فقه الزواج في ضوء الكتاب والسنة


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداًعبده ورسوله وبعد ,,,

إن مسائل الزواج من الأمور التي يحتاج الناس الى بيانها بأدلتها الشرعية مثل حكم الزواج ، فوائده ، آدابه ، شروطه ، أحكام الخطبة ، العقد والصداق والزفاف ، العشرة الزوجية ، حقوق الزوج وحقوق الزوجة ، المشاكل الزوجية أسبابها وعلاجها وخطورتها على الحياة الزوجية ، ماهي القضايا الفقهية المتعلقة بالجماع والحيض والنفاس .

ولذلك على كل من يريد الزواج أن يتعلم آداب وأحكام الزواج حتى يعرف ما له وما عليه .

 

         1)    أهمية الزواج :-

قال الله تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم : 21)

فالزواج أساس المجتمع وهو مسؤولية إجتماعية مشتركة بين أفراد المجتمع ، وقد حث الإسلام على الزواج ورغب فيه ، قال الله تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32وقال تعالى:  (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء: 3) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) متفق عليه ، ولأهمية الزواج اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف الدين فقال: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين ، فليتق الله في النصف الباقي) البيهقي صحيح الجامع ، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث حقٌ على الله عونهم ، المكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف والمجاهد في سبيل الله) الترمذي وغيره (1655).

 

          2)    فوائد الزواج :-

للزواج فوائد دينية واجتماعية وصحية ونفسية عكس العزوبية فالزواج يساعد على إحصان الفرج وغض البصر وحفظ الدين والاخلاق ، وفيه الأجر الكبير والثواب العظيم بامتثال أوامر الله ورسوله ، فالزواج يحقق الرفقة والصحبة بين الزوجين وتتحقق به الذرية الصالحة بأمر الله ، كما أن من ثمراته حصول الأجر في تربية الأبناء والنفقة عليهم ، وبالزواج تنشط العلاقات الاجتماعية وتقوى صلة المحبة والألفة بين الناس.

 

          3)    حكم الزواج :-

الزواج واجب على الرجل لإعفاف نفسه وصونها عن الحرام ، فإذا خاف على نفسه من الوقوع في الحرام وتأكد الضرر على نفسه وعلى دينه ولا يرتفع الضرر عنه إلا بالزواج ولم يحصنه الصوم إذا صام فيجب عليه الزواج ، وكذلك إذا نذر الزواج على نفسه وجب عليه الوفاء بالنذر.

والزواج محرم على الرجل الذي لا شهوة له كالعنِين أو ذهبت شهوته بكبر أو مرض أو حادث إلا إذا رضيت الزوجة بذلك ، وكذلك محرم على الرجل الذي لا يستطيع القيام بحقوق الزوجة لتأكد حصول الضرر على الزوجة أو الاولاد.

الزواج مستحب إذا كان يستطيع إعفاف نفسه  ومنعها عن الحرام بدون زواج ، وكذلك يستحب إذا نوى بالزواج إعفاف نفسه أو زوجته ، أو لتكثير أمة محمد صلى الله عليه  وسلم باتباع سنته في الزواج ، أو الرغبة في الزواج في الثواب العظيم وغير ذلك من المصالح .

          4)    إختيار الزوجة :-

على الزوج أن يحسن اختيار شريكة حياته وعليه استشارة أهل الخبرة والعلم .

فما هي أوصاف الزوجة :-

1.     الصلاح والدين : قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع ، لمالها وجمالها وحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم: (خير النساء التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره) الصحيحه ( 1838 )، وقال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) رواه مسلم وغيره ، فالزوجة الصالحة تعين الرجل على طاعة الله ورسوله وتوفر له الحياة الهانئة السعيدة ، ويأمنها على شرفه وعرضه وماله ، وتحترم زوجها وتعرف له حقوقه وفضله ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (قلب شاكر ولسان ذاكر وزوجة صالحة تعينك على أمر دينك ودنياك خيرُ ما اكتنز الناس) الترمذي ، صحيح الجامع (4409)

2.     الخلق الحسن : الأخلاق الحسنة تُبعد عن الرذائل والسيئات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم) ابن ماجه وهو في الصحيحة (1067) والكفاءة في الحديث إنما هي في الدين والخلق فقط.

3.     أن تكون بكراً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير) الطبراني وصحيح الجامع (2939) ، وقال عليه الصلاة والسلام لجابر بن عبدالله رضي الله عنه: (...هلاً بكرا تلاعبها وتلاعبك...) البخاري (5247) ، وفي الحديثين حث على نكاح الأبكار ، ولكن قد يرد أمر يجعل من الأفضل زواج الثيب كما في حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه تزوج امراة ثيبا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا جارية تلاعبها وتلاعبك ، فقال جابر إن أبي هلك وترك بنات وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن فتزوجت امراة تقوم عليهن وتصلحهن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه  وسلم : بارك الله لك) . البخاري

وكل أزواج النبي عليه  الصلاة والسلام ثيبات ماعدا عائشة رضي الله عنها.

والزواج من بكر أفضل إلا إذا تزوج ثيبا لأنها تعيل أيتاما وليقوم بتربيتهم وكفالتهم ، أو لجبر خاطر امرأة مات زوجها أو طلقها زوجها و أراد إعفافها والستر عليها ، أو إذا كان السبب هو دين الثيب القوي ورجاء الانتفاع بها ، وقد يكون السبب طلب مصاهرة أقوام صالحين أو لهم جاه ينتفع به في أمور الدنيا والآخرة.

4.     أن تكون متعلمة وعاقلة وذات نسب .

5.      أن تكون ولوداً : حيث قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم) أبو داود وغيره ، صحيح الجامع (2940) ، ويعرف ذلك من أم الزوجة وخالاتها وأخواتها وقريباتها.

 

        5)    أحكام الخطبة :-

1.     رؤية الخاطب لمخطوبته : ذهب جمهور العلماء الى جواز نظر الرجل إلى من يريد تزوجها ، ينظر إلى الوجه والكفين وبحضور محرم من محارمها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل) أبوداود وهو في الصحيحة (95-99) ، وعن المغيرة بن شعبة أنه قال : خطبت امرأة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه  وسلم هل نظرت إليها فقلت لا ، قال انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) أي يؤلف بينكما ، الترمذي وغيره ، ولا يجوز له الخلوة بالمخطوبة ولا أن ينظر إليها نظرة تلذذ وشهوة وريبة .

2.     ولا يجوز خطبة امرأة مخطوبة حتى يترك الخاطب أو يأذن أو يرد عليه بعدم الموافقة . قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (...لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك) البخاري ، وعند مسلم (...ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)

3.     الاستخارة والاستشارة عند الخطوبة .

4.     قراءة الفاتحة عند الخطوبة بدعه لا أصل لها .

5.     دبلة الخطوبة خاتم ذهب أو فضة أو الماس يلبسه الرجل والمرأة عند الخطوبة ، وهذا لم يكن من عادة السلف والعلماء والمسلمين ، إنما هو تشبه بالكفار النصارى ، قال الالباني رحمه الله: (يرجع ذلك إلى عادة قديمة للنصارى عندما كان العروس يُضع الخاتم على الابهام ويقول: باسم الرب ثم ينقله الى السبابة ويقول : باسم الابن ثم يضعه على راس الوسطي ويقول : باسم روح القدس وعندما يقول آمين ، يضعه في البنصر حيث يستقر) آداب الزفاف .

فعلى المسلمين البعد عن مشابهة النصارى امتثالا لقوله عليه  الصلاة والسلام (ليس منا من تشبه بغيرنا، ولا تشبهوا باليهود ولا النصارى) صحيح سنن الترمذي وفتح الباري (11/14)

 

        6)    عقد الزواج وآدابه :-

1.     موافقة الولي المسلم : وهو الأب أو الاخ أو الجد أو الأعمام أو بني الأعمام وإن بعدوا ، قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (لا نكاح إلا بولي) أحمد وغيره الترمذي وأبو داود ، وقال أيضا: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها ، فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا ، فالسلطان وليُ من لا ولي له) أبوداود والترمذي ، فإذا رفض الولي تزويجها بدون سبب شرعي ، ترفع أمرها للقاضي الذي يزوجها نيابة عن وليها.

2.     الايجاب والقبول : أي موافقة المرأة والرجل  ، فيقول الولي نيابة عن المرأة زوجتك فلانة ويقول الزوج له قبلت منك تزويجها . قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، وإذنها الصموت) البخاري ومسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) البخاري مسلم ، وعن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت وأتت النبي صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه) البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها) ابن ماجه

3.     الشهود :عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) صحيح الجامع (7557) ، قال الشافعي رحمه الله: (النكاح لا يثيب إلا بأربعة أشياء : الولي وشاهدي عدل ورضا الزوجة) كتاب الام (2/169) ، وقال الترمذي رحمه الله في حديث (1103) : والعمل على هذا عند اهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا : لا نكاح إلا بشهود ، ولم يختلفوا في ذلك).

4.      الصداق (المهر) : قال تعالى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) (النساء:4) قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة وهو مجمع عليه  ولا خلاف فيه ، والصداق ليس شرطا ولا ركنا في عقد الزواج وإنما هو من الحقوق المادية للمرأة ، فإذا تم العقد بدون تسمية المهر صحً ووجب للزوجة مهر المثل اتفاقا, والمهر حق للزوجة ولا يجوز للولي أخذه إلا بإذنها ورضاها ولها الحق في التنازل عن حقها للولي أو الزوج أو غيرهما ، ويتقرر جميع الصداق للمرأة بالدخول أو الموت لأحد الزوجين أو الخلوة الصحيحة وهي اجتماع الزوجين بعد العقد في مكان يتمكنان فيه من التمتع الكامل ولا يوجد مانع يمنع من الاستمتاع كوجود محرم أو مرض يمنع الاستمتاع أو يكون أحدهما صائما.

5.      يستحب تعجيل المهر كاملا ويجوز تأخيره أو بعضه عند التعذر لحديث (التمس ولو خاتما من حديد) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما أراد أن يتزوج فاطمة (إعطها شيئا) وأما جواز تأخير المهر قوله تعالى: (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (البقرة : 236)

 

*مسألة : حكم ما يقدم من مهر أو هدايا عند العدول عن الخطبة وقبل العقد :- إذا كان مهرا وكان موجودا بعينه فللخاطب استرداده بالاتفاق ، اما اذا اشترى جهازا لبيت الزوجية او اشترك معها في الشراء أو أذن لها بالشراء وكان العدول من جانب الزوج فلا يجب عليها رد قيمة الصداق وإنما المشتريات فقط ترد إليه ، أما إن كان العدول من جانب المرأة فيجب عليها رد كل شيء ، أما ما يقدم على سبيل الهدية قبل العقد فإذا صدر العدول من جانب المرأة وجب عليها رد الهدايا بعينها أو رد قيمتها إن هلكت ، أما إن كان العدول من جانب الرجل فلا ترد إليه الهدية.

 

  *مسألة : ليس المأذون الشرعي شرطا ولا ركنا وإنما هو موظف لتوثيق عقود الزواج.

 

  *فائدة : تستحب خطبة الحاجة بين يدي العقد ولفظها (إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ....

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(102) آل عمران

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) الآية النساء1

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) (70) الأحزاب

أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ....... ) رواه مسلم وغيره

 

*فائدة : لا يشترط أن يضع الولي يده في يد الخاطب حين العقد .

*فائدة : استحباب التهنئة بالنكاح : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفأ قال (بارك الله لكم وبارك عليكم وجمع بينكم في خير) أبو داود والترمذي وغيرهما.

ولا يجوز التهنئة بقول (بالرفاء والبنين) لأنها تهنئة الجاهلية.                            

*مسألة : إن مات الزوج بعد العقد وقبل الدخول فللمرأة المهر كاملا ولها الميراث وعليها العدة لحديث عبدالله بن مسعود وشهادة معقل بن سنان رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى) رواه الترمذي وأبوداود وغيرهما وهو في إرواء الغليل (1939)

*مسألة : الشروط في الزواج :-

الشروط التي تحل ويجب الوفاء بها ، اشتراط المرأة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف أو يسرحها بإحسان ، أو إذا اشترطت أن لا يخرجها من بلدها أو تكملة الدراسة الجامعية أو غيرها من المباحات.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) مسلم وغيره

أما الشروط التي لا تحل ولا يجب الوفاء بها مثل اشتراط المرأة طلاق أختها أو أن لا يطأها أو فعل محرمات ، قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) البخاري (2168)  

 

 

         7)    إعلان الزواج  :-

1.     أي إظهاره وإشاعته ولا يكون في السر ويكون بضرب الدف وإنشاد الأشعار وإظهار البهجة والفرحة والسرور ، بشرط الابتعاد عن الفحش الظاهر والخفي والتحريض عن الخفي وذكر المحرم.

وقد دلت الأحاديث على جواز اللهو في الأعياد وإعلان النكاح بسماع الأشعار التي ليس فيها فحش ولا فسق ولا حرام والضرب بالدف الذي لا حٍلق فيه وذلك للنساء فقط .

قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: (أما العود والآلات المعزوفة ذوات الأوتار كالربابة والقانون فالمشهور من المذاهب الأربعة أن الضرب به وسماعه حرام) تلبيس إبليس 210.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولما كان الضرب بالدف والتصفيق بالكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال المغنين مخانيثا) مجموع الرسائل المنيرية (2/171).

وقال ابن قدامة رحمه الله: (وأما الضرب بالدف للرجال فمكروه على كل حال إنما كان يضرب به النساء ، ففي ضرب الرجال تشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء) المغني (9/174).

2.     التشريعة (الكوشة) في الزواج : هي عادة ليس لها أصل عند المسلمين ومفاسدها كثيرة منها دخول الزوج على النساء المتعطرات والمتزينات فتحصل الفتنة ومنها أن يصاب أحد الزوجين بالعين وأيضا تصوير النساء وتسجيل الحفل بالفيديو وقد حصلت مشاكل اجتماعية وحالات طلاق بسبب انتشار هذه الصور والأشرطة .

 

         8)     وليمة الزواج :-

1.     لابد من عمل وليمة بعد الدخول لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه لابد للعرس من وليمة) رواه أحمد وغيره ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما تزوج: (أولم ولو بشاة ..) رواه البخاري عن أنس.

2.     وتجوز الوليمة بغير اللحم وبأي طعام تيسر .

3.     تجب إجابة دعوة الزواج لحديث (إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها (عرسا كان أو نحوه) ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) متفق عليه

4.     لا يجوز حضور الدعوة التي فيها معصية إلا أن يقصد إنكاره ومحاولة إزالتها .

5.      يستحب لمن حضر الدعوة أن يدعو لصاحبها بقوله صلى الله عليه و سلم: (اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم فيما رزقتهم) رواه مسلم وغيره .

 

 

 

        9)    آداب ليلة الزفاف والمعاشرة بين الزوجين (إذا دخل الزوج بزوجته يستحب له) :- 

1.     أن يلاطفها كأن يقدم لها هدية أو شرابا أو حلوى والدليل بناء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها.

2.     أن يضع يده على رأسها ويدعو لها ، لحديث (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليأخذ بناصيتها وليسم الله عز وجل وليدعُ بالبركة وليقل : (اللهم إني اسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) أبو داود وابن ماجه.

3.     أن يصليان ركعتين معا ، وهو منقول عن السلف (ابن مسعود وأبو ذر و حذيفة).

4.     أن أراد الجماع يقول (بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن قضى الله بينهما ولدا لم يضره الشيطان أبدا) البخاري وغيره.

5.     يأتي زوجته من أي جهة شاء ويحرم عليه ان يأتيها في دبرها لقوله صلى الله عليه وسلم (..أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة) رواه النسائي في العٍشرة والترمذي وغيرهما ، وقال عليه  السلام: (من أتى حائضا او امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) أبوداود والترمذي وابن ماجه وأحمد.

6.     استحباب الوضوء عند تكرار الجماع لقوله عليه  السلام: (إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا فإنه أنشط للعود) رواه مسلم وأحمد

7.      يجوز لهما أن يغتسلا معا في مكان واحد لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنه.

8.    يستحب الوضوء للجنب قبل النوم لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ، ابن خزيمة وابن حبان.

9.    يستحب له صبيحة يوم الزواج أن يأتي أقاربه ويسلم عليهم ويدعو لهم وهم يفعلون ذلك لفعله صلى الله عليه وسلم مع أهله ونسائه.

10.  يحرم نشر أسرار الجماع والاستمتاع لحديث (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي الى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) مسلم وأحمد .

11.  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجئ لعنتها الملائكة حتى تصبح) البخاري

12. قال تعالى ( وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء:19 ، أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله) وكان من أخلاقه أنه جميل العشرة ، يداعب أهله ويتلطف بهم وينفق عليهم ويضاحك نساءه ويتودد إليهن وقال صلى الله الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيرا) البخاري ، وفيه الحث على الرفق بالنساء واحتمالهن والصبر عليهن .

 

       10) الحقوق الزوجية ثلاثة أقسام :- (حقوق الزوج ، حقوق الزوجة ، حقوق مشتركة)

 

            1)     حقوق الزوج (ما يجب على الزوجة تجاه زوجها) :

 

قال قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ( (سورة النساء34) فالرجل قيم على المرأة وأفضل منها ومن أهم حقوقه عليها :-

1.     الطاعة بالمعروف : قال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها ، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت) ابن حبان ، صحيح الجامع ، وقال عليه السلام: (والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها) رواه مسلم ، صحيح الجامع ، فالطاعة واجبة بالمعروف فإن أمرها بفعل حرام أو ترك واجب لا تطيعه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة بالمعروف) رواه البخاري ومسلم.

2.      أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه : قال تعالى: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الاحزاب33) قال ابن كثير: (أمرن بأن يلزمن بيوتهن صيانة لهن وحفظا لحق أزواجهن) ، قال ابن تيمية: (لا يحل للزوجة ان تخرج من بيتها الا بإذنه ، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه  كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقه للعقوبة) الفتاوى (32/281).

3.     أن لا تأذن لأحد أن يدخل منزله إلا بإذنه: لحديث (.. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه) (مسلم 1218) ، قال النووي: (لا تأذن الزوجة لرجل ولا امرأة   ولا محرم ولا غيره إلا إذا علمت أن الزوج لا يكرهه) شرح صحيح مسلم.

4.     أن تقوم بخدمته : وذلك بتربية أولاده وتهيئة الطعام والملبس له وكل خدمة معروفه من مثلها لمثله .

5.     أن تحفظه في عرضها والأولاد وماله : وذلك بحفظ فرجها وسمعتها وعرضها ، فلا تظهر زينتها لغيره ، وتحفظ أولاده بالتربية الحسنة ومحاسن الأخلاق ، وتحفظ ماله فلا تصرفه فيما لا يريد ولا يرضى ، ولا تثقل عليه بالطلبات والإسراف.

6.     أن تشكر له ولا تجحد فضله وتعاشره بالمعروف : لحديث ابن عباس في الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قال: (... ورأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء ، قالوا لم يا رسول الله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان ، ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط).

 

     2)     حقوق الزوجة (ما يجب على الزوج تجاه زوجته) :

 

1.     حسن العشرة : إحسان الصحبة وكف الاذى وإظهار البشر والتسامح ، قال تعالى ( وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء:19) ، وقال تعالى  (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ) سورة البقرة: (228) ، قال ابن كثير : أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم. وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) الترمذي. ومن حسن العشرة أن يترفق بها ولا يؤذيها وأن يغض طرفه إذا رأى نقصا أو تقصيرا منها مالم يكن إخلال بشرع الله ، كما جاء في الحديث: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها اخر ..) رواه مسلم ، وقال عليه السلام عندما سأله أحد الصحابة ما حق زوج أحدنا علينا ، قال صلى الله عليه وسلم: (تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت) أبوداود وابن ماجه.

2.     أن يعلمها أمور دينها ويكون عونا لها على طاعة الله ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم6) ، وقوله عليه السلام: (..والرجل راع في أهله و مسؤول عن رعيته..) البخاري ومسلم ويدخل في ذلك نهيها عن سيئ الطباع والأخلاق ، وأن يغار عليها ويحفظ كرامتها.

3.     أن يعفًها بأن يلبي رغبتها الفطرية فلا تلجأ إلى الحرام لقوله عليه  السلام: (و إن لأهلك عليك حقا..) البخاري ومسلم.

4.      النفقة : وهي شاملة للطعام والكسوة والسكنى بحسب قدرة الزوج ، قال عليه السلام: (اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) رواه مسلم

 

     3)     الحقوق المشتركة بين الزوجين :

 

1.     حِل الاستمتاع ، فالمرأة سكن لزوجها وهو سكن لها .

2.      ثبوت التوارث بين الزوجين اذا انتفت الموانع الشرعية .

3.     المعاشرة بالمعروف وذلك بالتعاون والثقة والحب والتضحية .

 


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين