إلى دعاة التنوير: كفاكم زعزعة للحمة الوطنية


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

تظهر العلمانية في غالب أحوالها عقيب انخفاض التيار الإخواني رافعين راية الإسلام الوسطي والتسامح ومحاربة التَّطرف والإخوان في بداية ظهورها، ثم يصعد التيار العلماني درجة ليشكِّك الناس في بعض المسائل الدينية عن طريق طرح الخلافات فيها واللمز في العلماء المعتبرين، ثم يصعد درجة ثانية ليصرح بالتنوير والرجوع إلى العقل وتسفيه أقوال علماء الشرع، ثم يصعد درجة ثالثة لطرح الأفكار الغريبة المخالفة لأصول الدين وفطر المسلمين كقولهم: (أصل الإنسان قرد)! أو بإنكار الضروريات من الدين، كقول بعضهم: (أركان الإسلام خرافة، والصوم اختياري) وذلك باستخدام مفكرين متكلِّمين أو بإبراز كتب تمرر فكرتهم ككتب الحلاج وابن عربي وغيرهما.

ثم يصعدون درجة رابعة ليصرِّحوا أمام الناس أن الدين رجعي والموروث العلمي تقليدي، ثم يصعدون إلى السطح ليقرروا ما يريدون بوضوح من حريات مطلقة، وعقائد مزيفة، وأقوال منكرة، وتعددية حزبية، وثورة غربية أو حِراكات سياسية.

وفي كل مرحلة صعود تحدث هذه الأفكار المطروحة منهم؛ زعزعة وخلافات في المجتمع، تؤدّي إلى الشقاق بين المجتمع الواحد والتراشق بينهم من جهة، ومن جهة أخرى تؤدِّي أطروحاتهم إلى إثارة أصحاب الأفكار المتطرفة عليهم فيقومون بالطعن فيهم، فيستخدم العلمانية الدولة كترس فيظهرون نسبة أفكارهم للدولة وينسبون آراءهم إليها؛ مما يؤدِّي إلى رشق الجماعات التكفيريَّة للدولة، ورمي من لا علم عنده الدولة بالتهم والدولة بريئة من ذلك.

ثم يبدأ العلمانية بمرحلة خلط الأوراق والتصنيف فمن لم يكن معهم أو من ردَّ على أفكارهم فهو متشدِّد إخواني أو داعشي ولو لم يكن كذلك، ومن كان معهم أو أيَّد أفكارهم فهو معتدل تنويريٌّ ولو كان إخوانيًّا.

فهم الذين يبدؤون بإثارة الخلافات والنِّزاعات، ويتظاهرون بجمع الكلمة ونبذ الصراعات.

وهم من يسعى في تصنيف الناس وتقسيم المجتمعات، ويدَّعون في الظاهر محاربة التصنيف.

وهم الذين يمارسون الإرهاب الفكري، ويدَّعون في المنابر الحوار الفكري.

وهم الذين يستخدمون القمع والتخويف، ويدَّعون التسامح والتعايش السلمي.

وهم من يعيش الإخوان المسلمون تحت عباءتهم في حال ضعفهم، ويتظاهرون في الوقت نفسه بمحاربة التطرف والظلامية.