رؤية وطموح محمد بن زايد


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

إنَّ من سعادة المرء أن يُوفَّق إلى قيادةٍ حكيمةٍ رشيدة، ترعى شعبها بتفانٍ وإخلاص، وتبني حاضرها بجدٍّ واجتهاد، وتخطِّط لمستقبلها بطموحٍ عالٍ ورؤيةٍ سديدة، فيسود العدل والإخاء، وينتشر الخير والرخاء، وتنعقد المحبَّة في القلوب بين الراعي والرعية، وتقوى في المجتمع رابطة التراحم والشفقة والحرص على المصالح الكبرى الجامعة، وفي هذا المعنى يقول نبينا صلى الله عليه وسلم:

 

« خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ » أي: تدعون لهم ويدعون لكم، فدلَّ هذا الحديث كما ذكر العلماء على محبَّة ولاة الأمور والدُّعاء لهم، وأنَّ من كان منهم محبًّا لرعيَّته ومحبوبًا لديهم فهو من خيار الأئمَّة. إنَّ كلمات سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ،حفظه الله، خلال استقباله القادة والمسؤولين تترجم عن طموحٍ فائقٍ قلّ له نظير ورؤيةٍ مستنيرةٍ تسمو إلى بلوغ ذرى المجد والعلا، وهي تعكس ما يتحلَّى به سموه من صفاتٍ كبيرةٍ من العزيمة والخبرة والحنكة والحكمة وبعد النظر والبصيرة بالواقع والحرص على الوطن وأبنائه والرحمة بهم والرؤية المستقبلية من أجلهم ومن أجل الأجيال القادمة، استمدادًا من رؤية مؤسس هذه الدولة الشيخ زايد رحمه الله ورؤية رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ،حفظه الله، ومتَّع بصحته.

 

لقد تضمنت كلمات سمو الشيخ محمد بن زايد ،حفظه الله، قيمًا ومبادئ لا غنى عنها لكل عاقلٍ غيورٍ على دينه ووطنه، ومن هذه المعاني الأصيلة:

 

أولا: التمسك بتعاليم ديننا السمحة وثقافتنا الوسطية المعتدلة، والعض على ذلك بالنواجذ، خصوصا في مثل هذه الأوقات التي ترفع فيها التيارات المتطرفة والجماعات الإرهابية عقيرتها وتسعى لتشويه سماحة الدين ووسطيته، فإنَّ من أهم طرق مواجهة العنف والتطرف التزود بالعلم النافع الصحيح الذي يعزز الثقافة الإيجابية في القلوب والعقول، ويبدِّد غياهب الشبهات المضللة، ويعيننا على حسن التصدي لكل ما يستهدف عقيدتنا ووحدتنا ونهجنا الإنساني.

 

ثانيا: التمسك بثوابتنا الوطنية والولاء للوطن وقيادته بحيث يسمو فوق أيِّ ولاءٍ ضيِّقٍ سواءً للأسرة أو القبيلة أو غيرها.

 

ثالثا: تغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الضيقة والمنافع الشخصية سواء على مستوى الأشخاص والأفراد أو على مستوى المؤسسات والهيئات.

 

رابعا: الحفاظ على مقدَّرات الوطن ومنجراته ومكتسباته للأجيال الحالية والقادمة.

 

خامسا: ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار والأمان في ربوع الوطن.

 

سادسا: الذود عن حياض الوطن وما يتعلق بذلك من جاهزية واستعداد بما في ذلك انخراط الشباب في الخدمة الوطنية وتحلِّيهم بالقوة الإيمانية والبدنية والعلمية والمهنية، ففي الحديث: « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ».

 

سابعا: التكاتف الداخلي والتحلِّي بروح الأسرة الواحدة المتحابَّة المتآخية المتراحمة، عملاً بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللِه جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}، وقول نبيِّنا صلى الله عليه وسلم: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الوَاحِد ».

 

ثامنا: التنمية البشرية بما في ذلك احتضان جيل الشباب وفتح الأبواب لهم والصبر عليهم ومدّهم بالثقة والعزيمة ونقل الخبرة إليهم وغرس قيم الوفاء والولاء وحب الوطن والتفاني في خدمته ورفع شأنه في نفوسهم.

 

تاسعا: التفاني في تنمية الوطن وتحصيل أسباب تطوره وازدهاره ورقيه.

 

عاشرا: تحقيق مبدأ اتقان العمل في مختلف المجالات بحيث يعي المواطن أنه يمثل دولته في المكان الذي هو فيه وأنه مرآةٌ يعكس بإنجازاته ونجاحه قوَّة وطنه ونهضتَه.

 

حادي عشر: التعاون والتنسيق بين جميع الجهات والعمل بروح الفريق الواحد وتغليب جماعية العمل على الفردية في سبيل الأداء الأمثل، انطلاقًا من استشعار المسؤولية المشتركة في خدمة ورفعة الوطن، عملاً بقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وقول نبيِّنا صلى الله عليه وسلم: « يَدُ اللِه مَعَ الجَمَاعَةِ ».

 

ثاني عشر: الطموح لبلوغ الموقع الأول والأخذ بالوطن نحو السبق والريادة ومنافسة الدول المتقدمة في كافة الميادين، والعمل على أن يكون وطننا الغالي نموذجًا ناجحًا ورائدًا لقيادة ركب التقدم والتطور والتنمية.

 

ثالث عشر: تعزيز سمعة ومكانة الدولة على الساحة الخارجية وبين بلدان العالم.

 

رابع عشر: اليقظة والوعي بالتطورات والمتغيرات التي تشهدها المنطقة بعين البصيرة لمواجهة التحديات ومواكبة تطوراتها وحسن التعامل مع تداعياتها.

 

خامس عشر: التعاون مع الأشقاء وتعزيز الموقف العربي لمواجهة الأخطار المحدقة من خلال بناء أرضية جديدة للتعاون بين الدول العربية الراغبة في صيانة الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة أراضيها ومصالح شعوبها.

 

لقد تلخَّصت هذه الرؤية الحكيمة من سمو الشيخ محمد بن زايد ،حفظه الله، في مشروعٍ رائدٍ لا ينبغي أن يغيب عن وجدان أيِّ إماراتي، وهو بناء الأمة الإماراتية القوية المتكاتفة المنيعة القادرة على حمل الراية والرسالة لتحقيق غايتنا المنشودة في حفظ الوطن والرقيِّ به وريادته وبما يعزِّز للأمتين العربية والإسلامية منعتها وقوتها ورفعتها.