، ولا أستثني من ذلك حتى مكة والمدينة ".

قال فارس الزهراني وهو من منظري الفكر الخارجي المعاصر في كتابه سلسلة العلاقات الدولية ص 21 : " ومنه تعلم أن البلاد التي أكثر أهلها من المسلمين، ولكن يحكمها حكام مرتدون بأحكام الكفار بالقوانين الوضعية هي اليوم ديار كفر وإن كان أكثر أهلها مسلمين " 

قال إمامهم في هذا العصر في التكفير المدعو: إمام بن عبد العزيز الشريف، المشهور باسم عبد القادر عبد العزيز، و سيد فضل وهو أشهرها في كتابه : الجامع في طلب العلم الشريف " قد تخلو الأرض من دار الإسلام في وقت ما، ولا يوجد فيها إلا دار الكفر كما كان الحال في صدر الإسلام قبل الهجرة إلا المدينة وكما هو الحال في زماننا .." 

وقال: وأقسامها – أي دار الكفر- هي: "ج – دار الردة وهي نوع من دار الكفر الطارئ ...مثل الدول المسماة اليوم بالإسلامية ومنها الدول العربية ... هي ديار كفر وردة، وجهاد حكامها الكافرين فرض عين على أهلها المسلمين .." 

فيظهر مما سبق أن كل من نادى بالثورات والخروج على ولاة أمر المسلمين واعتبر بلاد المسلمين دار كفر وحرب فهو من الخوارج.

 قال البربهاري متوفى 360هـ: " الخوارج ..يخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين " 

ويكفي للرد عليهم ما رواه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أنه قال « من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذى عهد عهده فليس منى ولست منه ».

قال عياض –رحمه الله – في إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 259) : " هذا - والله أعلم - فى الخوارج وأشباههم من القرامطة " 

وقال الطحاوي في عقيدته وهو يبين ما تميز به أهل السنة عن الخوارج (1/38) : " ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين "

وأما الخوارج فيكفرون كل من ليس معهم، ويعتبرون بلادهم دار كفر وردة. 

فنخلص من هذا العرض : أن كل من خرج على بلاد المسلمين وكفّرهم جملة، واعتبر دارهم درا كفر وحرب، أنه خارجي.

وفقنا الله لما يحبه ويرضاه، وحمى بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الخوارج المارقين، ووفق ولاة أمورنا للقضاء عليهم .