النصائح الثمينة لجوهرة الإسلام المصونة


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله الذي اصطفى، وعلى آله وصحبه ومن لهم اقتفى. أما بعد،

فإن الدِّين الإسلامي جاء لتطهير المرأة وحفظها، وصونها من كلِّ ما يدنِّسها، بعد أن كانت في الجاهلية أشبه بسلعة لا قيمة لها، وهي كذلك في ما يسمَّى بالحضارات الأوربيَّة الغربيَّة لا تَعْدُ إلا أن تكون بضاعة مزجاة، تُشتري وتباع بثمن بخس إلى يومنا هذا حتى جعل عرضها وشرفها مع الإعلانات والماركات وأحقر السلعات، فلَّا رأى الغرب جوهرة الإسلام أجلب عليها بخيله ورَجله يريد إيقاعها في مستنقع انفلاتهم، وشهواتهم، وظلماتهم حسدًا وظلمًا، كما قال تعالى{وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}([1])؛ فاستوجب ذلك قيام أهل العلم والخير والخيرة ليصدٌّوا نبال الغرب بدروع الإسلام بحجة القرآن وسنة سيد الأنام-صلى الله عليه وسلم-، فأحببت أن أشاركهم فوضعت يا أُخيّة بين يديك اثنتي عشرة نصيحة تتقدمها الشفقة عليكِ، وتحوطها الغيرة على عرضك وشرفك، وتحرسها الخوف على دينك من الغرق في ظلمات الثقافة الغربيَّة المخالفة للشريعة الإسلاميَّة؛ لعلَّها تكون مذكرة لكِ في زمن قلَّ فيه الناصحون، محذِّرة لك من زخارف الشياطين، موقظةً لك من أحلام وأمانٍ رسمها الغربيُّون لا حقيقة إلا أنها سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد عند ذلك الخسارة، فيندم حين لا ينفع النَّدم.

النَّصيحة الأولى: توحيد الله رأس مالكِ.

اعلمي أيتها المرأة المسلمة أنَّ الله قد حمَّلكِ مسؤوليةً عظيمة، وكلَّفكِ أمانةً كبيرة ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}([2]).

ووعدكِ الله بالحياة الطيبة في الدنيا والجنة في الآخرة؛ إذا حقَّقتي الإيمان به، فقال -تعالى-:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}([3])، فإذا أردتِ السعادة فاحرصي على توحد الله في كلِّ لحظة وساعة.

وقد أمر الله بإخلاص الدين له فقال  تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}([4])، فوحِّدي الله في جميع العبادات القلبية، والقولية، والفعلية، فلا تتوكَّلي إلا عليه، ولا يكن رجاؤك إلا به، ولتدعي ولا تستغيثي بغيره، ولا تتعلَّقي بالتمائم والطلاسم، ولا بالخيوط والحروز وما يظن أنه يدفع الحسد أو يرفعه، ولا تذهبي إلى السَّحرة والكهَّان ولا تقرئي الكفَّ والفنجان.

وكوني كما قال تعالى: {أ}([5]).

وإياك يا فتاة الإسلام وشبكة الشرك التي من قوع فيها هلك؛ لأن الشرك ظلم عظيم، وخطر وخيم، وفساد في الأرض عميم، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}([6]).


النَّصيحة الثانية: الموضة مصيدة الغرب

لا تغترِّي بكثرة بهرج الموضة، وما عليه الغرب والإفرنج من دنيا مزيفة، فهم للدنيا وحطامها يعملون غرتهم الأماني وطالبت بهم الآمال، أما أنتِ فهمتك شريفة وغايتك نبيلة ألا وهي الجنة، وما أعدَّ الله فيها من نعيم وخلود، فلا تقدِّمي الأدنى على الأعلى فتحرمينَ الدنيا والآخرة: {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}([7]).

ولا يكن حظُّكِ التَّشبه بهم، ولا تتبع خطاهم، ولا السَّير على دركات خططهم وتأملي تحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من محبتهم والتشبه بهم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ القِيَامَةِ "([8])، وقال -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ "([9])؛ وذلك لأنهنَّ إلى الحضيض يفضينَ وإلى السفل يجهدنَ، أما أنت يا جوهرة الإسلام فإلى الرُّقي تصعدين، وإلى المجد ترتقعين.

فاجعلي لك قدوة من أفضل نساء العالمين فانظري مثلًا إلى خديجة قد أبلغها الله السَّلام وبشرها بالجنَّة، وانظري في كل خطاك إلى من سجلنَ أسماءهنَّ في تاريخ مشرق، والناس يقولون ولا يزالون يقولون: رحمها الله ورضي عنها، ولا تنظري إلى اللاتي سجلنَ أسماءهنَّ في تاريخ مظلم وبالٍ عليهن وعلى أهلهنَّ، والناس يقولون ولا يزالون يقولون: فضحها الله وأخزاها، ولا تستهيني بهذا فمن أراد الله رفعته أحبَّه وحبَّب الناس فيه ومن سخط الله عليه أبغضه وبغض الناس فيه.

النَّصيحة الثالثة: هذا ما فضَّلك الله به.

إياكِ والتَّشبه بالرِّجال فيما يختصون به من أخلاق، وخصال، وطباع وزينة وجمال، فالله قد ميَّزك بالأنوثة والجمال، ونهاك عن تمنِّي ما عند الرجال وفي ذلك حكمة بالغة: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}([10])، قال الله -تعالى-: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}([11])،
وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
الْمُتَشَبِّهَاتُ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ([12]).
فتنبَّهي ونبِّهي بناتك وأخواتك من هذا الدَّاء الذي أصبح  يسري بين النساء، من خلف دعاة الفتنة الذين نادوا بالمساواة المطلقة بين الذكر والأنثى، وصرخوا مطالبين بحرية المرأة المطلقة، ثم وسموا حياءها بالخور، وأنوثتها بالضعف، في شعارات مزخرفة مفخخة، روِّجت ذميم الأخلاق في طياتها، وأخرجت الأنثى عن طبيعتها.

مدنية لكنها جوفاء...وحضارة لكنها أفياء
مرجت عقول الناس حيث استحسنت...من صنعها ما استهجن العقلاء
تدعو التهتك والسفور فضيلة...ونتاج ذاك الشر والفحشاء
لا وازعُ يزع الفتاة كمثلما...تزع الفتاة صيانة وحياء
وإذا الحياء تهتكت أستاره...فعلى العفاف من الفتاة عفاء

 

النَّصيحة الرابعة: لا تخضعي بالقول

لا تخاطبي الرجال إلا بقدر الحاجة من دون خضوع ولا تميّع في الكلام، فأنت بين الرجال كالغزالة بين الأسود، والأسد يتلطَّف بالغزالة ليأكلها لا ليحفظها، وتأملي خطاب الله لنساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا}([13])،
فالخضوع بالقول بترقيقه وتجميله وتنعيمه سواء كان مباشرة أو عبر الهاتف أو شبكات الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، يطمِّع فيكِ من كان في قلبه مرض ممن ضعف إيمانه وغلبته شهوته، وما أكثرهم في هذا الزمان.

وأخطر من ذلك وأشدُّ ما يُرى من تساهل النساء في نشر صورهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي فإنها مصيبة عمَّت في بعض النساء ومفسدتها كبيرة على النساء.


النَّصيحة الخامسة: بيتك جنتك.

 قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى}([14]) هذا خطاب من الله -تعالى- لأفضل نساء العالمين حتى تقتدي بهنَّ وترتقي كما ارتقين، فامتثلي أمر ربكِ، واقتدي بسلفكِ، ولا تجعلي بيتك مقرَّ نوم فقط، ولا تقولي سجن بل قولي: جُنَّةً وجَنَّةً، فإن احتجتِ للخروج فلا تخرجي متبرِّجة متعطِّرة، ولا مائلة متبخترة، ولا تخرجي إلا وأنت متحجِّبة متستِّرة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "
أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ "([15])، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"([16]).

قال الفاكهاني المالكي-رحمه الله-:" وقد قال بعض العلماء: لا تخرج المرأة إلا بخمسة شروط:

أن يكون ذلك لضرورة، وأن تلبس أدنى ثيابها، وألا يظهر عليها ريح الطيب، وأن يكون خروجها في طرفي النهار، وأن تمشي في أطراف الطريق دون وسطه، أو قريبًا من هذا"([17])،
ولا أظنِّك بعد هذا الوعيد وكلام العلماء ترضين لنفسك أن تكوني من هذه الصنف الذي دنس حياءه، وأضاع حياته، وخسر آخرته.

وعليه يجب أن يكون لبسك:(1)مستوعبًا لجميع البدن.   (2) وألا يكون زينة في نفسه.

(3) وألا يكون شفافًا.  (4) وألا يصف شيئًا من الجسم لضيقه. (5) وألا يكون مطيبًا معطرًا.  (6) ولا يشبه لباس الرجال.(7) ولا لباس الكافرات.     (8) ولا يكون لباس شهرة.

وانتبهي يا أُخيَّة من التَّساهل في السَّفر بغير محرم  فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ "([18]).

النَّصيحة  السادسة: ثوب الحياء.

أختي المسلمة إذا جعلتِ التَّقوى لباس الباطن، فاجعلي الحياء لباس الظَّاهر فهو أجمل قمة تحملها المرأة قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}([19]) فلم يصف الله فيها إلا حياءها لأنه حياتها، حيث كانت تغطي وجهها لما رأت موسى -عليه السلام-، قال عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-: "لم تكن سلفعًا من النساء خرَّاجة ولَّاجَة، قائلة بيدها على وجهها"([20])، وعليه إيَّاك ثم إيَّاك أن تتساهلي في خلع ثوبك في غير بيت زوجك وأهلك، لا تخلعي ثوب التقوى فينخلع ثوب الحياء بخلعك ثوبك في الحمامات العامة أو حمامات السباحة الجماعية أو ما يسمَّى بالحدائق المائيَّة ونحوها، فإنَّ سنَّة الله فيمن خلعنَ ثيابهنَّ أن يهتكَ الله سترهن َّويفضحهنَّ، واسمعي هذه القصَّة وما توعد به النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الصنف من النساء، فعن أبي المليح قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة -رضي الله عنها- فقالت: ممن أنتنَّ؟ قلن: من أهل الشام. قالت: لعلكنّ من الكورة-أي البلدة-التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم. قالت: أما إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى "([21]).

النَّصيحة السابعة : لا تتساهلي مع غير المحارم.

إياكِ إياكِ والتَّسمُّح مع غير المحارم في الدخول عليك، ولا تقولي: هذا أخو زوجي أو هذا ابنُ عمِّي، فقد حذَّرك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو الناصح الأمين الرحيم من التساهل في هذا الأمر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ".
فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو قال: "
الْحَمْوُ الْمَوْتُ"([22])، فهل بعد الموت من حياة؟!

ولو كان أخو الزوج ومن مثله طيبًا عفيفًا فلا تسمحي له، لا لأن الإسلام يتَّهمه؛ ولكن لأن الإسلام دين محافظة على الدِّين والعرض والشَّرف، وكم من امرأة تساهلت فكان عاقبت أمرها الخسارة والندم والضياع والحزن.

ولا تتساهلي مع السائق والخادم والعامل لا في دخوله وخروجه عليك، ولا في معاملتك معه ولا في ركوبك في سيارته، فإن التساهل أفضى ببعض النساء إلى حدوث فتن وكوارث.


النَّصيحة الثامنة: إياكِ والذنوب.

اجعلي بينكِ وبين الخطايا ما بين المشرق والمغرب، وإياكِ والذنوب فإنَّ لها أثرًا وخيمًا عليكِ؛ إذ من آثارها "قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت، وطول الهمِّ والغمِّ، وضنك المعيشة "([23])،كل هذا يتولَّد من المعصية: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}([24]).
فإذا كنتِ ممن تريدين دار القرار فعليكِ بالمجاهدة في الطاعات والصبر عن المحرمات؛
فإذا علم الله منكِ الصِّدق أعانكِ ووفقكِ لسلوك الخير وجنبكِ طرق الشرِّ، وأدخلك جنة عرضها السماوات والأرض، وتلك الجنة يا أختاه غالية فابذلي لها كلَّ غالٍ ونفيس،
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "
أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ "([25]).

 النَّصيحة  التاسعة: أنتِ راعية.

اللهَ اللهَ في بيتِك وأسرتِك فأنتِ راعية مسؤولة عن رعيتك فالأمل كبير في تربيتك أجيالًا صالحين مثمرين للخير والعطاء، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا"([26])، فأنت المسؤولة في أول نشأتهم عن تربيتهم تربية صالحة، أما الإهمال التربوي فهو سبب كبير من أسباب فساد الأبناء والبنات.

من للأجيال إن كنتِ تاركة لهم بين أحضان الخادمات والمربِّيات ؟!
ومن للأبناء إن كنتِ تاركة لهم بين القنوات والمسلسلات؟!

من للبنات إن تركتيهن بين الرفيقات الطالحات؟!

من للأولاد إن تركتيهم بين أمواج الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية؟!

        ليس اليتيم من انتهى أبواه من همّ الحياة وخلفاه ذليلًا
        إن اليتيم هو الذي تلقى لـه أمًّا تخلت أو أبًا مشغولًا
كوني قدوة لأولادك ناصحة لهم بالقول والفعل، كوني مربية لهم، متابعة لسلوكهم، زارعة في قلوبهم القيم السامية والأخلاق العالية، والتعامل الصحيح بينهم وبين الخالق وبينهم وبين الخلق، واحذري أن تأمري بالخير ولا تأتيه، أو تنهي عن الشرِّ وأنت أول من يقع فيه.

النَّصيحة العاشرة: زوجكِ سعادتكِ.

زوجكِ جنَّتكِ أو ناركِ، فعن حصين بن محصن أخبره : أن عمة له أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنه قال لها : "أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟ " فقالت : نعم.  قال لها: " كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ " فقالت :ما آلوه  -أي لا أقصر فيه- إلا ما عجزت عنه قال: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"([27]).

وطاعة الزوج في غير معصية الله واجبة، وبرضاه يرضى الرحمن ويزداد إيمانك، وتدخلي جنة ربك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"([28]).

ولا تكوني ممن يطيع الزوج هوى وشهوة فإن وافق الأمر ما تحبِّين أطعتيه، وإن لم يوافق ما تحبِّين عصيتيه فأنت بذلك غير مطيعة، بل كوني مطيعة له في جميع الأحوال والأوقات في غير معصية وعلى قدر الاستطاعة.

واحرصي على حسن عشرة، فما تحبينه أن يأتي به إليك اجتهدي أن تأتي به إليه، فكوني له أرضًا يكون لك سماء، وكوني له مهادًا يكون لك عمادًا، وسرَّه إياك أن تفشيه، ونصحه برفق ولين لا تتركيه، والصبر عليه لا تتناسيه، واجعلي القناعة وسط قبلك، واتركي الإلحاح كي لا يملُّك.

النَّصيحة الحادية عشرة: إياك والبدع.

الحذرَ الحذرَ من البدع فإنها ضلالة كلُّها، ليس فيها حَسْن وإن استحسنها الناس، واحذري من كلِّ فرقة ليست من أهل السنة والجماعة فلا رافضية ولا قبورية ولا اعتزالية ولا كلامية ولا خارجية ولا إخوانية ولا سرورية، بل عليكِ بالسّنة والجماعة وما كان عليه خير هذه  الأمة اعتقادًا وعلمًا وعملًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً " قالوا ومن هي يا رسول الله؟ قال: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"، وفي رواية قال -صلى الله عليه وسلم-: "الجماعة"([29]).
ثم تنبهي فمن لوازم السنة والجماعة رفض كلِّ تحزب وإن رُفعت له شعارات الإصلاح المزيفة، فديننا ليس فيه طرق خلوتية ولا أحزاب سياسية ولا تنظيمات سرية،
قال عمر بن عبد العزيز: "إذا رأيت قومًا يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة"
([30]).

النَّصيحة  الثانية عشرة : الصالحات رفيقات الدَّرب

الزمي أخواتك من أهل السنة والجماعة فهن-بعد توفيق الله- من أسباب نجاتك وسط هذه الفتن، وهنَّ من أسباب ثباتك في هذه الغربة؛ ولعلَّه لا يخفى عليك غربة أهل السنة حتى أصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، فأهل السنة غرباء فلا تزيدي غربتكِ بهجركِ لأهل السنة أو بالجلوس مع من لا خير في صحبتها، وعليه فعليك بالصبر على أخواتك من أهل السنة وإن ظهر منهنَّ شيء من الهفوات فهن خير من الخلوة أو من رفقة الطالحات، قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ([31]).

وعليكِ بالرفق مع أخواتك فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالرفق في الأمر كله فقال: "إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ "([32])، ومن وصايا أهل العلم ما قاله الحسن البصري: "يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقلِّ الناس"([33]).
فاللهَ اللهَ بالرفق والصبر مع جميل النصح والتوجيه، بلا تعيير ولا تقبيح ولا توبيخ.
واحذري أن يُأتي نساء أهل السنة من قِبَلك فتمزقِّي الألفة بالظنون الشيطانية أو بالغيبة والنميمة المغطاة بقالب النصيحة؛ فتقطعي وصال الأخوة بالحسد والغيرة، ثم تلبسين تلك الخصال الذميمة لباس الدين والسنة.

والله أسأل لك يا من عُلِّقت الآمال عليها أن يجعلك مباركة مصونة صابرة، وأن يجعلك من الصالحات القانتات العابدات العالمات، وأن يسكنك أعلى الجنات،
والحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات.

 

 

 


 

 ([1])النساء:27

 ([2])الذاريات: ٥٦

 ([3])النحل: ٩٧

 ([4])الزمر: ٢

([5]) الأنعام:163

 ([6])النساء: ٤٨

 ([7])الحج: ١١

 ([8])رواه الترمذي وغيره وقال: الترمذي حسن صحيح (2385)، وصححه الألباني.

 ([9])رواه أبو داود (4031) وغيره وصححه الألباني.

 ([10])الملك: ١٤

 ([11])النساء: ٣٢

 ([12])رواه البخاري (5885)

 ([13])الأحزاب: ٣٢

 ([14])الأحزاب: ٣٣

 ([15])رواه النسائي (5126) وغيره وصححه الألباني.

 ([16])رواه مسلم(2128).

 ([17]) رياض الأفهام(1/531).

 ([18])رواه مسلم(1339)

([19]) القصص:25

([20]) تفسير الطبري(18/219).

 ([21])رواه أبو داود (4012) وغيره وصححه الألباني

 ([22])رواه البخاري(5232) ومسلم (2172).

 ([23])الفوائد ابن القيم (47)

 ([24])المائدة: ٩١

 ([25])رواه الترمذي(2450).وصححه الألباني

 ([26])رواه البخاري (893).

 ([27])رواه أحمد في المسند(19003)وصححه الألباني في الصحيحة(2612).

 ([28])رواه أحمد في المسند(1661).وحسنه لألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1932).

 ([29])رواه الترمذي(2641)،والطبراني في الأوسط (4886). وحسنه الألباني في سنن الترمذي(2641)، والرواية لأحمد (16937)، وأبي داود(4599)، وابن ماجه(3992)، صححه الألباني في الصحيحة(204)

 ([30])شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/153).

 ([31])الكهف:28

 ([32])رواه مسلم(2594)

 ([33])شرح أصول اعتقاد أهل السنة  اللالكائي (1/63).