هم الخوارج فاحذرهم


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:

فلا يشك من قرأ في الأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في الخوارج؛ وتأمل تاريخ الأمة والذي هو مليء بأحداث تتعلق بالخروج والثورات. لا يشك من وقف على ذلك أن داعش هم خوارج هذا العصر؛ ويتقاسمهم في ذلك القاعدة ومن اقتفى اثرهم. ومن تأمل في أوصاف الخوارج الواردة في الأحاديث ليجدها تطابق تماما حال الدواعش المغرر بهم.

وقبل ذكر شيء من ذلك؛ فيحسن التنبيه إلى أمر مهم هو في حقيقة الأمر سبب كبير من أسباب كثيرة غرت بالصبيان فاعتنقوا مذهب التكفير ثم التدمير فالتفجير. وهذا السبب أن رؤوس الباطل فيهم أسقطوا مكانة وعدالة العلماء؛ مرة بأنهم لا يفقهون الواقع وأخرى بأنهم عملاء للحاكم وغير ذلك من التهم الباطلة والتي كانت سببا عظيما في إسقاط المرجعيات الدينية من العلماء العدول الثقات. فخلا الجو لروؤس الضلال فباضوا وصفروا. وصار المرجع الوحيد للشباب الأغمار هم أولئك القادة والذين بدورهم عجلوا في إلباسهم الأحزمة الناسفة ليقتلوا آبائهم وأمهاتهم وبني مجتمعهم. ممنين لهم بأن ضغطة زر التفجير هي مفتاح الجنة والنعيم المقيم. فوقعوا في بواقع وكبائر من التفجير والقتل وختموا حياتهم بالانتحار، وسموها عمليات استشهادية، مع أن تغيير الاسم لن يغير حقيقتها من كونها انتحار محرم يناقض الأوامر الشرعية الكثيرة في الحفاظ على النفس.

جاء وصف الخوارج في الحديث أنهم (حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ)، وَالْحَدَثُ: هُوَ الصَّغِيرُ السِّنِّ.
وهكذا نرى كثيرا من أولئك صغارا في السن لم تعركهم الحياة ولم يقع لهم مردود علمي يميزون به بين الحق الباطل؛ بل غروهم بنشيد حماسي ؛ أو مقطع مؤثر، فقبل ما يملى عليه دون نظر وتأمل فضلا عن اعتراض ومناقشة.

ومما جاء في وصفهم قوله صلى الله عليه وسلم (سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ)، والسفة الخفة والطيش وضعف الرأي. وهذا ما يظهر من سفاهة عقولهم وضعف إدراكهم، وهل عبثهم بالدماء وتساهلهم في الأرواح إلا من سنه عقولهم وتبلد أفهامهم.

ومما اغتر به بعض الأغرار بهؤلاء المنحرفين ما التمسوه من عبادتهم وإظهار تزهدهم، بل وشدة تنسكهم حتى غلوا في ذلك؛ وهذا إنما هو معلم واضح أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عنهم فقال كما في الحديث الصحيح (لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ) وهذا الخطاب للصحابة رضي الله عنهم.
وقال في حديث آخر: (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ) متفق عليه.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : "فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ أَرَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثِفَنُ الْإِبِلِ، وَوُجُوهُهُمْ مُعَلَّمَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ".

إن الأحداث المتتالية والتي يفتعلها داعش والقاعدة في مناطق عديدة من بلاد الإسلام في الوقت التي تعاني فيه الأمة من التغلغل الفارسي المقيت والأجندة الإيرانية العابثة في بلاد الإسلام، ليعطي للناظر الفطن أن كلا الطائفتين هدفها تقييض الإسلام وتمكين الأعداء والسيطرة . وأما الإسلام بوسطيته ومحاسنه وشرائعه فبينه وبينهم بعد المشرقين.

إن الواجب تجاه فكر الخوارج بكافة أطيافه يكون :

  • أولاً: بتجفيف منابعه ومصادره وهذا يتمثل بمنع طباعة أو توزيع أو نشر كتب مفكريهم والذين يمثلون العمدة في مراجع الشباب المغرر بهم. وهذه الكتب تتمثل في مؤلفات حسن البنا وسيد قطب والقرضاوي ومحمد سرور ومصطفى مشهور ومحمد الراشد وغيرهم من أرباب الفكر.

  • ثانياً: السعي في نشر عقيدة الإسلام السمحة وشريعته الوسطية والتي تخالف هذه الاتجاهات التدميرية، وميدان ذلك الجامعات والمدارس والمساجد والملتقيات والصحف ومواقع الشبكة وغير ذلك من مجالات التلقي.

  • ثالثاً: المنع من الدروس واللقاءات والبرامج لكل من انتسب إليهم أو تعاطف معهم أو زين مذهبهم أو اعتذر لهم أو كان له سابقة علاقة بهم حتى يعرف رجوعه وتوبته وبيانه.

  • رابعاً: تقرير مبدأ السمع والطاعة وأدلته وبيان منزلته ومكانته في الشريعة؛ كتابة وتدرسيا وتقريرا، وخطورة مخالفته على الفرد والمجتمع؛ ورد الشبه المتعلقة به.

إن فكر الإخوان وهو المولد الحقيقي لهذه الأفكار الخارجية، قد استفاد طيلة حياة تنظيمه من كثير من خطط الماسونية العالمية والعداء الغربي، وبلور ذلك في خططه وأهدافه التي رسمها ضد الحكومات العربية الإسلامية. فمن يأمن العقرب يوما فلا بد أن تلدغه؛اللهم احفظ بلاد الإسلام من كل سوء ورد كيد عدوها في نحره. ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.

 

 

كتبه : د. محمد بن غالب العمري
ذو القعدة 1437هـ